"الجوكر" وترامب.. لماذا أثار عدو باتمان اللدود الرعب بين الأمريكيين؟
كتبت- هدى الشيمي:
منذ الإعلان عن التحضير لفيلم جديد يعرض الجانب الإنساني لشخصية "الجوكر"، أحد أشهر الشخصيات الشريرة في عالم الرسوم المصورة، تلهف الجميع لمشاهدته وانتظروه بفارغ الصبر، خاصة وأنها شخصية مُثيرة للجدل، وما جعلها أكثر إثارة هو أن آخر من قدمها على الشاشة كان الممثل الأسترالي الراحل هيث ليدجر، وبرع في تجسيدها، حتى قيل إنه انتحر بعدها بفترة وجيزة لأنه لم يستطع الخروج منها والتغلب على حالة الاكتئاب التي أصابته بسببها.
ولكن بعد طرح الفيلم في دور العرض الأسبوع الماضي اهتم به كثيرون لأسباب مختلفة، وأثار ضجة كبيرة بعد الاتهامات التي وُجهت إليه بالحث على نشر الفوضى والعنف، ودعوات سياسيين محافظين في الولايات المتحدة إلى منع عرضه في بعض المدن، ووجد بعض النقاد أن الفيلم مرآة تعكس معاناة المواطنين في العالم من الفساد والدمار، وسيطرة النخبة على كل شيء وتهميش الآخرين.
مقر كل الشرور
لا ينتمي فيلم الجوكر إلى عالم الأفلام الخارقة، كما أنه بعيد كل البعد عن القصص المصورة. تقع أحداث الفيلم في فترة السبعينيات أو الثمانينيات، ولا يُخفى على أحد أن مدينة جوثام، حيث تقع الأحداث، هي مدينة نيويورك، والتي يقول عنها المخرج الأمريكي مايكل مور، في مقال نشره على صفحته بفيسبوك، إنها "مقر كل الشرور"، حيث يتحكم الأغنياء في كل شيء، ومركز البنوك والشركات التي تبتز المواطنين، ومرتكز وسائل الإعلام التي لا تقدم شيئاً يخدم الجمهور.
يرى مايكل مور أن هذا الفيلم لا يدور حول ترامب، وإنما حول المجتمع الأمريكي الذي سمح بظهور شخص مثله، بعد أن أصبح الأثرياء أكثر ثراء وقذارة.
قال المُخرج مايكل مور، إن الخوف والغضب المسيطرين على كثيرين بعد عرض الجوكر ليسا حقيقين، فهما إلهاء كي لا يرى الأمريكيون ما يشهده مجتمعهم من عنف يؤثر على حياة الملايين، والتحدث عن ترويج الفيلم للفوضى محاولة لصرف انتباه المواطنين عما تتعرض له ملايين النساء والأطفال من الاعتداءات، وانتشار أعمال العنف في الولايات المتحدة.
يُشير المُخرج الأمريكي إلى أن أغلب أعمال العنف التي تحدث في الفيلم يتعرض لها بطله الجوكر، وهو الشخص الذي يحتاج إلى المساعدة، شخص يحاول البقاء على هامش مجتمع جشع، يحاول المُضي قدماً والعيش في سلام رغم كل ما يتعرض له ويواجهه، حتى باتت الجريمة التي ارتكبها هي عجزه عن الحصول على مساعدة.
الهجمات التي تُشن على الفيلم ليست بسبب المشاهد الدموية أو تلك التي تعرض عنف وفوضى، ولكن لأن أي شخص شاهده سيشعر في قرارة نفسه بالرغبة في الاحتجاج والتصدي لما يظلمه. الخوف الذي يشعر به البعض من هذا العمل الدرامي، حسب المخرج الأمريكي مور، نابع من التعاطف الذي شعر به المشاهدين إزاء البطل، وهو الخصم اللدود للبطل الخارق باتمان، لأنهم شعروا بأن ما يعيشوه من أحداث قد تجعلهم هم أو أي شخص مُقرب منهم "جوكر".
استغلال المُهمشين
وفي مقال رأي نُشر بشبكة سي إن إن، قال الكاتب والمؤلف جيف يانج، إن أحداث الفيلم مُستمدة من حالة الاستياء التي يروج لها ترامب بخطابه العنصري أثناء تجمعاته الانتخابية، وتعد شخصية توماس واين، إحدى الشخصيات التي ظهرت في الفيلم وكان مدير والدة آرثر "الجوكر"، وهو رجل شديد الثراء مُتعجرف، يصف المُهمشين والفقراء في البلاد بـ"المُهرجين" ويعاملهم بطريقة دونية.
يقول الكاتب الأمريكي إنه في عام 1968 بعد فوز ريتشارد نيكسون برئاسة الولايات المتحدة، أرجع الكاتب والمؤرخ بيتر شراج هذا الانتصار إلى الأمريكيين المنسيين، مُشيرًا إلى أن الناخبين من الطبقة العاملة البيض الذين كانوا في يوم ما أبطال الحرب الأهلية، شعروا بأن هذا الرجل "نيكسون" سيعيدهم إلى دائرة الضوء مرة أخرى بعد أن باتوا أكثر الناس تهميشاً في بلادهم.
وخلال خطاب انتصاره في عام 2016، تحدث ترامب أيضًا عن "الرجال المنسيين" وأشاد بهم، لكن بينما أشاد شراج بموقف نيكسون من هذه الفئة، اتهم ترامب باستخدام عبارات رنانة، والتظاهر بأشياء غير حقيقية لتوليد طاقة غوغائية صاخبة يستفيد بها من أجل تحقيق مصالحه.
حسب سي إن إن، فإن هذه ليست المرة الأولى التي يصطدم فيها عالمي ترامب وفيليبس. بعد عرض فيلمه الأخير "War Dogs" قال فيليبس في مقابلة اُجريت معه إن الرئيس الجمهوري جزء من النظام الذي خلق العديد من المشاكل في العالم.
فيديو قد يعجبك: