شاه إيران الامبراطور الذي تزوج أميرة مصرية ودفن في القاهرة
لندن (بي بي سي)
تصادف ذكرى خروج شاه إيران الراحل محمد رضا شاه بهلوي من البلاد دون عودة يوم 16 يناير 1979، بعد أن أصبح مقتنعاً بأن فرص بقائه في الحكم باتت ضئيلة في ظل تصاعد المظاهرات والاحتجاجات الشعبية الكبيرة في مختلف أنحاء البلاد ضد حكمه.
كما أن إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر لم تكن متحمسة كثيراً لحكم الشاه وكانت ترى فيه حاكما مستبداً وصاحب سجل سيء في مجال الحريات، لذلك لم تكن متحسمة للتدخل لصالحه كما حدث عام 1953 عندما أعادته المخابرات المركزية الأمريكية إلى الحكم وأطاحت بحكم الزعيم الوطني محمد مصدق.
الولاء للغرب
كان محمد رضا بهلوي المولود في طهران 26 أكتوبر 1919، مواليا للغرب خلال حقبة الحرب الباردة حيث كان يواجه خطر الحركات اليسارية الإيرانية الوطنية إلى جانب طبقة رجال الدين الشيعة وعلى رأسهم آية الله الخميني الذي نفاه الشاه إلى تركيا عام 1963.
كان الشاه محمد رضا الأبن الأكبر لرضا شاه بهلوي، وهو ضابط في الجيش أصبح حاكم إيران وأسس سلالة بهلوي في عام 1925.
تلقى محمد رضا تعليمه في سويسرا وعاد إلى إيران في عام 1935. احتلت بريطانيا والاتحاد السوفييتي السابق إيران عام 1941 وأجبرا الشاه على الخروج من إيران ونفيه إلى جنوب أفريقيا بسبب خوف البلدين من تعاون الشاه مع ألمانيا النازية وتزويده ألمانيا بالنفط خلال الحرب. وتم تسليم العرش لمحمد رضا في 16 سبتمبر 1941.
صعود مصدق
في أوائل خمسينيات القرن العشرين نشب صراع سياسي بين الشاه والشخصية الوطنية محمد مصدق. نجح مصدق في مارس 1951 في تمرير مشروع قانون في البرلمان لتأميم الثروة النفطية الكبيرة التي كانت تسيطر عليها بريطانيا.
تعاظمت سلطة مصدق بسرعة كبيرة، وبحلول نهاية أبريل/نيسان، أُجبر محمد رضا على تعيين مصدق رئيسا للوزراء. وتلا ذلك فترة من التوتر والصراع استمرت مدة عامين. في شهر أغسطس/آب 1953 حاول الشاه إقالة مصدق، لكنه أجبر على مغادرة البلاد تحت ضغط أنصار مصدق. لكن بعد عدة أيام، تمكن أنصار الشاه وبدعم سري من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، من إعادة محمد رضا إلى السلطة.
ورغم بقاء النفط مؤمما في إيران شكلاً، لكن الشاه أبرم عام 1954 اتفاقية لتقاسم إيرادات النفط مع الشركات النفطية البريطانية والأمريكية التي كانت تتولى إدارة انتاجه.
شرع الشاه وبمساعدة الولايات المتحدة في تنفيذ برنامج تنمية وطني على نطاق واسع، أطلق عليه اسم "الثورة البيضاء"، وشمل بناء شبكة طرق برية وسكك حديدية، ومطارات والعديد من السدود ومشاريع الري، وتم القضاء على أمراض مثل الملاريا، وتشجيع ودعم التنمية الصناعية، واستصلاح الأراضي.
معارضو التحديث
كما تم تشكيل فرق لمحو الأمية وأخرى لتقديم الخدمات الصحية لسكان الريف في المناطق النائية. خلال الستينيات والسبعينيات سعى الشاه إلى تبني سياسة خارجية أكثر استقلالية عن الغرب وأقام علاقات عمل مع الاتحاد السوفييتي ودول أوروبا الشرقية.
عززت الثورة البيضاء شعبية الشاه في الداخل، لكنه واجه معارضة أولا من قبل أولئك الذين رأوا أن الإصلاحات التي قام بها لم تكن كافية ومن قبل رجال الدين الذين كانوا يرون أن الاصلاحات تسير بالبلاد على خطى الغرب وتنافي الإسلام.
كما واجه حكم الشاه معارضة قوية بسبب طبيعة حكمه الاستبدادية، والفساد، والتوزيع غير العادل للثروة النفطية، وفرض قيم الحداثة، وقمع جهاز السافاك (الشرطة السرية). وتجلت سلبيات حكم الشاه بشكل ملحوظ بعد أن بدأت إيران في جني عائدات أكبر من صادراتها النفطية مع بداية عام 1973.
أدى الاستياء الواسع النطاق بين الطبقات الفقيرة، ورجال الدين الشيعة، وتجار البازار، والطلاب في عام 1978 إلى نمو شعبية آية الله الخميني الذي كان قد ترك العراق وانتقل إلى منفاه في باريس. وأدت أعمال الشغب والاضطرابات في المدن الإيرانية الكبرى إلى اسقاط أربع حكومات متعاقبة.
في 16 يناير 1979 غادر الشاه البلاد، وتولى الخميني زمام الأمور رغم أن الشاه لم يتنازل عن العرش رسميا إلا أن الاستفتاء الذي جرى لاحقاً مهد السبيل لإنشاء الجمهورية الإسلامية الإيرانية في 1 أبريل 1979.
رحلة المنفى
سافر الشاه إلى مصر والمغرب وجزر البهاما والمكسيك قبل دخول الولايات المتحدة في 22 أكتوبر 1979، لتلقي العلاج الطبي من سرطان الغدد الليمفاوية وبعدها بأسبوعين، استولى محتجون على السفارة الأمريكية في طهران واحتجزوا أكثر من 50 أمريكيًا كرهائن، مطالبين بتسليم الشاه مقابل الإفراج عن الرهائن. رفضت الولايات المتحدة الطلب، لكن الشاه غادر فيما بعد إلى بنما ثم إلى القاهرة، حيث مُنح اللجوء من قبل الرئيس المصري أنور السادات.
توفي الشاه في مصر في 27 يونيو 1980 في الستين من العمر وأقيمت جنازة عسكرية له حضرها السادات وجرى دفنه في مسجد الرفاعي في القاهرة.
تزوج الشاه عندما كان وليا للعهد من الأميرة فوزية ابنة ملك مصر فؤاد، وشقيقة أخر ملوك مصر فاروق عام 1939 وانتهى الزواج بالطلاق عام 1948 وعادت فوزية إلى مصر وتركت وراءها ابنتها الأميرة شهناز. في أكتوبر1960 انجبت زوجته الثالثة فرح ديبا ولي العهد رضا.
فيديو قد يعجبك: