اليمن: عودة إلى نقطة الصفر بعد فشل محادثات جنيف
كتب – سامي مجدي:
سعى مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن السبت إلى الحد من فشل جولة مفاوضات السلام بين الأطراف المتحاربة في أفقر بلد عربي، وقال إنه سوف يتوجه إلى اليمن "في غضون أيام" في محاولة للاتفاق على موعد جديد، ما يشير إلى عودة الأمور إلى نقطة الصفر من جديد.
كان وفد الحكومة اليمنية قد وصل إلى جينيف يوم الأربعاء الماضي استعدادا للمحادثات التي كان مقررا بدئها الخميس، غير أن وفد جماعة أنصار الله (الحوثيين) رفضوا مغادرة صنعاء تحت زريعة أنهم لن يتلقوا ضمانات بعودتهم إلى العاصمة اليمنية.
وقال مارتين جريفيث في مؤتمر صحفي عقده في جينيف إن "عملية المشاورات بدأت. كان لدينا 3 أيام من المناقشات المثمرة مع وفد الحكومة اليمنية كما كان مخطط لها."
وأضاف أن المشاورات "سوف تتواصل في (العاصمة العمانية) مسقط وصنعاء."
وقال إن "الظروف لم تكن مواتية لوصول الحوثيين إلى جنيف... كانوا يودون الحضور إلى هنا. لم نهيئ أجواء مناسبة بما يكفي لإقناعهم بالحضور."
لم يحمل جريفيث أي طرف المسؤولية عن فشل بدء المحادثات. وقال إن إلقاء اللائمة على أي من الأطراف من شأنه ألا يساعد اليمن الذي يشهد حربا أهلية منذ اجتياح الحوثيين العاصمة صنعاء في 2014.
اتهامات متبادلة
وحمل وفد الحكومة اليمنية الجمعة الحوثيين، المدعومين من إيران، مسؤولية فشل انعقاد مشاورات جنيف.
ووفقا لبيان الوفد الذي نقلته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ نت)، استغرب "عرقلة الميليشيا الانقلابية انعقاد المشاورات التي تم تحديد موعدها بعد الكثير من الجهود والتشاور والتنسيق والمراسلات دون ان تذكر الميليشيا أيا من هذه العراقيل التي اختلقت عنوة في ليلة المشاورات."
ونقلت الوكالة عن مسؤول حكومي قوله، السبت، إن وفد الحكومة اليمنية غادر جنيف اليوم بسبب عدم حضور وفد الحوثيين.
وأضاف المسؤول "لم يعد من المتوقع مشاركة وفد الحوثيين في محادثات السلام بجنيف".
وقال وزير الإعلام اليمني أن توجيهات الرئيس عبد ربه منصور هادي للوفد الحكومي كانت واضحة بشأن التواجد في جنيف في الوقت المحدد بحثاً عن السلام، الذي يوقف نزيف الدم وينهي معاناة الشعب اليمني.
وأضاف: "لا أن "قائد ميليشيا الهلاك والدمار الحوثية وجّه بعدم سفر وفده لليوم الثالث على التوالي، مشترطاً خروج جرحى خبراء حزب الله والإيرانيين"، بحسب قوله.
غير أن رئيس ما يسمى باللجنة الثورية العليا لدى الحوثيين، محمد علي الحوثي، حمل التحالف العربي مسؤولية "إفشال مشاورات جنيف من خلال تعنته في منع تصريح لطائرة الوفد الوطني."
وقال الحوثي "عدم السماح للطائرة العمانية بنقل الوفد والجرحى انتهاك للقانون الإنساني"، حسبما كتب على تويتر يوم الجمعة.
كان الحوثيون يرغبون من نقل جرحى من المعارك الدائرة في اليمن للعلاج في طائرة عمانية قالوا إنها هي التي ستنقلهم إلى جينيف.
وقال التحالف إن هناك طائرة تابعة للأمم المتحدة جاهزة لنقلهم، غير أن الحوثيين طلبوا المغادرة في طائرة عمانية.
خلفت الحرب الأهلية في اليمن أكثر من 10 آلاف قتيل ودفعت الملايين منهم إلى حافة الموت جوعاً.
جذور الصراع
يعود جذور الصراع إلى انتفاضات ما يعرف بالربيع العربي عام 2011، عندما أجبرت انتفاضة شعبية الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، الذي كان في السلطة لفترة طويلة، على تسليمها إلى نائبه عبد ربه منصور هادي.
وكان من المفترض أن يجلب ذلك الانتقال السياسي الاستقرار إلى اليمن الذي يعد من أفقر دول الشرق الأوسط، لكن الرئيس هادي واجه صعوبات مختلفة بما في ذلك هجمات المتشددين والفساد وانعدام الأمن الغذائي واستمرار ولاء العديد من الضباط العسكريين للرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي تحالف مع الحوثيين فيما بعد ثم انقلب عليهم فقتلوه العام الماضي.
بدأ القتال عام 2014 عندما استفادت الحركة الحوثية من ضعف هادي، وسيطرت على محافظة صعدة الشمالية والمناطق المجاورة. ثم سيطروا على العاصمة صنعاء، الأمر الذي أجبر هادي على الفرار إلى الخارج.
وتصاعد الصراع بشكل كبير في مارس 2015، عندما بدأت تحالف عربي تقوده السعودية وتدعمه الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في شن غارات جوية ضد الحوثيين، بهدف هو استعادة حكومة هادي.
ولا تزال الحرب جارية إلى الآن.
كان الأمل – حتى لو كان ضئيلا - معقودا على جولة المحادثات الجديدة، وهي الأولى منذ فشل محادثات الكويت في 2016، في جلب الهدوء إلى اليمن ليلتقط المواطنين أنفاسهم وسط أزمة إنسانية خانقة.
عرضت الحرب 8.4 ملايين على الأقل من اليمنيين لخطر المجاعة و22.2 مليون شخص، أي 75 في المئة من السكان بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة.
ويهدد سوء التغذية الشديد حياه ما يقارب 400 ألف طفل دون سن الخامسة. وانهار النظام الصحي في اليمن الذي أدى إلى تفشي الكوليرا وتسبب في مقتل الآلاف.
فيديو قد يعجبك: