هل تقنع موسكو الغرب بالتطبيع مع الأسد؟
كتبت – إيمان محمود:
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالاً للكاتب البريطاني ديفيد جاردنر، قال فيه إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحاول إقناع الغرب بتطبيع العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد، وذلك مع اقتراب انتهاء الأزمة السورية بشكل لا رجعة فيه لصالح الاسد.
وقال جاردنر في مقاله؛ إن القوى الغربية والإقليمية التي تدخلت منذ 7 سنوات في الأزمة السورية لاتزال تقلل من إمكانياتها في الإسهام في العالم الجديد، مشيرًا إلى أن الحرب السورية ساعدت على تغذية النزعة الشعبية والانعزالية في الغرب.
وأضاف أن روسيا وإيران هما المستفيدون في سوريا - على الأقل في الوقت الحالي- فعندما اقتربت قوات الرئيس الأسد من الهزيمة عام 2012، أبقى الحرس الثوري الإيراني، وحلفائه من الشيعة على قيد الحياة، وأنقذت القوات الجوية الروسية نظام الأسد في سبتمبر 2015، عندما بدأت التدخل في سوريا لصالحه.
أما تنظيم داعش؛ فاقترب أيضًا من نهايته، بعد أن هزمه المقاتلون الأكراد في سوريا بدعم جوي من الولايات المتحدة، لكن أمريكا وحلفائها من الغرب -الذين يترددون دائما في التدخل في سوريا في حين أنهم يدعمون المعارضين السوريين- يريدون الخروج من سوريا.
ففي الاسبوع الماضي؛ قالت الولايات المتحدة وبريطانيا إنهما تقلصان التزاماتهما في سوريا، كما تتجه فرنسا إلى تقديم المساعدات الإنسانية التي تنقلها روسيا إلى سوريا، بحسب الكاتب.
واستطرد "يبدو أن الاتجاه الآن نحو تطبيع العلاقات مع نظام الأسد"، مشيرًا إلى أن تركيا التي وصلت معارضتها للأسد إلى أنها سمحت بأن تصبح أراضيها خط أنابيب للمعارضين المسلحين الذين يحاربون الجيش السوري، لكنها الآن دخلت في حلف ثلاثي مع إيران وروسيا.
فيما تحدث الكاتب عن موسكو –الشريك الرئيسي في هذا التوازن الجديد للقوة الإقليمية- والتي تشن هجومًا دبلوماسيًا من أجل "مناخ جديد من الاستقرار بقيادة الأسد يسمح بعودة ما يقرب من 6 ملايين لاجئ من خارج سوريا، والذي بدوره سيطلق العنان لتمويل من الاتحاد الأوروبي لإعادة إعمار سوريا".
وقال الكاتب إن بوتين دفع بهذه النظرية في اجتماعه الاخير مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي هزّت حكومتها الائتلافية سياستها فيما يخصّ اللاجئين، وهي حريصة الآن على رؤية إعادتهم إلى موطنهم، فيما يريد الكرملين إنشاء تحالف دبلوماسي جديد من أجل نظام الأسد، يجمع بين روسيا وتركيا وألمانيا وفرنسا.
لكن الكاتب يرى أنه ليس من الحكمة افتراض أن نظام الأسد سيكون موطنًا للاستقرار، إذ شنّ حربًا شاملة ضد سكانها السُنّة الذين يشكلون أغلبية الشعب السوري، والتي أودت بحياة نصف مليون شخص وأدت إلى تهجير نصف السكان.
وأضاف أن سياسات النظام السوري تصنع المتطرفين، بل وتستفيد منهم سواء عن طريق توجيههم إلى العراق بعد الغزو الأمريكي في عام 2003، أو إطلاق سراح مئات من القيادات الجهادية قبل اندلاع الأزمة السورية بقليل.
ووجه الكاتب كلمته لأولئك الذين يأملون أن يبدأ اللاجئون السوريون العودة إلى ديارهم، قائلاً "لا يبدو أن الأسد على علاقة جيدة بحلفائه، ويبدو أنه حريص على منع إعادة إحياء الديموجرافيا السنية التي كادت تطيح بنظام الأقلية".
وفي وقت سابق من هذا الصيف، كان من المقرر ترحيل 3000 سوري من لبنان، غير أن السلطات السورية لم تقبل سوى 400 شخص، عاد منهم 200 فقط في نهاية المطاف، أما البقية فقد رفضوا تفريق عائلاتهم بعد أن استبعد النظام الرجال والفتيان في سن القتال.
وطالب الكاتب بقياس ادعاءات روسيا بأنها يمكن أن تسهل عملية إعادة اللاجئين إلى وطنهم؛ كما هو الحال مع شكوى وزير الخارجية سيرجي لافروف في بيروت هذا الأسبوع بأن أسباب "ملفقة" تمنع السوريين من العودة، وتعرقل عملية إعادة البناء التي تريد موسكو من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة دفع ثمنها.
فيديو قد يعجبك: