الانسحاب الأمريكي من سوريا.. خطوة تمهد لنزاعات أخرى
برلين (دويتشه فيله)
يعتقد الخبير والباحث بالشؤون السياسية والمختص بالملف الأمريكي، جوزيف برامل، أن دوافع جيوسياسية تكمن وراء خطوة الرئيس ترامب سحب قواته من شمال سوريا وتمهيد الطريق للهجوم التركي، فالأنظار تتجه صوب إيران، حسب رأي الخبير.
أنا ومن بعدي الطوفان؟ دونالد ترامب سحب الوحدات الأمريكية من شمال سوريا ومهد الطريق للهجوم العسكري التركي في المنطقة. وقوبل هذا القرار بانتقاد دولي. وقيل بأن ترامب غير مهتم بسياسة خارجية استراتيجية. لكن هذا غير صحيح على هذا النحو، كما يعتبر خبير الشؤون السياسية جوزيف برامل، لأنه يعتقد أن وراء انسحاب الوحدات الأمريكية قد تكون مصالح جيو استراتيجية.
"أن يتقوقع الآن ترامب في جحر داره، فهذا تفسير خاطئ"، يقول جوزيف برامل لـ DW. وبرامل هو مدير برنامج أمريكا لدى الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية. وحسب رأيه لا يرتبط الأمر بانسحاب الولايات المتحدة من منطقة الشرق الأوسط أكثر ما أن الولايات المتحدة عملت بسحب الوحدات البرية على التقليل من الهجمات المعادية، والتي قد تأتي من إيران.
وبرامل ينظر إلى سياسة سوريا للولايات المتحدة منة منظار ايران، لأنه في النزاع مع ايران لم يقل الأمريكيون كلمتهم الأخيرة. "أنطلق من أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد منع ايران بضربات وقائية كي لا تتسلح نوويا"، يقول جوزيف برامل.
وفي حال ما تحركت الولايات المتحدة الأمريكية بضربات جوية ضد ايران، فإنه يجب توقع ضربات معادية. فايران يمكن مثلا أن تستهدف الوحدات الأمريكية المرابطة في سوريا المجاورة. "إذا كان لدى الولايات المتحدة عدد قليل من الجنود في المنطقة، فإنه سيكون لها عدد أقل من الضحايا الذين قد تستهدفهم ايران في ضربة ثانية"، كما يقول جوزيف برامل.
عدم القدرة على تقدير خطوات ترامب التالية يصعب التكهن بها
وما يصعب التنبؤات المعقدة حول استراتيجية الشرق الأوسط الأمريكية هو انعدام القدرة على تقدير خطوات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التالية، حسب راي خبير الشؤون السياسية كريستيان هاكه. "ما يقول لا يتطابق البتة مع ما يفعل"، يقول هاكه في حديث مع DW بعد الهجمات على صناعة النفط السعودية. وهذا يصعب على أطراف النزاع في الشرق الأوسط تقييم الوضع.
وعقب انسحاب الوحدات الأمريكية أطلقت تركيا في شمال سوريا هجومها العسكري ضد ميليشيات وحدات حماية الشعب الكردية. والانعكاسات كبيرة الآن: فمعطيات منظمة الصحة العالمية تفيد أن الوحدات التركية ومعها الميليشيات المجاهدة المتحالفة معها أرغمت 200.000 شخص على الهجرة. وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن أكثر من 130 مقاتلا من القوى الديمقراطية السورية التي يتزعمها الأكراد و69 مدنيا قُتلوا.
ومن غير المحتمل أن لا تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد قيمت الانعكاسات المحتملة لانسحاب قواتها من المنطقة. لكن "المنطقة وكذلك الأكراد قد يتحولوا مرة أخرى إلى ضحية لمنافسة كبرى على النفوذ"، كما يقول برامل.
وفي النهاية يُذكر: الولايات المتحدة الأمريكية ضد الصين
وبذكر "المنافسة الكبرى على النفوذ" لا يعني خبير الشؤون السياسية فقط النزاع بين الولايات المتحدة وايران، بل يرتبط الأمر في آن واحد بالصين. "إذا تعلق الأمر بخلافات مع ايران، فإن ذلك متصل في الوقت نفسه بالصين". فالصين هي أكبر مشتري للنفط الايراني. كما أن التشابك مع ايران جزء هام من مبادرة طريق الحرير الصينية. وهذا المشروع من شأنه خلق ممرات اقتصادية من الصين إلى أوروبا وافريقيا.
وهذا لا يضفي شفافية أكبر على الوضع. فالمصالح المختلفة والفاعلون في الشرق الأوسط متداخلون بشكل وثيق. فانسحاب الوحدات الأمريكية من سوريا قد يكون له تقليل استراتيجي من أهداف الهجوم. وهذا سيكون مهما بالنسبة إلى الولايات المتحدة إذا حصل تصعيد عسكري مع ايران. ثم الصين ليست بعيدة، إذ يقول برامل:" إذا تم استهداف ايران، فإنه يتم أيضا استهداف الخصم الرئيسي الصين التي وجب عليها ضمان موارد التموين من هذه المنطقة".
فيديو قد يعجبك: