إعلان

رابع انتخابات برلمانية.. هل تنتشل إسبانيا من مُستنقع الجمود السياسي؟

02:20 م الأربعاء 06 نوفمبر 2019

تشهد إسبانيا رابع انتخابات عامة خلال أربع سنوات

مدريد- ( د ب أ):

تشهد إسبانيا رابع انتخابات عامة خلال أربع سنوات الأحد المقبل، لكن من غير المرجح أن تؤدي الانتخابات الجديدة إلى استقرار بلد يعاني من تشرذم سياسي مثير وأزمة تزداد سوءا بسبب رغبة إقليم كتالونيا في الانفصال.

ويعود الإسبان إلى صناديق الاقتراع في 10 من تشرين ثان /نوفمبر الجاري بعد انتخابات جرت في أبريل ويونيو الماضيين، وديسمبر 2015، وأسفرت جميعها عن نتائج غير حاسمة وتركت حكومات الأقلية مسؤولة عن إدارة شؤون البلاد.

وقال فيدريكو سانتي، المحلل في مجموعة أوراسيا في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "اليوم في إسبانيا، هناك ثلاثة أحزاب يسارية، وثلاثة أحزاب يمينية، وثلاثة أحزاب كتالونية انفصالية .هذا الوضع يجعل من المستحيل من الناحية العملية تشكيل حكومة."

وبعد خروجها من حقبة ديكتاتورية فرانسيسكو فرانكو الطويلة في سبعينيات القرن الماضي، اسست إسبانيا ديمقراطية تناوب خلالها حزب العمال الاشتراكي (بي إس أو إي) وحزب الشعب المحافظ ( بي بي ) حكم البلاد. لكن المشهد السياسي تفسخ في السنوات العشر الأولى من عام 2010.

فعلى جبهة اليسار، صعد حزب يونيداس بديموس و حزب ماس بايس الذي تم تأسيسه حديثًا ليتحديا حزب العمال الاشتراكي ، بينما على جبهة اليمين يواجه حزب الشعب المحافظ منافسة من جانب حزب سيودادانوس (المواطنة) الليبرالي المعارض لانفصال كتالونيا والحزب الشعبوي اليميني بوكس .

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب العمال الاشتراكي بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته بيدرو سانشيرز سيفوز مرة أخرى بأكبر عدد من الأصوات في انتخابات الأحد المقبل ، لكنه لن يحصل على أغلبية ، في استنساخ لما حدث في انتخابات أبريل. ويتولى سانشيز حاليًا حكومة تصريف اعمال.

وفي الثالث من الشهر الجاري ،اظهرت استطلاعات الرأي حصول حزب العمال الاشتراكي على تأييد بنسبة 27 بالمائة وحزب الشعب المحافظ على 21 بالمائة وحزب بوكس على 14 بالمائة، وحزب بوديموس على 12 بالمائة وسيودادانوس على 9 بالمائة وحزب اليسار الجمهوري لكتالونيا (إي أر سي ) وماس بايس على 4 بالمائة لكل واحد منهما.

وتم الدعوة إلى اجراء الانتخابات لأن سانشيز لم يتمكن من تشكيل تحالف لبحكم البلاد مع حزب بوديموس أو سيودادانوس . وفي حال تكرر الجمود بعد انتخابات الاحد المقبل ، فإن حزب الشعب ربما يحاول تشكيل ائتلاف مع حزبي بوديموس وبوكس.

وبينما ارتفعت الارقام التي حصل عليها حزبا الشعب وبوكس في استطلاعات الرأي مقارنة بشهرابريل ، انخفضت الارقام التي حصل عليها حزب سيودادانوس ، ومن غير المرجح أن تحصل الأحزاب الثلاثة مجتمعة على أغلبية .

وهناك خيار ثالث في أن يسمح حزب الشعب وسيودادانوس بتشكيل حكومة أقلية بقيادة حزب العمال الاشتراكي، غير أنه ينظر إلى هذا الخيار على أنه احتمال بعيد. وفي عام 2016 ، تم حل جمود سياسي استمر عشرة أشهر من خلال اتفاق قضى بالسماح بتشكيل حكومة أقلية بقيادة حزب الشعب .

وما يتسبب في تعقيد الحسابات البرلمانية هو وجود عدد قليل من القوى الأصغر، معظمها اقليمية ، مثل الحزب القومي الباسكي (بي إن في ) وحزب اليسار الجمهوري لكتالونيا(إي إر سي ) .وفي الماضي تعاون الحزبان مع حزب العمال الاشتراكي ولكن القضية الكتالونية عقبة أمام تحقيق هذا التعاون.

ومنذ ثلاثة أسابيع مضت، أصدرت المحكمة العليا في إسبانيا أحكامًا بالسجن لمدد طويلة بحق الزعماء الانفصاليين الكتالونيين لقيامهم بتنظيم استفتاء غير قانوني على الاستقلال في عام 2017، وتضمنت الاحكام سجن زعيم حزب اليسار الجمهوري الكتالوني اوريول جونكويراس لمدة 13عاما.

وتسبب الحكم في اندلاع احتجاجات جماهيرية لعدة أيام في كتالونيا ، تحول بعضها إلى عنف. و من المتوقع اندلاع المزيد من المظاهرات عشية الانتخابات، مما يعيد قضية تسبب استقطابا عميقا في البلاد إلى دائرة الضوء على المستوى الوطني.

وفي كتالونيا، يمكن أن تقوي الاضطرابات المتطرفين المعارضين لأي تعاون مع حزب العمال الاشتراكي، بينما يمكن أن تغذي في بقية إسبانيا المشاعر المعادية لكتالونيا مما يصب في مصلحة حزب بوكس الذي يتخذ موقفا معارضا بشدة للحركات الانفصالية والمهاجرين أيضا.

وهناك قضية أخرى تؤثر على حملة الانتخابات تتمثل في إرث فرانكو ،بعد قرار حزب العمال الاشتراكي بإخراج جثمانه المحنط من ضريح ضخم مثير للجدل ودفنه في مقبرة عائلته المتواضعة. وتسببت هذه الخطوة في اعادة فتح جروح تاريخية ويمكن أن تؤدي إلى حشد الناخبين من اليسار واليمين.

ودخل حزب بوكس البرلمان لأول مرة في ابريل الماضي. ووفقا للمحلل في مركز تينيو انتيليجنس انطوينو باروسو ، يحقق حزب بوكس "صعودا مذهلا " وقد يكون في وضعية تمكنه من منافسة بوديموس على أن يصبح ثالث أكبر حزب في إسبانيا".

وخلال العقد الماضي ،الذي اتسم باستياء شعبي من الهجرة والتقشف، انهارت النظم القديمة القائمة على حزبين وظهرت قوى شعبوية جديدة في العديد من الدول الأوروبية بما في ذلك المانيا وفرنسا وبريطانيا.

أصبح تشكيل حكومة في الكثير من الديمقراطيات الاسكندنافية أمرا أكثر تعقيدا أيضاً منذ صعود الأحزاب الشعبوية ، وفي إيطاليا أيضًا، حيث لطالما كانت السياسة أكثر اضطرابا وفوضوية ، أعادت القوى الجديدة تشكيل المشهد السياسي.

لكن وفقًا لسانتي المحلل بمجموعة أوراسيا ، فإن إسبانيا متفردة إلى حد ما بسبب "الانقسام الثلاثي" في سياساتها، حيث تؤدي الانقسامات بين المؤسسة، والتوجهات المناهضة للمؤسسة والأنشطة النقابية، والنزعات الانفصالية إلى اتساع فجوة الانقسام التقليدي بين اليسار واليمين.

ورغم الاضطرابات السياسية ، ويعتبر أداء الاقتصاد الإسباني جيد إلى حد ما، حيث أظهرت بيانات إجمالي الناتج المحلي الأسبوع الماضي زيادة ربع سنوية بنسبة 0.4 بالمائة في يوليو- سبتمبر، وبذلك يكون الاقتصاد الاسباني واحدا من الاقتصاديات الأفضل أداء في منطقة اليورو.

مع ذلك، فإن هناك شكوكا فيما إذا كان بمقدور إسبانيا أن تحافظ على الازدهار في ظل جمود سياسي ، بصفة خاصة إذا حدثت مخاطر الركود في منطقة اليورو - وهو شيء محتمل على ضوء توقعات عالمية متأثرة بالحروب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست).

في مدريد، ربما تجد حكومة تصريف اعمال أو حكومة أقلية نفسها في صراع مع أزمة. واشار المحلل سانتي "في الوقت الحالي ، ليس الأمر سيئًا، لكن غياب حكومة بصلاحيات كاملة يمكن أن يكون بالتأكيد مشكلة أكثر خطورة".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان