كاتب إسرائيلي: إقالة ترامب طريق مسدود وخيال علمي
كتبت - بسمة باهر:
تناول الكاتب الإسرائيلي آريل شنابيل في مقال بصحيفة "ماكور ريشون" الإسرائيلية احتمالات إقالة دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية والإجراءات التي يتطلبها عزله، ليؤكد أنها طريق مسدودة من كافة الجوانب والثغرات وأن إقالة ترامب نوع من الخيال العلمي.
وتحت عنوان: "الفرصة لعزل ترامب ضئيلة وتعتبر طريقا مسدودا" قال: إن إقالة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ليست شيئا معتادا فإن الآباء المؤسسين للولايات قد حرصوا في قوانينهم على إبقاء تلك المسألة الخاصة بالعزل غامضة مما جعل لها تفاسير مختلفة وفقا لكل شخص ولكل فترة زمنية.
وقد تجددت آمال أعضاء الحزب الديمقراطي من جديد في محاولتهم بالإطاحة المبكرة بترامب، بعد إقرار مايكل كوهين، محامي دونالد ترامب، بالتهم التي وجهت إليه والتي أدانت مدير حملته بول مانفورت، لكن اتضح من خلال تلك المحاولة أن إقالة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ليست بتلك السهولة بل تقريبا تكاد تكون مستحيلة.. ومع ذلك فمحاولة الإقالة ربما تلحق الضرر بأداء ترامب حتى الانتهاء من فترة ولايته..
قوانين غامضة
فقال الكاتب إن الآباء المؤسسين للولايات المتحدة نجحوا في إبقاء مسألة الإقالة غامضة ومرنة بما فيه الكفاية من أجل الحصول على تفسيرات مختلفة من فرد لفرد و من حقبة زمنية لأخرى من خلال القوانين، فعلي سبيل المثال المادة رقم 4 من الفصل الثاني من القانون الأمريكي- وفقا لكتاب "تاريخ الولايات المتحدة" تقول إن: "الرئيس وملازمه وجميع موظفي الخدمة المدنية الأمريكية يقالون من مناصبهم عندما تتم ضدهم إجراءات الإقالة وتتم إدانتهم بالخيانة أو تلقي الرشوة أو جرائم أو أخطاء أخرى خطيرة".. فإذا قلنا إن مسألة الخيانة وتلقي الرشاوى ربما تكون واضحة وفي الاستطاعة إثباتها فمن سيحدد ماهية الجرائم والأخطاء الخطيرة التي ذكرت في المادة؟
الإجابة عن هذا السؤال تتلخص في كلمة واحدة وهي "الكونجرس".. تلك المؤسسة السياسية العليا للولايات المتحدة الأمريكية؛ فهي صاحبة السلطة الأساسية لإقالة الرئيس من فترة ولايته وبقية كبار المسؤولين أيضا وهو يستخدم تلك السلطات بمقياس محدد.
في الواقع فإنه على مدى 240 عاما من إقامة الولايات المتحدة الأمريكية ترأس خلالها 45 رئيسا أقيمت إجراءات عزل ضد ثلاثة رؤساء فقط وهم: أندرو جونسون وريتشارد نيكسون وبيل كلينتون.
نيكسون قد بدأت إجراءات عزله عام 1974 بسبب قضية ووترجيت وقد استقال قبل أن تصل إجراءات العزل إلى محاكمة في مجلس الشيوخ..أما جونسون عام 1868 وكلينتون عام 1998 قد وصلا إلى مرحلة المحاكمة في مجلس الشيوخ لكنهما نجحا في منع تصويت ثلثي أعضائه لصالح العزل وقد تم إنقاذ جونسون من العزل بواسطة صوت واحد من الثلثين منع تنفيذ قرار العزل ضده!! مما يعني أنه لا يوجد أي رئيس أمريكي تمت إقالته من قبل المؤسسات المسؤولة عن ذلك - بحسب الكاتب.
فهل سيكون الموقف تجاه ترامب مختلفا؟
أشار الكاتب إلى الدعوات المطالبة بإقالة ترامب من قبل أن يؤدي اليمين وقد سبب انتخابه صدمة للحزب الديمقراطي، مما جعل خمسة من أعضاء مجلس الشيوخ يقومون بتقديم اقتراح لقانون وفقا له يجب على الرئيس المنتخب أن يتخلص من أي ممتلكات تابعة له لها روابط بالعوامل الخارجية، مثل الحكومات، فإنه في رأي الخمسة أعضاء أن ممتلكات دونالد ترامب الكثيرة وروابطه الاقتصادية مع حكومات مثل الصين تتعارض مع المادة 9 من الفصل الأول للقانون الأمريكي ونصها: "لا يجوز لأي رئيس قبول أي منحة أو راتب أو ولاية أو أي لقب وصفة من ملك أو حاكم أو دولة أجنبية".
إجراء معقد لعزل ترامب
وأردف الكابت لكي نحاول تقدير الفرصة لعزل ترامب سنشرح بإيجاز الإجراء المعقد الذي فقط عند إتمامه يتم عزل رئيس من الولايات المتحدة الأمريكية وهذا الإجراء مكون من أربع خطوات:
أولا- كل عضو من الـ435 عضوا من مجلس النواب يحق له تقديم "وثيقة اتهام" تقوم بالتصديق علي إجراء العزل ويتم إبراز الأسباب الموثقة في القانون بهذا الشأن.
ثانيا- يجب أن تقوم اللجنة القضائية بالكونجرس بالإشارة إلى أن لديها قبولا لتلك الاتهامات، وتلك النقطة تعد حاجزا ليس سهلا لعبوره.. فأغلب أعضاء هذه اللجنة لديها انتماء لحزب الرئيس الحالي وبسبب تلك الأغلبية سيعد كل من تسول له نفسه طلب عزل الرئيس معارضا!.. ولذلك الفرص ضئيلة للانتقال للخطوة الثالثة.
ثالثا- إذا تمكنا من عبور الخطوة الثانية ننتقل إلى الثالثة، وهي التصويت في مجلس النواب مما يعني أنه مطلوب أغلبيه من أعضاء الكونجرس للاستمرار في هذه العملية والموافقة على القرار والانتقال إلى المرحلة الرابعة.
رابعا- التحرك القضائي في المحكمة العليا ومجلس الشيوخ الذي يشمل شهود الدفاع والادعاء ولأدلة والشهادات والفئات القضائية ومحامو الدفاع ويقوم رئيس المحكمة العليا بالإشراف على هذا الإجراء وتلك هي الخطوة الأكثر تصاعدا وسيتم تمرير قرار العزل فقط إذا صوت له ثلثا المائة عضو في نهاية المحاكمة.. إلا أنه حتى اليوم يسيطر حزب ترامب على مجلس الشيوخ بعدد 52 عضوا في مقابل 46 ديمقراطيا واثنين مستقلين، لذا يجب على مؤيدي الإطاحة بالرئيس إقناع العشرات من أعضاء المجلس بالتصويت ضد رئيس من حزبهم.
وخلاصة القول إن فرصة الإطاحة بترامب (صفر) في الوقت الحالي. وربما تتغير نسبة فرصة عزل ترامب في 6 نوفمبر القادم بانتخابات نصف المدة في فترة ولايته لأنه سيتم حينها إعادة انتخاب جميع أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ، فإذا دخلت سيطرة ديموقراطية أحد المجلسين فإن فرص الرفض سوف تزداد إلا أن الخطوة الرابعة السابق ذكرها تتطلب أغلبيه عظمى من مجلس الشيوخ.
خيال علمي!
ويرى الكاتب أن هناك إمكانية أخرى للإطاحة بالرئيس دون الحاجة إلى التصديق من مجلسي الكونجرس وهي التعديل رقم 25 للدستور الأمريكي الذي صدر عام 1967 الذي نص على أنه لنائب الرئيس ومعظم أعضاء مجلس الوزراء السلطة لإعطاء تصريح كتابي لرؤساء الكونجرس ينص على إلغاء قدرة الرئيس على العمل بمنصبه وفي تلك الحالة سوف يتلقى علي الفور نائب الرئيس كل صلاحيات الرئيس المعزول إلا أنه على النقيض في صياغة النص ذاته فإنه يحق للرئيس أن يعترض على هذا ويقوم بإرسال اعتراضه إلى الكونجرس وفي هذه الحالة يستعيد صلاحياته إلا إذا أعاد نائب الرئيس ومعظم أعضاء مجلس الوزراء في خلال أربعة أيام تصريحهم الكتابي مرة أخرى بأن الرئيس غير مؤهل لمنصبه.. فتصبح القضية في هذه الحالة على عائق الكونجرس، وحينها يجب علي المجلسين البت في تلك المسألة خلال 21 يوما..
وبالطبع من الصعب الآن أن نرى مايك بنس، نائب الرئيس، ومعظم أعضاء مجلس الوزراء ولأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية يحاولون إقالة رئيسهم والأكثر صعوبة من ذلك هو رؤية ترامب يتنازل عن السلطة وأن يقوم أكثر من ثلثي مجلسي الكونجرس بالتصويت لصالح العزل.. فهذا بمثابة خيال علمي!
برغم أن البعض قد يرى إقالة ترامب ليست خيالية جدا بسبب استطلاع الرأي العام للجمهور، فإن اليوم الأول من الاستطلاع قد أكد أن نسبة مؤيدي عزل ترامب من المواطنين الأمريكيين أكثر من الثلث وهذا المعدل يتزايد باستمرار مع نشر المزيد من الأخبار حول علاقة ترامب بروسيا.. فإذا أصبح هناك أكثر من خمسين بالمائة من نسبة المستطلعة آراؤهم- مؤيدين لعزل ترامب، فستكون هناك فرصة كبيرة تجعل أعضاء الكونجرس يعيدون النظر في دعمهم له.. ذلك لأن أعضاء الكونجرس في حملات انتخابية مستمرة ويعتمدون ويهتمون دوما بالرأي العام - وفقا للكاتب الإسرائيلي.
فيديو قد يعجبك: