القيود الإسرائيلية تخنق الصناعة الفلسطينية
(بي بي سي):
علو الأتربة والغبار آلات دباغة الجلود في أحد مصانع مدينة الخليل المغلق أبوابه منذ سنوات. هذا المصنع هو واحد من مئات مصانع الجلود في الأراضي الفلسطينية المغلقة منذ عام 2000، نتيجة المشاكل المتزايدة التي تواجه صناعة الجلود حسب ما يقول العاملون في هذه الصناعة. وعلى رأس هذه المشاكل، الإجراءات الإسرائيلية المشددة على تصدير المنتج الفلسطيني ومنع دخول واستخدام عشرات المواد الأولية التي تدخل في الصناعات المحلية لأسباب أمنية.
إغلاق وشيك
زرت مصنعا أخر لدباغة الجلود في المدينة، يوشك على الإغلاق، بعد تراجع انتاجه بنحو 60% عن السنوات السابقة، الأمر الذي يثير مخاوف العاملين فيه. يقول صاحب المصنع فايز الزعتري :"السلطات الإسرائيلية منعتنا منذ 10 سنوات من استيراد مادة حامض الكبريتيك المركز"، والمعروف شعبياً باسم ماء النار "لأسباب تقول أنها أمنية، وذلك أثر علينا كثيراً من ناحية جودة منتجاتنا وأصبحنا نستعمل مواداً بديلة تزيد كلفتها 10 أضعاف عن الكلفة السابقة".
وتقدر وزارة الاقتصاد الفلسطينية خسائرها السنوية بـ 9 مليارات دولار، نتيجة ما تصفه بالقيود الإسرائيلية المفروضة على القطاعات الإنتاجية الفلسطينية تحديدا في المناطق المصنفة "ج " وتشكل أكثر من 62% من الأراضي الفلسطينية، الأمر الذي رفضت الحكومة الإسرائيلية التعليق عليه.
"الانفكاك التدريجي"
أطلق اسم "برتوكول باريس "-إتفاق باريس- منذ تسعينيات القرن الماضي على الجزء الاقتصادي من اتفاق أوسلو الشامل بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. ويتضمن البروتوكول 11 بنداً لتحديد العلاقات التجارية والاقتصادية بين الجانبين، وأعطى السلطة الفلسطينية هامشاً التعامل مع العالم، رغم تحديد تعاطيها الاقتصادي مع الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية مع اسرائيل.
كما نص على حق السلطة الفلسطينية في الحصول على أموال المقاصة والضرائب التي تقدر بنحو 250 مليون دولار شهريا تجبيها السلطات الإسرائيلية من المعابر والموانئ التي تسيطر عليها.
وحدد البروتوكول أحجام ونوعيات البضائع التي تدخل للأراضي الفلسطينية وفق ما يعرف بنظام الكوتا، إلى جانب جملة من التعاملات الاقتصادية المتبادلة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وكان من المفترض أن ينقل هذا الاتفاق السلطة الفلسطينية إلى مرحلة الاستقلال، وينتهي العمل به في مايو من عام 1999، الأمر الذي لم يتحقق.
وتتهم السلطة الفلسطينية إسرائيل بالتنصل من الاتفاق وفرض قيود على الاقتصاد الفلسطيني.
رفضت الحكومة الاسرائيلية الرد على الاتهامات الفلسطينية الأخيرة، كما رفضت قبل أعوام الموافقة على الطلب الفلسطيني بإعادة فتح "بروتوكول باريس" للتفاوض على بنوده، بما يتناسب مع حاجات الاقتصاد الفلسطيني.
ويقول رئيس المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار محمد اشتية: "لم تكن هناك رؤية فلسطينية جدية لسلخ العلاقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، رغم إدراكنا أن اتفاق باريس يكبل الاقتصاد الفلسطيني، ومع ذلك بقيت السلطة ملتزمة به في وقت لم تلتزم إسرائيل بشيء منه، لا يمكن معالجة الملف الاقتصادي بمعزل عن بقية الملفات السياسية والأمنية، قرارنا الوطني أن نذهب لانفكاك تدريجي متدحرج من اتفاق باريس".
فيديو قد يعجبك: