وول ستريت جورنال: حركة الشباب الصومالية والحرب الأمريكية الطويلة
كتبت – إيمان محمود:
في الحادي عشر من يناير الجاري؛ أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) مقتل ضابط بالجيش الأمريكي يُدعى الكسندر كونراد، 26 عامًا، على يد حركة الشباب المتحالفة مع تنظيم القاعدة في الصومال. تسبب الحادث في مزيج من الحزن والغضب لدى الجنود الأمريكيين، الذين ودّعوا نعشه المُغطى بالعلم الأمريكي، الأسبوع الماضي، في رحلته الأخيرة إلى وطنهم، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" التي أكدت أن الجيش الأمريكي فقد الكثير من جنوده في الصومال.
وقالت الصحيفة الأمريكية إن حرب الولايات المتحدة ضد حركة الشباب في الصومال هي واحدة من أطول الحروب في التاريخ الأمريكي، وبدأت تتصاعد ببطء خلال 12 عامًا في صحراء منطقة القرن الأفريقي.
وأضافت أن هذه الحرب أثبتت أنها مُحبطة، إذ أنها مع تحقيق المكاسب لا انتصار فيها، ومع النكسات لا هزيمة فيها.
كانت حركة الشباب أعلنت الأسبوع الماضي، مسؤوليتها عن هجوم دام لـ18 ساعة، على مجمع فنادق بنيروبي في كينيا، راح ضحيته 21 شخصًا، من بينهم أمريكي واحد.
أشارت الصحيفة إلى أن الصومال تُعد ضمن سلسلة حروب تخوضها أمريكا منذ هجوم 11 سبتمبر، الذي استهدفت فيه القاعدة برجي التجارة ومبنى البنتاجون فيما فشلت في استهداف البيت الأبيض.
فمن أفغانستان وسوريا إلى النيجر واليمن، وغيرها من الدول في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، ينتشر جنود أمريكيين "بهدف محاربة المنظمات الإسلامية المُسلحة كحركة الشبا ب وداعش وطالبان، وفروع القاعدة في المغرب العربي أو شبه الجزيرة العربية"، على حد قول الصحيفة.
وقُتل أربعة أمريكيين في كمين نصبه تنظيم داعش في النيجر عام 2017، كما قُتل أحد جنود البحرية الأمريكية في ذلك العام خلال غارة في اليمن، بينما قُتل ستة من أفراد القوات الأمريكية في القتال الدائر في سوريا، في تفجير انتحاري في مطعم بمدينة منبج الحدودية مع تركيا يوم الأربعاء الماضي، بحسب ما أوردته الصحيفة.
وقالت الصحيفة إن الطبيعة الغامضة والمتقلبة للحروب الأمريكية في فترة ما بعد 11 سبتمبر، تُعد "أكثر وضوحًا مما هو الحال في الموقع العسكري الصغير الذي كان فيه الرقيب الكسندر كونراد في الصومال".
وأضافت: "الصومال تحتل مكانا مظلمًا في النفس الأمريكية".
وفي عام 1993، قُتل 18 جنديًا من القوات الأمريكية في معركة "بلاسقوط الصقر الأسود" أو "معركة مقديشو"، والتي اندلعت بين الجيش الأمريكي وقوات من الأمم المتحدة من جانب ومقاتلي العشائر في مقديشو، العاصمة.
وكانت النتيجة دخول قوات الأمم المتحدة للعاصمة الصومالية وبقاء الجيش الأمريكي فيها.
وفي مارس عام 1994، أعلنت الأمم المتحدة انسحابها من مقديشو بسبب تردي الأوضاع الأمنية والمعيشية في الصومال، ولحقها الجيش الأمريكي بعد أسبوعين.
لفتت الصحيفة إلى أن الانسحاب الأمريكي أعقبه أعمال قرصنة استهدفت السفن التجارية الأمريكية وغيرها في خليج عدن والمحيط الهندي.
وبدأ الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش نشر أعداد صغيرة من القوات الأمريكية في الصومال عام 2007، وشنت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما غارات جوية ضد قادة حركة الشباب.
أمل الرئيس الحالي دونالد ترامب أمر مؤخرًا بالانسحاب من سوريا وخفض حاد في أفغانستان، وفي الوقت نفسه ، أمر بتصعيد العمليات الهجومية ضد حركة الشباب. وضاعف البنتاجون حجم القوات الأمريكية على الأرض.
وتضاعفت الضربات الجوية الأمريكية ضد مواقع حركة الشباب والمقاتلين ثلاث مرات منذ عام 2016، إلى 47 في العام الماضي، ويقول الجيش الأمريكي إنه قتل 338 من مقاتلي "الشباب" في عام 2018.
كما تقول وزارة الدفاع الأمريكية إنها لا تزال ملتزمة بالصومال. في الأسبوع الأول من هذا العام، أفاد الجيش بتنفيذ خمس غارات جوية وقتل 26 مُقاتلاً حتى الآن.
خطوط المعركة
وتقول الصحيفة إنه كما هو الحال في أفغانستان ومالي والعراق وأماكن أخرى، كانت الاستراتيجية الأمريكية في الصومال أيضًا تتمثل في نشر قوة صغيرة نسبيًا من القبعات الخضراء التابعة للجيش الأمريكي، والقوات البحرية، وغيرهما من قوات الكوماندوز لتدريب القوات المحلية على تحمل وطأة القتال.
ونقلت الصحيفة عن جنرال مارك هيكس، قائد قوات العمليات الخاصة الأمريكية البالغ عددها 1200 في جميع أنحاء أفريقيا، قوله: "هناك قصة تقول إننا لا نحرز أي تقدم. نحن عالقون".
وأضاف: "أنا أفهم ذلك. أنا متعاطف مع حالة التقدم البطيء، لكن مع ذلك أعتقد أننا سنشهد تقدمًا".
ويعاني الصومال من تقاتل الجماعات المتنافسة على السلطة والموارد، بالإضافة إلى أن الحكومة المركزية هشّة وتواجه مشكلة حتى في تأمين العاصمة.
أكدت الصحيفة أن حركة الشباب استغلّت هذه الانقسامات، وازدهرت كرد فعل على غزو الصومال عام 2006 من قبل إثيوبيا ، ذات الأغلبية المسيحية.
وفي عام 2008، أدرجت الولايات المتحدة حركة الشباب على أنها جماعة إرهابية، وفي ذروة قوتها؛ سيطرت حركة الشباب على العاصمة الصومالية، مقديشو ، وعملت بفعالية كحكومة للصوماليين.
وفي عام 2011؛ قامت قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي بإقصاء الحركة من مقديشو، وما زال هناك حوالي 20 ألف جندي وشرطي من كينيا وأوغندا وبوروندي ودول أفريقية أخرى.
وسعت حركة الشباب إلى الانتقام من قوات حفظ السلام، وتحوّلت إلى حرب العصابات وتكتيكات الإرهاب لأنها فقدت سلطتها ونفوذها على الأرض، بحسب الصحيفة.
ووفقًا لتقديرات الجيش الأمريكي؛ فإن حركة الشباب قوامها ما بين 5 آلاف و10 آلاف مُقاتل، معظمهم من المناطق الريفية الجنوبية، وتمتلك نفوذًا على نحو 20 في المئة من الصومال.
ويقول رئيس الوزراء الصومالي حسن علي خيري: "ليس سرًا أن نؤكد مدى سوء دعم قواتنا ماليًا ومعداتها .. لكنهم قطعوا خطوات كبيرة."
تقول الصحيفة إن الجيش الصومالي مليئًا بالفساد لدرجة أن واشنطن توقفت عن دفع رواتبهم في عام 2017، وبدلاً من ذلك؛ تراهن الحكومتان على ما يُعرف بوحدة النخبة التي تسمى "البرق".
ونجحت هذه وحدات في الاستيلاء على أراضي من حركة الشباب، لكن الصحيفة أكدت أن الصومال يفتقر إلى قوة يمكن الاعتماد عليها، تكون قادرة على تأمين تلك المكاسب والسماح للخدمات الحكومية بالوصول إلى السكان المحليين.
فيديو قد يعجبك: