"صمد الأسد.. وروسيا فازت".. كيف غيرت 50 مقاتلة روسية من دفة الحرب السورية؟
كتب - هشام عبد الخالق:
في صيف 2015، وبعد مرور أكثر من أربعة أعوام ونصف على بداية الحرب السورية، كان جيش الرئيس بشار الأسد متعبًا، وتراجع جنوده على كل جبهة تحت ضغط المتمردين، وكان يتحكم في أقل من ربع مساحة الدولة فقط، ولم يكن أمامه إلا أن يلجأ لصديقه المقرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
بوتين، سارع بتلبية طلب صديقه الأسد، وأرسل سربين من الطائرات المقاتلة الروسية لقاعدة حميميم في شمال غرب البلاد، وأنقذت تلك الحركة نظام الرئيس بشار الأسد.
صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، سلطت الضوء في تحليل جديد لكاتبها هاموس آريل على التدخل الروسي في الحرب السورية، وقالت: "إن هذا التدخل جاء في مرحلة كان فيها الجانبان قد استنفذا طاقتهما بالكامل، لذلك، كان عدد صغير نسبيًا من الطائرات كافٍ لتغيير دفة الحرب".
وتضيف الصحيفة، أن روسيا بدأت في استخدام طائراتها بشكل منهجي في هجمات عشوائية، وقصف للمناطق التي يسيطر عليها المتمردون. ولم يأبه طيارو روسيا بأي مخاوف قانونية أو حقوق إنسان.
ويشير الكاتب، إلى أن الروس لم يكونوا مبالين باتفاقيات جنيف أو باستنكارات المجتمع الدولي الذي كان يحتج على أفعالهم، ودمروا كل ما كان يقف في طريق النظام الذي استعاد السيطرة تدريجيًا على البلاد، على حساب أرواح مئات الآلاف من المدنيين السوريين.
وفي ديسمبر 2016، سقطت ثاني أكبر مدن سوريا، حلب، في قبضة الأسد تحت ضغط التفجيرات، وفي صيف 2018، استسلم المتمردون في مرتفعات الجولان المتواجدين على الجانب السوري من الحدود مع إسرائيل.
ويتحكم الأسد بشكل كامل الآن في 70% من أراضي سوريا، في منطقة تضم معظم المراكز السكانية الكبيرة. ويمتلك المتمردون معقل رئيسي واحد فقط تحت سيطرتهم، وهو جيب في منطقة إدلب شمالي البلاد، بين حلب والحدود التركية. فيما تقع منطقة في شمال شرق سوريا تحت سيطرة القوات الكردية التي لا يزعج وجودها الأسد بشكل كبير.
ويشير الكاتب، إلى وجود عاملين آخرين لعبا في مساعدة الأسد على الفوز بمعركته، كان أحدهما الحملة التي شنتها الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس آنذاك باراك أوباما، ضد داعش، بعد أن أعلنت عن تأسيس ائتلاف دولي لمحاربة داعش في صيف 2014، بعد سلسلة من عمليات الإعدام المروعة التي قام بها التنظيم الإرهابي بحق عدد من الرهائن الأجانب.
وهزم الأمريكيون، داعش من خلال عشرات الآلاف من الضربات الجوية بطريقتهم النمطية المعتادة. ومكن اختفاء داعش والمنظمات المرتبطة بالقاعدة التدريجي، النظام من التعافي. وفي الوقت نفسه، ركز الروس معظم هجماتهم الجوية على المناطق التي تسيطر عليها جماعات متمردة أخرى، معلنين أنهم بذلك يقدمون مساهمتهم في الحرب الدولية ضد الإرهاب.
العامل الثاني الذي يراه الكاتب سببًا في فوز الأسد بمعركته، له علاقة بالتدخل الإيراني. حيث وضعت إيران قواتها على الأرض تحت تصرف الأسد: عشرات الآلاف من مقاتلي الميليشيات الشيعية - حزب الله من لبنان وميليشيات من العراق وأفغانستان وباكستان. وبينما كان الجيش السوري يواجه صعوبات في توفير الجنود المدربين، كان المقاتلون الشيعة، برعاية إيران، بمثابة رأس الحربة في التحركات على الأرض، متممين بذلك الضغط الذي تقوم به روسيا على المتمردين من الجو.
الآن، وفي 2019، وبعد 8 سنوات من الحرب السورية، بإمكان الأسد أن يستريح قليلًا، بحسب الكاتب، وعلى الرغم من أن الحرب لم تنتهِ بعد بشكل كامل، إلا أنه يبدو أن الخطر الذي يهدد النظام تضاءل بشكل كبير، الوضع بالنسبة لجيب إدلب ثابت نسبيًا ولا يوجد في الوقت الحاضر أي احتكاك عسكري مستمر ومباشر مع الأكراد.
وعلى الرغم من أنه لا تزال مجموعات متمردة مختلفة، بما في ذلك جماعات مرتبطة بداعش، تنفذ هجمات إرهابية في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، ولكنها تضاءلت بدرجة كبيرة مقارنة بذروة الحرب.
ويرى الكاتب، أن دمشق أصبحت آمنة بشكل كبير، فعدة دول عربية - من بينها الإمارات- تجدد علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وتعيد فتح سفاراتها هناك، ويتم الترحيب مرة أخرى بممثلي الحكومة السورية في عواصم مختلفة، من بينها طهران وموسكو وأنقرة. وفيما يبدو أن أكبر قاتل جماعي في القرن الحادي والعشرين (حتى الآن) استطاع تفادي العقوبة. وليس هذا فحسب، بل حافظ على منصبه ويبدو أنه سيبقى به لفترة طويلة.
من الواضح من نتائج الحرب السورية، بحسب الكاتب، أن المستفيد الأكبر هو روسيا، فبوتين أثبت قدرته على الوقوف بجانب أصدقائه بغض النظر عن النقد الدولي، ويبدو أن روسيا، على الرغم من وعودها، ستبقى في سوريا لفترة طويلة قادمة لحماية مصالحها هناك (القواعد الجوية والبحرية)، وتثبيت أقدام نظام الأسد، والاستفادة اقتصاديًا من توقيع عقود إعادة بناء البلاد.
على الجانب الآخر، يقول الكاتب، إن الولايات المتحدة في طريقها للخروج، وأعلن الرئيس دونالد ترامب في ديسمبر الماضي، نيته سحب قواته من سوريا خلال بضعة أشهر، ولكن تسعى إسرائيل لإقناعه بتأجيل الانسحاب أو على الأقل إبقاء قاعدة التنف الجوية -الموجودة بالقرب من الحدود السورية مع العراق والأردن- تحت سيطرة الولايات المتحدة.
ويختتم الكاتب تحليله بقوله: "هذه قضية حرجة بالنسبة لإسرائيل، لأن القاعدة تقع على الطريق الرئيسي المؤدي من إيران إلى دمشق وبيروت عبر العراق. وطالما كان هناك وجود أمريكي، ستجد إيران صعوبة في نقل قوافل المقاتلين والأسلحة على طول هذا الطريق".
فيديو قد يعجبك: