ماذا سيفعل روبرت مولر مع ترامب؟ أصدقاء المستشار الخاص يجيبون
كتب - هشام عبد الخالق:
يواجه روبرت مولر، المستشار الخاص بالتحقيق في التدخل الروسي بالانتخابات الأمريكية عام 2016، موقفًا عصيبًا في الفترة القادمة، وينظر إليه الديمقراطيون باعتباره الأمل في إخراج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من البيت الأبيض.
ولكن ماذا سيفعل المستشار الخاص الذي كان طيلة عمره مؤيدًا للحزب الجمهوري؟ هل سيستدعي الرئيس للشهادة؟ هل سيوصي بتوجيه اتهامات له؟ هل سيكتب تقريره وينشره على الملأ؟ كل نتيجة من هؤلاء بإمكانها أن تُعيد تشكيل الانتخابات النصفية القادمة في نوفمبر، وتغير من مستقبل الرئاسة.
صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية حاولت الإجابة عن هذه الأسئلة والخطوة القادمة المتوقعة للمستشار الخاص مولر، وقالت في تقرير مطول السبت: "من يعرف مولر جيدًا يعرف أنه سيقوم بإصدار حكمه ليس بناء على الأحداث التي وقعت خلال الخمسة عشر شهرًا الماضية، بل بناء على خبرته طوال أربعة عقود من خدمة الدولة".
شهدت الفترة التي عمل بها مولر - كرئيس للنيابة العامة ثم مسؤول كبير بوزارة العدل وبعدها مديرًا لمكتب التحقيقات الفيدرالي - عدة دعاوى جنائية عنيفة، ولكن اللحظة الحالية ليست عادية حيث من الممكن أن يُصدِر حُكمًا ضد الرئيس نفسه، ويقول جلين كيرشنير، الذي عمل مع مولر في الماضي: "سيكون مولر آخر شخص يخرج عن المبادئ الأساسية للعمل"، والتحقيق الذي يقوم به مولر ليس مختلفًا في شيء عن طبيعة عمله - بحسب زملائه السابقين - لأنه سيلتزم بطريقته التي عمل بها طوال حياته.
وقالت مارلين هال باتيل، قاضية فيدرالية معتزلة في سان فرانسيسكو: "مولر لا يزال نفس الشخص الذي كان عليه في الماضي، ثابت وحَذر، وعلى الرغم من أنه ينتمي للحزب الجمهوري وأنا أنتمي للديمقراطيين، إلا أنني رشحته ليكون محامي الولايات المتحدة في سان فرانسيسكو عام 1998، لأنه كان نوعًا مختلفًا من الجمهوريين، النوع الذي يبقى في الذاكرة حتى الآن".
- تجميع فريق:
كان من أوائل الأشياء التي قام بها مولر عند توليه التحقيق الخاص بالتدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، هو تجميع فريق جديد من المدعين على مستوى الولايات المتحدة كلها، سواء كان هذا من زملائه القدامى الذين يثق بهم، أو من المدعين العامين الجدد ذوو السير الذاتية المبهرة، وتقول ميلندا هاج، محامية بولاية لوس أنجلوس والتي عملت مع مولر قديمًا: "إذا ما أتيحت لك الفرصة للعمل مع مولر، عليك باقتناصها، فهو أفضل شخص تتعلم منه".
مولر أصبح أعلى مدعي جنائي في البلاد في عهد إدارة بوش، وبذلك شَهد قضايا جنائية كبرى من ضمنها قضية تفجير طائرة والتي عُرفت باسم "قضية لوكربي" ونتج عنها 270 وفاة، وكذلك محاكمة رجل الجريمة جون جوتي، وفضائح فساد بنك الاعتماد والتجارة الدولي،
وبعد ذلك، عاد مرة أخرى ليمثل الدولة في واشنطن كمدعي جنائي في جرائم القتل، ويقول عن هذه الفترة: "أحب كل شيء عن التحقيقات.. أحب عمل الطب الشرعي وبصمات الأصابع وأغلفة الرصاصات".
في الفترة الحالية، يقود ترمب أكثر التحقيقات استقلالية في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، ففي خلال أكثر من سنة بقليل، استطاع اتهام 25 روسيًا بمحاولة التأثير على الانتخابات الأمريكية، وإدانة مدير حملة ترامب السابق باول مانفورت، وكذلك مسؤولين اثنين سابقين بالحملة، وكذلك مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق مايكل فلين.
ويقول أصدقائه القدامى عن تقلده منصب مدير الـF.B.I بعد أحداث 11 سبتمبر: "إن شخصيته ساهمت في كونه الرجل المناسب لقيادة المكتب، حيث كان مولر يتلقى إفادتين يوميًا واحدة في الصباح وأخرى في المساء، وكان يتواجد في الطرقات المكتب طوال الوقت صباحًا ومساءً، ليجبر عملاء المكتب والمحللين على العمل لساعات طويلة، ليستطيعوا مجاراة أسلوبه في العمل، وكان يركز بشكل كبير على العمل - على حساب كل شيء في حياته تقريبًا".
وتقول كريستينا أرجويديس، رئيسة اللجنة الاستشارية لمنصب المدعي العام في سان فرانسيسكو: "لم يكن مولر مهتمًا بالسياسات الداخلية، ولم يكن مهتمًا برأي الناس في أي شيء، ولا يحاول الحصول على حب الناس بأي طريقة كانت، بل يهتم فقط بأداء عمله".
القضية التي يواجهها مولر حاليًا سوابقها قليلة الحدوث في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن السياسة القانونية لوزارة العدل تقول إنه لا يمكن توجيه الاتهام لرئيس حالي ولا يمكن لوزارة العدل أن تعزله من منصبه، ولكن الكونجرس يمكنه عزله ومحاكمته بمقتضى سلطاته.
وعندما أعلن محامي ترامب، رودي جولياني، أنه تأكد من أن مولر سيلتزم بهذه السياسة، كان وقع الأمر طبيعيًا على من يعرف مولر منذ سنوات.
وتابعت أرجويديس، إذا كان لدى وزارة العدل قانونًا يمنعها من توجيه الاتهام للرئيس، سيكون على مولر أن يلتزم بهذا القانون، لأن هذه وظيفته، فهو ليس من النوع الذي يقول لا أهتم بالقانون".
وتقول الصحيفة، ربما كان هذا السبب في أن مولر لم يستدعِ الرئيس للشهادة حتى هذه اللحظة، وأثيرت بسببه التكهنات حول حدود السلطة التنفيذية لمدة ثمانية أشهر، فمولر لا يقول بمثل هذه الحركات بسهولة.
- ماذا سيفعل مولر:
لم يجرِ مولر أي مقابلات أو يعقد أي مؤتمرات صحفية خلال فترة عمله كمستشار خاص، وحتى عندما كشف ممثلو الادعاء عن تفاصيل الجهود الروسية للتأثير في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، ترك مولر نائب وزير العدل رود روزنشتاين يقوم بالحديث.
لدى مولر العديد من الخيارات لإنهاء تحقيقه، لكن جولياني، محامي الرئيس، قال إنه (مولر) يخطط لإصدار تقرير عن النتائج التي توصل إليها، على الرغم أن مكتب المستشار الخاص لم يؤكد هذا المسار، إن أي تقرير من هذا القبيل - وخاصة إذا كان طويلًا ومدمرًا مثل التقرير الذي نشره المستشار المستقل كين ستار حول الرئيس بيل كلينتون - من شأنه أن يزيد من احتمالية الذهاب للكونجرس من أجل إمكانية العزل، ويتطلب الأمر فقط أن يرسل مولر تقريرًا قصيرًا وملخصًا لروزنتشاين.
ولكن بالنظر إلى تاريخ مولر، نجد أنه سيترك الوثائق تتحدث بدلًا منه، وأنه سيتجنب المساهمة في العاصفة السياسية التي ستنتج بالتأكيد عن التقرير النهائي الذي يعده.
لطالما فضّل مولر أن يترك الآخرين يتحدثون نيابة عنه، وإذا استطاع كشف أدلة على أن ترامب ارتكب جريمة - في التحقيق الذي يجريه - فإنه سيحاول بشتى جهده أن يحاسبه، ولكن إذا لم تكن الأدلة قاطعة بشكل كبير فلن يكون متحمسًا لقص رواية مضللة لأن الرئيس طرف فيها فقط، وذلك طبقًا لزملائه السابقين.
وتقول هاج، إن تغريدات ترامب التي هاجم فيها وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي ضايقت المستشار الخاص بالتأكيد، ولكن بالنسبة لملاحظات الرئيس عن مولر وفريقه شخصيًا، فأنا أعتقد أن مولر لا يعرف شيئًا عنها".
واختتمت الصحيفة تقريرها بقول أرجويديس، سيكتشف مولر أي شيء خفيّ يمكن كشفه، وسيقوله بأكثر طريقة واضحة ممكنة ومحايدة، ثم سيختفي تدريجيًا لأنه قام بعمله، ولن يقوم بلقاءات تلفزيونية أو يؤلف كتابًا عن القضية".
فيديو قد يعجبك: