"يرفض السرير".. كيف يتعامل البابا فرنسيس خلال الرحلات الجوية الطويلة؟
روما- (د ب أ):
عندما يصعد بابا الفاتيكان فرنسيس الأول على متن طائرة إلى السماء، فإنه لا يجلس على الكرسي البابوي، بل في درجة رجال الأعمال في مقدمة الطائرة. ويجلس خلفه أعضاء من حاشيته من الفاتيكان: كرادلة وأساقفة ومتحدثون رسميون وحراس شخصيون.
عندما يسافر البابا بالطائرة، يتبعه دائما حشد ضخم. بالإضافة إلى أولئك المذكورين سابقا، هناك مسؤول تنظيم رحلات البابا، ومسؤول الاحتفالات، و"وزير خارجية" الفاتيكان، الذي يكون على استعداد دائما لتقديم المشورة بشأن آداب السلوك في اللحظة الأخيرة.
ثم هناك مجموعة من الصحفيين في الجزء الخلفي من الطائرة.
وقام البابا فرنسيس بالعديد من الرحلات ذات المسافات الطويلة منذ تولي البابوية، حيث استغرق السفر في بعض الرحلات أكثر من 24 ساعة - وهي مهمة تتطلب جهدا بدنيا لأي شخص يبلغ من العمر 82 عاما. وعلى عكس العديد من قادة العالم، فإن رئيس الكنيسة الكاثوليكية لا يملك طائرة خاصة به.
وفي طريقه إلى وجهته، يستقل البابا دائما طائرة لشركة "أليتاليا" الإيطالية للخطوط الجوية. وعادة ما توفر شركة الطيران الوطنية في تلك الوجهة رحلة عودة البابا إلى روما.
ولكن، هل يتعين على البابا حشر جسمه في مقعد ضيق ومحاولة ضبطه بنفسه على وضع مريح للنوم مثلما نفعل نحن؟
تقول سيندي وودن، منسقة جمعية الصحفيين في الفاتيكان: "بالنسبة للرحلات الجوية الطويلة، اعتادت شركات الطيران على توفير منطقة خاصة صغيرة في مقدمة الطائرة مع سرير ليوحنا بولس الثاني وبنديكت السادس عشر". لقد استقلت وودن الطائرة مع بابوات الفاتيكان على مدار 30 عاما حتى الآن.
وتقول: "عندما كان فرانسيس يستعد لرحلته الأولى إلى ريو دي جانيرو، طلب من أليتاليا عدم القيام بذلك (أي عدم تجهيز سرير)". وحتى يومنا هذا، لا يزال يفضل الجلوس على مقعد عادي في درجة رجال الأعمال خلال الرحلات الجوية.
ولم يلمح أحد حتى الآن البابا وهو بملابس النوم. ولكن يقال إنه يخلع ثوبه الأبيض لينام ويبقى بالملابس الخاصة برجال الدين سوداء اللون، والتي يرتديها عادة تحت ردائه البابوي- وهو ما يزعج مسؤولي المراسم الذين يخشون أن يرى أحد رداءه الأسود .
وفي رحلة البابا إلى اليابان وتايلاند في نوفمبر 2019، كان يوجد نحو 70 صحفيا على متن الطائرة. وفي مرحلة ما، سار البابا في ممر الطائرة ليحييهم، حيث صافحهم واحدا واحدا ، بل وقبَّل بعضهم ممن يعرفهم منذ سنوات. وسأل عن أبنائهم، وأطلق النكات وبارك صور أشخاص مرضى من أقارب الصحفيين أو أصدقائهم أو زملائهم جلبوها معهم من أجل ذلك. وقدم كثيرون الهدايا له أو طلبوا منه توقيع تذكارات لهم أو أن يلتقطوا صورا شخصية (سيلفي) معه .
ويشكل الصحفيون من أنحاء العالم الذين يرافقون البابا دائرة ضيقة. وغالبا ما يكون صحفيون من صحيفة "نيويورك تايمز" ووكالات أنباء وهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) وشبكة "سي.إن.إن" الأمريكية على متن طائرة البابا .
وتعد الصحفية المكسيكية فالنتينا الأزرقي هي صاحبة أكبر سجل من المشاركة في الرحلات البابوية، حيث سجلت أكثر من 150 رحلة.
ويُعرف الصحفيون الذين دفعت مؤسساتهم الإعلامية مبلغا كبيرا لتمكينهم من الصعود على متن طائرة البابا باسم "VAMPs"- الإعلاميون المعتمدون في الفاتيكان.
وإذا كنت أحد هؤلاء الإعلاميين، فإنك تصبح جزءا من دائرة صغيرة للغاية. إذا كنت إعلاميا معتمدا في الفاتيكان في رحلة البابا إلى اليابان وتايلاند، فقد دفعت مؤسستك الإعلامية 5665 يورو (6280 دولارا). ولا يفصح الفاتيكان عن سبب هذا المبلغ الباهظ.
ولكن الصحفي المعتمد في الفاتيكان يرى أيضا البابا فرنسيس بلحمه وشحمه . وعلى متن الطائرة، يكون البابا رجلا ودودا .
وفي الطريق إلى بانكوك، تحدث مراسل فرنسي مع البابا حول زفافه الوشيك. وقال البابا له "إذن أنت في طريقك إلى السجن".
وعندما صاح الصحفيون بحماس وأرادوا استئذانه لاستخدام هذه الكلمات في تقاريرهم عن الرحلة ، وهم يسيل لعابهم على عنوان رئيسي جذاب، قال لهم: "لا، لا... إنها مجرد مزحة.
وفي رحلة العودة، أجاب البابا فرنسيس عن أسئلة الصحفيين في مؤتمر صحفي. وخرجت تصريحات أسطورية من هذه المؤتمرات مثل تصريح في عام 2015 قال فيه البابا إنه لا ينبغي على الكاثوليك أن يتناسلوا مثل "الأرانب".
وتقول وودي: "كانت هذه المؤتمرات خاضعة للسيطرة أكثر بكثير خلال عهد بنديكت السادس عشر. كان على الصحفيين أن يرسلوا أسئلتهم مقدما، ويقرر الفاتيكان على من سيجيب البابا". أما البابا فرنسيس فهو أكثر انفتاحا.
ولكن هذه المرة، قرر الفاتيكان أن الأسئلة لا يمكن أن تكون إلا عن الرحلة - إنه أمر مؤسف حقا. على سبيل المثال، لا يمكن سؤال البابا فرنسيس السؤال الأكثر إثارة حول ما إذا كان يريد الاستغناء عن السفر جوا في ضوء مشكلة تغير المناخ.
ورغم ذلك، قال البابا إن الأرض تواجه الانهيار بأيدي الإنسان. في العام الجديد، يخطط البابا لرحلات بعيدة، إلى جنوب السودان والعراق وإندونيسيا. من المشكوك فيه أن يتوجه إلى هذه البلاد على متن سفينة مثلما تفعل أيقونة مكافحة تغير المناخ، الناشطة السويدية الشابة جريتا تونبرج.
فيديو قد يعجبك: