بعد إخماد الحريق.. فرنسا تحشد الجهود لإعادة إعمار كاتدرائية نوتردام
باريس (د ب أ)
بدأت الحكومة الفرنسية في حشد الجهود لإعادة بناء كاتدرائية نوتردام الشهيرة في باريس اليوم الثلاثاء، وذلك بعد ساعات فقط من تدمير هيكل الكاتدرائية الذي يعود تاريخه إلى 850 عامًا بشكل جزئي في حريق مروع استغرق تسع ساعات لإطفائه.
وتعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الثلاثاء، بإعادة بناء كاتدرائية نوتردام التي دمرتها الحرائق في غضون خمس سنوات.
وقال ماكرون في خطاب متلفز للأمة اليوم الثلاثاء "هناك عمل ضخم يتعين القيام به لإعادة البناء ..سنجعل كاتدرائية نوتردام أكثر جمالا. يمكننا القيام بذلك."
وذكر ماكرون في ختام الخطاب "أشارككم حزنكم وأشارككم أملكم أيضا".
وأجرى رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب جولة وزارية من المشاورات بشأن إعادة الإعمار بحضور كل من وزير الثقافة فرانك ريستر ووزير الموازنة جيرالد دارمانين.
وأعلنت عمدة باريس آن هيدالجو عزمها عقد مؤتمر للمانحين لإعادة بناء الكاتدرائية بعدما انطلقت وعود لتقديم مساعدات بملايين اليوروات في التدفق لهذا الغرض.
وفي الوقت ذاته، تعهدت الشركات الفرنسية الكبرى وحكومة منطقة إيل دو فرانس وعاصمتها مدينة باريس بالمساهمة بمئات الملايين من اليوروهات في جهود إعادة الإعمار.
وأعلنت عائلة الملياردير بيتنكور مايرز وعملاق صناعة التجميل لوريال عن تعهد مشترك بتقديم 200 مليون يورو (226 مليون دولار) لإعادة بناء كاتدرائية نوتردام.
وقالت لوريال اليوم الثلاثاء في بيان إن عائلة بيتنكور مايرز ولوريال ستتبرعان بـ100 مليون يورو بينما ستتبرع مؤسسة "بيتنكور شولر فاونديشن" مع "الدعم الاستثنائي" من العائلة بالــ100 مليون يورو الأخرى.
وليس من الواضح ما هي التكلفة الإجمالية لإعادة الإعمار.
وفي وقت سابق اليوم الثلاثاء ، أعلن جابرييل بلو ، المتحدث باسم فرقة الإطفاء بالمدينة ، إن الحريق - الذي تم الإبلاغ عنه لأول مرة في حوالي الساعة 45ر6 مساءً (1645 بتوقيت جرينتش) مساء أمس الاثنين - قد تم إخماده بالكامل بعد "معركة مريرة" للسيطرة على النيران.
وتمكن رجال الإطفاء من إنقاذ الهيكل الحجري الأساسي للمبنى الذي يبلغ عمره 850 عاما، إلا أن الحريق الذي استمر لساعات أدى إلى تدمير سقف الكاتدرائية وأجزاء أخرى منها.
وقال بلو إن الحريق على السطح امتد حجمه إلى نحو 1000 متر مربع قبل احتوائه ، وأن رجال الإطفاء تمكنوا من الحفاظ على هيكل ذلك الصرح وإنقاذ أهم الأعمال الفنية في الكاتدرائية.
وأصيب اثنان من رجال الشرطة ورجل إطفاء بجروح طفيفة أثناء عملية الإطفاء.
وذكر وكيل وزارة الداخلية الفرنسية لوران نونيز أن المتخصصين وجدوا "بعض نقاط الضعف" في الكاتدرائية بعد الحريق ، خاصةً في القبة، ومع ذلك فإن الهيكل بشكل عام كان ثابتا.
وأعرب زعماء الدول في جميع أنحاء العالم عن تعازيهم وتعهدوا بتقديم الدعم.
وأعربت الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا وزوجها الأمير فيليب عن " حزنهما العميق" إزاء الحريق.
وقالت الملكة في رسالة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون" الأمير فيليب وأنا نشعر بحزن عميق لرؤية مشاهد الحريق الذي شب في كاتدرائية نوتردام".
وأضافت" قلبي مع الذين يتعبدون في الكاتدرائية وجميع شعب فرنسا وصلواتي لهم في هذا الوقت العصيب ".
وأرسل ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز رسالة منفصلة لماكرون، قال فيها إنه وزوجته كاميلا دوقة كورنوال شعرا بحزن عميق بعد علمها بالحريق المروع .
وقدم البابا فرنسيس بابا الفاتيكان صلواته وتضامنه مع الفرنسيين الكاثوليك وشعب باريس ، قائلا إنه يأمل في إعادة بناء الكاتدرائية.
وفي تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" ، قال المتحدث باسم الفاتيكان اليساندرو جيسوتي إن البابا "يقدم صلواته لجميع أولئك الذين يسعون جاهدين لمعالجة هذا الوضع المأساوي".
وعرضت روسيا تقديم المساعدة إلى فرنسا في عملية إعادة بناء الكاتدرائية، وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين " نحن لدينا بالفعل بعض من أفضل المتخصصين في العالم في ترميم الآثار التي تعود للقرون الوسطى.
ونقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن بيسكوف القول ، في إشارة لتعليقات أدلى بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين" سوف نكون على استعداد لإرسالهم إذا كان هناك حاجة لمساعدتنا".
وطالب رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك جميع الدول الـ 28 الأعضاء بالمجلس الأوروبي بالمساعدة في إعادة بناء كاتدرائية نوتردام، مشيرا إلى مسقط رأسه مدينة جدانسك البولندية، التي جرى إعادة بنائها بعد الحرب العالمية الثانية في أعقاب تعرضها لدمار كبير .
وقال توسك خلال جلسة للبرلمان الأوروبي بمدينة ستراسبورج الفرنسية " أنتم أيضا سوف تعيدون بناء كاتدرائيتكم" مضيفا " أدعو جميع الدول الـ28 الأعضاء بالاتحاد المشاركة في هذه المهمة".
وأضاف" أعلم أنه بإمكان فرنسا القيام بهذه المهمة بمفردها، ولكن ما نتحدث عنه هو أمر أكبر من المساعدة المادية" موضحا" ما يجمعنا أمر أكثر أهمية وأكثر عمقا من المعاهدات".
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" إن برلين على استعداد لتقديم دعمها لباريس .. صديقتها المقربة.
وكتب المتحدث باسم الحكومة، شتيفن زايبرت، على حسابه بموقع تويتر قائلا: "من المؤلم رؤية هذه الصور المرعبة لنوتردام وهي تحترق"، مضيفا: "نوتردام أحد رموز فرنسا وأحد رموز حضارتنا الغربية، نشاطر أصدقاءنا الفرنسيين أحزانهم".
وناشد الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير المواطنين بألمانيا وجميع أنحاء أوروبا دعم إعادة بناء كاتدرائية نوتردام بعد الحريق المروع الذي شهدته مساء أمس الاثنين.
وقال شتاينماير اليوم الثلاثاء بالعاصمة برلين: "إنها ليست مجرد صرح كبير، إنها رمز أوروبي عظيم، رمز للحضارة الأوروبية وموثق مهم للتاريخ الأوروبي".
وأضاف الرئيس الألماني قائلا: "فرنسا ليست بمفردها في هذه اللحظة. الفرنسيون قريبون منا في هذه اللحظة تحديدا"، مؤكدا أن مشاهد الحريق لن تدع شخصا في أوروبا إلا وهزته .
وأعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مواساته لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في أعقاب الحريق ووصف فرنسا بأنها "أقدم حليف للولايات المتحدة".
وفي رسالة من البيت الأبيض، أشار ترامب إلى أن أجراس نوتردام قرعت يوم 12 سبتمبر عام 2001، في أعقاب الهجمات الإرهابية في نيويورك وواشنطن، في نوع من التضامن عبر المحيط الأطلسي.
ووفقا للبيان، الذي اختتم بعبارة "تحيا فرنسا، قال ترامب إن "تلك الأجراس ستقرع من جديد. نحن نقف مع فرنسا اليوم ونعرض مساعدتنا في إصلاح رمز الحضارة الغربية هذا الذي لا يعوض".
فيديو قد يعجبك: