مؤتمر المنامة| رفض فلسطيني ومشاركة سعودية وإماراتية وقطرية
كتبت- رنا أسامة:
أجمعت الفصائل الفلسطينية على الرفض القاطع لمؤتمر "السلام من أجل الازدهار" الاقتصادي المُزمع عقده في البحرين، داعية إلى مُقاطعة المؤتمر الذي يُمثّل الخطوة الأولى للإعلان عن خطة السلام الأمريكية المعروفة بـ"صفقة القرن".
كانت الولايات المتحدة دعت، الأسبوع الماضي، إلى عقد المؤتمر الاقتصادي للتشجيع على الاستثمار في المناطق الفلسطينية بالعاصمة البحرينية، المنامة، يوميّ 25 و26 يونيو المُقبلين.
رفض فلسطيني: "لا للمُقايضة والتطبيع"
وأعلن الجانب الفلسطيني رفضه القاطِع للمؤتمر، مُعتبرًا أن "السلام الاقتصادي رؤية إسرائيلية" لن تجلب الأمن ولا تشكل حلًا سياسيًا يُنهي الاحتلال. وجاء الرفض من قِبل السلطة الفلسطينية وكبار رجال الأعمال الفلسطينيين على حدٍ سواء.
وقال رئيس الحكومة الفلسطينية، محمد اشتيه، الاثنين الماضي، إن "حل الصراع في فلسطين بجب أن يكون سياسيًا وقائمًا على إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة والقابلة للحياة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس".
وأضاف اشتيه، في اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي بمدينة رام الله، أن "القيادة الفلسطينية لم تُستشر حول الورشة لا من ناحية المُدخلات ولا المخرجات ولا التوصيات ولا حتى الشكل والمضمون".
وأشار إلى أن "الأزمة المالية التي يعيشها الفلسطينيون نِتاج الحرب المالية التي تُشن عليهم بهدف الابتزاز السياسي"، مؤكدًا أنهم لن يرضخوا لهذا الابتزاز ولن يقبلوا مُقايضة مواقفهم الوطنية بالمال.
وشدّد المتحدث باسم السلطة الفلسطينية، نبيل أبوردينة، على أن "أي خطة اقتصادية بلا آفاق سياسية لن تقود إلى السلام"، مؤكدًا أن أي اقتراحات دون قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية مرفوضة.
واعتبر عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عباس زكي، أن المؤتمر يأتي في إطار ما يُعرف بـ"السلام الاقتصادي" الذي دعا إليه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو منذ زمن، موضّحًا أنه بداية الإعلان عن "صفقة القرن" الأمريكية، وهدفه تصفية القضية الفلسطينية، حسبما قال لصحيفة "دنيا الوطن" الفلسطينية.
فيما رأى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبويوسف، أن "أي شخصية قد تحضر المؤتمر ستكون معزولة عن الموقف الفلسطيني الوطني".
كما طالبت حركة حماس الدول العربية بمقاطعة مؤتمر البحرين، الذي وصفته بـ"المهزلة"، والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني لمواجهة الخطة الأمريكية وإفشالها، داعية البحرين إلى "رفض تدنيس أراضيها من قبل العدو الصهيوني قاتل الفلسطينيين"، بحسب بيان نقلته وسائل إعلام محليّة.
وأكّدت حماس رفضها لأي خطوات اقتصادية أو سياسية من شأنها تمرر أو تمهد لتنفيذ "صفقة القرن"، وقالت إن محاولات واشنطن لتصفية القضية الفلسطينية "تفتح الباب لدورات عنف جديدة في المنطقة".
وعلى المِنوال ذاته، اعتبرت فصائل المقاومة في غزة أن مؤتمر البحرين "خطوة تطبيعية مرفوضة ومدانة، تهدف إلى تغيير مفهوم العداوة في المنطقة مما يشرعن وجود الاحتلال"، بحسب بيان تناقلته وسائل إعلام محلية.
ولم يختلف موقف رجال الأعمال الفلسطينيين كثيرًا عن موقف الساسة؛ إذ اعتذر العديد ممن وُجّهت إليهم دعوات عن حضور المؤتمر، من بينهم رجل الأعمال الفلسطيني بشار المصري، مؤسس مشروع روابي، أول مدينة فلسطينية مخطط لها في الضفة الغربية.
وحمل رجال الأعمال الفلسطينيين الرافضين رسالة موحّدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مُفاداها: "احتفظ بأموالك".
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن إبراهيم برهم، الرئيس التنفيذي لشركة صفد للهندسة والإلكترونيات، إحدى شركات التكنولوجيا في الضفة الغربية، قوله: إن "هذا المؤتمر سيدمر رغبة أي مستثمر يرغب بالقدوم إلى فلسطين، هذا المؤتمر لن يؤدي إلى حل، تلقينا دعوة لحضور المؤتمر، ولكننا نقول لترامب شكرًا جزيلًا لدعوتك.. لن نحضر".
كما وصف رجل الأعمال الفلسطيني الأمريكي، زاهي خوري، الذي يمتلك امتياز كوكاكولا في الضفة الغربية وقطاع غزة، ما يجري بأنه "مكافأة مفضوحة" . وكتب على حسابه عبر فيسبوك: "البيت الأبيض يهين الفلسطينيين من خلال التحدث عن مستوى معيشتهم قبل تلبية تطلعاتهم الوطنية".
وقال عرفات عصفور، رئيس مجلس إدارة مركز التجارة الفلسطيني (بال تريد)، الذي يضم أكثر من 300 عضو في الضفة الغربية وغزة، إن المشكلات السياسية التي لم يتم حلها، مثل القيود الإسرائيلية المفروضة على حركة البضائع والأفراد في الأراضي المحتلة، هي التي تحول دون الاستثمار الأجنبي منذ فترة طويلة.
وقال إبراهيم برهم، الرئيس التنفيذي لشركة صفد لتكنولوجيا المعلومات، التي تتخذ من رام الله مقرا له: "إنهم يتخذون جانب إسرائيل، على الصعيد السياسي، ويريدون التحدث معنا في القضايا الاقتصادية فحسب. لكن ذلك ليس مسارا صحيحًا".
في المقابل، ذكرت صحف إسرائيلية أن أحد رجال الأعمال الفلسطينيين على الأقل، وهو أشرف الجعبري من مدينة الخليل، تجاهل دعوات المقاطعة وقبل الدعوة لحضور المؤتمر.
البحرين: ندعم القضية الفلسطينية
من جهته، أكّد وزير خارجية البحرين، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، موقف بلاده الداعم للقضية الفلسطينية، موضحًا أن استضافة المنامة للمؤتمر الاقتصادي للاستثمار في الأراضي الفلسطينية ليس له أي أهداف سوى تعزيز موارد الشعب الفلسطيني.
وكتب الوزير البحريني عبر تويتر: إن "موقف مملكة البحرين الرسمي والشعبي كان ولا يزال يناصر الشعب الفلسطيني الشقيق في استعادة حقوقه المشروعة في أرضه ودولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، إضافة إلى دعم اقتصاد الشعب الفلسطيني في كل موجب دولي وثنائي".
1) موقف مملكة البحرين الرسمي و الشعبي كان و لا يزال يناصر الشعب الفلسطيني الشقيق في استعادة حقوقه المشروعة في ارضه و دولته المستقلة و عاصمتها القدس الشرقية ، اضافة الى دعم اقتصاد الشعب الفلسطيني في كل موجب دولي و ثنائي .
— خالد بن أحمد (@khalidalkhalifa) May 21, 2019
3 دول أعلنوا المشاركة
وفي خِضم الرفض الفلسطيني لمؤتمر البحرين، أعلنت كل من السعودية والإمارات وقطر مُشاركتهم في المؤتمر.
قالت وكالة الأنباء السعودية (واس) إن وزير الاقتصاد والتخطيط، محمد بن مزيد التويجري، سيُشارك في المؤتمر؛ "استمرارًا لمواقف المملكة العربية السعودية الثابتة والداعمة للشعب الفلسطيني الشقيق، ولما يحقق له الاستقرار والنمو والعيش الكريم، ويحقق آماله وطموحاته، وبما يعود على المنطقة بشكل عام بالأمن والاستقرار والرخاء".
كما أعلنت الإمارات مُشاركتها في مؤتمر المنامة. وأكّدت في بيان صحفي أنها " تدعم جميع الجهود الدولية الرامية إلى دعم التقدم الاقتصادي وزيادة الفرص في المنطقة، وتخفيف معاناة الناس، وخاصة إخواننا في فلسطين"، فضلًا عن دعمها لإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
وفي حين لم تُعلِن قطر رسميًا مُشاركتها في المؤتمر، نقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن مصدر مشارك في تنظيم الورشة الاقتصادية، قوله إن "قطر هي الدولة الثالثة التي تؤكد مشاركتها بعد السعودية والإمارات العربية المتحدة".
وأصدرت وزارة الخارجية القطرية بيانًا، في وقت مبكر أمس السبت، قالت فيه: "لن تدخر قطر أي جهد للمساهمة في مواجهة جميع التحديات التي تواجه المنطقة العربية ككل، مع الحفاظ على مواقفها المبدئية الثابتة ومصالح الشعب العربي العليا بما في ذلك الشعب الفلسطيني الشقيق".
وأضافت: "ترى دولة قطر أن هناك تحديات اقتصادية واستثمارية جمّة يرتبط بعضها بمشكلات هيكلية في البنية الاقتصادية والمؤسسية لدول المنطقة ويرتبط بعضها الآخر بالظروف الجيوسياسية الإقليمية والدولية، لذا فإن المعالجة الناجحة لهذه التحديات تتطلب صدق النوايا وتكاتف الجهود من اللاعبين الإقليميين والدوليين وأن تتوفر الظروف السياسية الملائمة لتحقيق الازدهار الاقتصادي".
ولم تُدلِ أي دولة عربية أو خليجية أخرى بموقفها من المؤتمر إلى الآن.
لكن يُتوقّع، وبحسب "هآرتس"، أن يمثل وزراء المالية أو الاقتصاد وفود الدول المُشاركة.
فيديو قد يعجبك: