بعد عزل البشير.. السلام في جنوب السودان "على المحك"
كتبت- رنا أسامة:
قالت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية إن السلام في جنوب السودان بات على المحك بعد عزل الرئيس السوداني عُمر البشير، وسط مخاوف من احتمالية عرقلة هذه الخطوة جهود السلام الهشّة في الجنوب المجاور الذي خاض حربًا أهلية لمدة 5 أعوام.
بعد لحظات من الإطاحة العسكرية للبشير أمس الخميس، ساد الضحك والتصفيق شوارع عاصمة جنوب السودان، جوبا، لكن ارتفع القلق في الوقت نفسه بشأن مصير اتفاق السلام الذي ساعد البشير في التواصل إليه بجنوب السودان العام الماضي.
قال المحلل السياسي والباحث بجامعة جوبا، جاكوب تشول، للأسوشيتد برس: "من السابق لأوانه الاحتفال"، مُرجّحًا أن يؤثر عزل البشير سلبًا على جنوب السودان، لأنه دفع الأطراف المتحاربة لتنفيذ اتفاق السلام لكنه لم يعُد بعد الآن رئيسًا.
على مدى عقود خاض البشير قتالًا مع جنوب السودان، الذي انفصل في النهاية عن الشمال عام 2011 وأصبح جنوب السودان، أصغر دولة في العالم. منذ الانقسام، مضى البشير قُدمًا ليُصبح أحد صانعي السلام واضعًا نُصب عينه على المنطقة الغنية بالنفط التي أصبحت الآن جزءًا من جنوب السودان، وفق أسوشيتد برس.
ورأى آلان بوسويل، كبير المحلليت بمجموعة الأزمات الدولية، أنه "إذا لم تعُد الخرطوم قادرة على بسط قبضتها على جوبا، سيتعيّن على قادة جنوب السودان تقرير ما إذا كانوا يريدون المُضي قُدمًا في عملية السلام، ورُبما يُصبح لِزامًا عليهم حينها القيام بذلك بمفردهم".
وواجه اتفاق السلام، الذي تم توقيعه في سبتمبر الماضي، تهديدات بالتأخير لأكثر مرة بسبب اندلاع القتال في جنوب السودان.
في غضون شهر، يُتوقع أن يعود زعيم المعارضة رياك مشار إلى جنوب السودان للعمل مُجددًا كنائب للرئيس سالفا كير، وهي خطوة باءت بالفشل أكثر من مرة بسبب القتال المميت. وفي خِضم ذلك لم تُنفذ بعد البنود الرئيسية في اتفاق السلام، بما في ذلك تعيين الحدود الداخلية وإنشاء جيش وطني موحد.
وحذّرت مجموعة الأزمة الدولية، وهي مؤسسة غير ربحية، في تقرير لها الشهر الماضي، من "تهديد بالغ الخطورة بانهيار الاتفاق".
في لفتة مؤثرة أمس الخميس، ركع البابا فرنسيس بعد خلوة روحية غير مسبوقة في الفاتيكان، لتقبيل أقدام زعماء جنوب السودان المتحاربين السابقين لتعزيز السلام في البلد الأفريقي وحثّهم على عدم العودة إلى الحرب الأهلية.
ونفت حكومة جنوب السودان أن يكون لعزل البشير تأثيرًا على استقراراها، بحسب الأسوشيتد برس.
وقال المتحدث باسم الحكومة، أتيني واك أتيني، إن "اتفاقية السلام لا تتوقف على شخص، لكنها كانت قائمة على المؤسسات". وأضاف: "من يحكم السودان بعد البشير شأن داخلي".
في شوارع جوبا، تجمّع الحشود للحديث عن عزل البشير ومُستقبل السودان. قال مارتن واني، هو رجل أعمال: "هناك أطفال قضوا كل حياتهم تحت حكم البشير.. مبروك للشباب في السودان، لا ينبغي أن يحكمهم ديكتاتور".
وفي الوقت ذاته، بعث بعض الجنوبيين رسائل سلام إلى جيرانهم. قال أكون كوال، ميكانيكي: "الحرب في أي مكان في العالم أمر ميؤوس منه. لقد حان الوقت للسودانيين الشمال والجنوب للعيش في سلام".
الاضطرابات الاقتصادية الأخيرة في السودان دفعت البعض للعيش في الجنوب. قال إسماعيل الطيب إنه وصل إلى جوبا منذ أربع سنوات لأنه كان الخيار الأفضل من العيش في الخرطوم. والآن بعد الإطاحة بالبشير، يفكر الطيب في العودة إلى دياره، بحسب أسوشيتد برس.
قال صاحب متجر سوداني عن القائد الذي جلس على رأس السلطة 30 عامًا: "لطالما عرفت أنه سيحين الوقت الذي يُصبح لِزمًا عليه الرحيل".
بعد الإطاحة بالبشير، أعلن وزير الدفاع السوداني، عوض محمد بن عوف، تأسيس مجلس عسكري لإدارة شؤون الحكم لمدة عامين، ما أغضب المحتجين الذين يريدون تغييرًا ديمقراطيًا وقادة مدنيين.
فيديو قد يعجبك: