عودة النيجيريين الفارّين من "بوكو حرام" لديارهم وسط احتدام سباق الرئاسة
(أ ف ب):
كانت السنوات الثلاث الماضية بالنسبة للنازحة فادي علي بمثابة محنة عصيبة تسبب بها جهاديو بوكو حرام الذين قتلوا افراداً من عائلتها في شمال شرق نيجيريا.
تقول فادي (35 عاما) وهي أصلاً من نغوشي "لقد قتلوا زوجي وجدتي واثنين من أولادي".
والتقت فادي بقافلة للجيش نقلتها إلى إحدى مخيمات بولكا في المنطقة النائية في شمال شرق البلاد.
يقول بابا علي وهو أيضا من نغوشي، أن العديدين لا زالوا عالقين في جبال ماندارا حيث يقتاتون على جذور وأوراق الشجر ويعيشون في خوف من المسلحين المتطرفين الذين أقاموا قواعد لهم في كهوف بعيدة عن سيطرة الجيش.
ومع احتدام السباق الرئاسي قبل الانتخابات التي ستجري في فبراير، يشجع المسؤولون الحكوميون في ولاية بورنو، معقل التمرد الإسلامي، "عودة" مئات آلاف الأشخاص ويسهلون لهم عملية العودة إلى الولاية.
وفي حملته لاعادة انتخابه لولاية ثانية، يعمل الرئيس محمد بخاري على أن يظهر أنه وفى بوعده بهزيمة الإسلاميين، وقال مؤخراً أن المنطقة الشمالية الشرقية المدمرة تمر الآن في "مرحلة الاستقرار ما بعد النزاع".
ولكن الحقيقة هي أنه يتم إرسال الناس إلى مخيمات في ولاية بورنو التي لا تزال تشن فيها حركة بوكو حرام هجمات مدمرة ضد أهداف عسكرية ومدنية.
وبولكا هي حامية بنيت على غرار نموذج أصبح منتشراً في منطقة أقصى الشمال الشرقي في نيجيريا: مدينة مدمرة تحولت إلى قاعدة عسكرية حتى يتمكن الجنود من حماية مجموعة المخيمات وتتمكن المنظمات الإنسانية من توزيع المساعدات.
ولا يستطيع المزارعون ومربو الماشية من تجاوز التحصينات العميقة التي تحمي المخيم بمحيط خمسة كيلومترات، والناس محاصرون في منازلهم أو خيامهم من الساعة الخامسة مساء عند بدء حظر التجول.
من مخيم لمخيم
منذ أن دمرت بوكو حرام منزله قبل سنوات، انتقل آبا زكارا من مخيم إلى مخيم في شمال شرق نيجيريا، ولكن تم إبلاغ هذا المزارع مؤخراً أن بإمكانه مواصلة حياة عادية أكثر.
ولكن وبدلا من ذلك فقد انتهى به الأمر في إحدى مخيمات بولكا. قال زكارا الذي بدا أكبر من سنواته الواحدة والأربعين بسبب معاناته من التمرد الإسلامي المستمر منذ تسع سنوات "لقد تم إبلاغنا بأن الوضع الأمني أفضل هنا".
يقول فؤاد دياب منسق المساعدات الطارئة في منظمة الهجرة الدولية "يتم تجميع معظم النازحين في بلدات صغيرة يحميها الجيش ولكن ليس لديهم سوى فرص محدودة لكسب العيش".
ويضيف أن "الناس لا زالوا يواجهون صعوبات في الدخول إلى مزارعهم أو العودة إلى العمل".
على مشارف إحدى مخيمات بولكا الخمسة وعند سفح جبال ماندارا، وصلت أكثر من 50 عائلة من بانكي، البلدة التي تبعد 75 كلم.
ويجلسون في الظل بانتظار أن يتم تخصيص مأوى "مؤقت" آخر لهم.
ومثل الكثيرين في بولكا فهم لا زالوا بعيدين جداً عن بيوتهم في قرى صغيرة جدا لدرجة أن الجيش لا يمكنه حمايتهم من خطر غزوها من قبل مسلحي باكو حرام.
رغم أن الجيش النيجيري تمكن من إضعاف المسلحين منذ سيطرتهم على مناطق شاسعة في ذروة تمردهم في 2014، إلا أن هذه الجماعة الإسلامية المسلحة غيرت تكتيكاتها وتواصل أعمال العنف على شكل تفجيرات انتحارية وكمائن على الطرقات وعمليات خطف.
طلاء جديد
حتى في باما، البلدة النموذجية لمرحلة "ما بعد النزاع" في ولاية بورنو، حذر موظفو الإغاثة من سياسة الحكومة لإعادة النازحين.
قالت الحكومة إنها أعادت بناء 11 ألف منزل في المدينة، ولكن العديد من "العائدين" لا زالوا يعيشون في مخيمات، بحسب ما ذكر شهود عيان لوكالة فرانس برس.
معظم المنازل التي أعيد تجديدها حصلت على طلاء جديد فقط كعملية تجميل تخفي الأنقاض، كما أن الخدمات الأساسية لا تزال غير متوفرة.
وفي الحقيقة فإن الأمور تسير إلى الأسوأ وليس إلى الأحسن.
الجمعة قالت منظمة "أطباء بلا حدود" أنها بدأت في تقديم خدمات "طارئة" في المخيم المكتظ بعد وفاة 33 طفلا، العديد منهم بسبب سوء التغذية - في أول أسبوعين من أغسطس.
كما أن العديد من البلدات المخصصة "للعائدين" ليست جاهزة. فلا يوجد أطباء أو معلمون أو إداريون محليون.
قال دياب "مطلبنا الرئيسي هو تسريع عودة الموظفين والخدمات العامة إلى المناطق المحلية التي يسمح فيها الوضع الأمني بذلك".
وعلى أطراف بورنو وبولكا ومخيماتها الخمسة، ورغم نقص الموظفين الحكوميين إلا أن مظاهر الانتخابات تنتشر في الكثير من الأماكن.
فالأعلام باللون الأزرق والأبيض والأخضر لحزب بخاري الحاكم "حزب المؤتمر التقدمي" ترفرف في كل شارع، وتنتشر صور مرشحي الحزب المبتسمين على لافتات الطرق.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: