من خصم إلى صديق.. لماذا انحازت تركيا إلى روسيا رغم غضب أمريكا؟
كتب – محمد عطايا:
تصاعد التوتر مؤخرًا، بين الولايات المتحدة وتركيا، بسبب إصرار الأخيرة على شراء صفقة "إس 400" الروسية الصاروخية، ما جعل واشنطن تصدر العديد من التهديدات لأنقرة، إذا ما تمت الصفقة.
ورغم التهديدات، إلا أن الكرملين أعلن اليوم الثلاثاء، أن موعد تسليم تركيا منظومة إس 400 الصاروخية، سيتم بحلول الشهر المقبل.
وردًا على استمرار الجانبين (الروسي والتركي) في إتمام الصفقة، أكد مسؤولون أمريكيون أن تدريب الطيارين الأتراك على مقاتلات "إف 35" توقف على نحو أسرع من المتوقع في قاعدة جوية أمريكية بولاية أريزونا.
كما أمهلت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، تركيا حتى الـ 31 من يوليو المقبل، للتخلي عن شراء أنظمة "إس 400" الصاروخية الروسية للدفاع الجوي.
في المقابل، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استمراره في شراء الصفقة الروسية، قائلًا: "إنه ما من مجال لانسحاب أنقرة من اتفاقها مع موسكو".
يبدو أن تركيا وروسيا قررا تجاوز جميع الخلافات القديمة التي ازدادت بشكل كبير في العام 2015، مع إسقاط أنقرة طائرة حربية تابعة لموسكو، والبدء من جديد، بالدرجة التي أصبح فيها تركيا لا تخشى إغضاب واشنطن.
كيف تطورت العلاقة؟
قبل العام 2015، شهدت العلاقات التركية الروسية ازدهارًا كبيرًا، خاصة بعدما تولى حزب العدالة والتنمية السلطة في البلاد، إلا أن تطور الأوضاع في سوريا بعد الثورة، واختلاف الأهداف جعل من الصراع بين البلدين ممكنًا.
خلال إحدى الغارات الجوية الروسية على معاقل الإرهابيين في سوريا، في نوفمبر العام 2015، وأثناء عودة المقاتلة من نوع "سوخوي 24" تخطت الحدود التركية، ما جعل السلطات في أنقرة تصدر أوامرها بإسقاط الطائرة دون تردد وقتل الطيار.
ردت روسيا بقطع كل العلاقات الاقتصادية والتجارية مع تركيا، وفرضت التأشيرات على دخول الأتراك إلى روسيا وتراجعت الصادرات التركية لروسيا إلى 737 مليون دولار خلال عام 2016.
يبدو أن اعتذار أردغان في العام 2016، لنظيره الروسي فلاديمير بوتين، وتقديمه التعازي لأسرة الطيار الروسي، كانت كفيلة بإنهاء الخلاف بين البلدين.
وفي أعقاب محاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا في 15 يوليو 2016 اتصل الرئيس الروسي بنظيره التركي معربًا عن دعمه للحكومة التركية، وتكثف اللقاءات بين مسؤولي البلدين وشهدت العلاقات تحسنا ملحوظا وعاد العمل بزخم أكبر لمشروع انبوب الغاز الروسي المعروف بالسيل التركي.
لم تكد تتحسن العلاقات حتى أطلق شرطي تركي النار على سفير روسيا في أنقرة، ويرديه قتيلًا ، في ديسمبر من العام 2016، في واقعة توقع الكثير أن تعيد العلاقات بين البلدين إلى نقطة الصفر، إلا أنه –وبشكل غير متوقع- لم يحدث.
الأزمة السورية التي كانت مصدرًا للخلاف بين البلدين في الماضي، أصبحت اليوم مصدرًا لتقريب وجهات نظر البدلين، خاصة بعدما اجتمعا في أكثر من مرة لمناقشة الأوضاع في سوريا، وتحديد نقاط التعاون.
في ظل التقارب التركي الروسي، أصبحت أنقرة تنجذب نحو موسكو، مقابل علاقتها مع الولايات المتحدة.
لماذا اختارت تركيا صف روسيا؟
تركيا لا تأبه كثيرًا بصداقتها مع أي دولة، إلا أن المصالح المشتركة بين موسكو وأنقرة تحتم عليها اختيار صف أحد اللاعبين في المنطقة، وذلك بحسب ما ذكرته المحللة السياسية الأمريكية والباحثة في الشؤون الأمنية.
وأضافت إيرينا تسوكرمان في تصريحات لـ"مصراوي"، أن روسيا تستهدف استخدام تركيا لإضعاف الناتو، فضلًا عن منع أنقرة من الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، وتأمين موطئ قدم لها في المنطقة كوسيط قوة ذا ثقل يملأ غياب الولايات المتحدة.
في المقابل، لا تثق تركيا كثير بالولايات المتحدة، وتحتاج –بحسب تسوكرمان- إلى دعم في سعيها لمنع الأكراد في سوريا من بناء حكم ذاتي على حدودها.
وأكدت الباحثة الأمريكية في الشؤون الأمنية، أن روسيا تسعى حاليًا إلى إبرام صفقات مع تركيا، لإضعاف علاقة الأخير مع الولايات المتحدة، وخلق مظاهر ثنائية القطب في الشرق الأوسط.
فيديو قد يعجبك: