كيف أحرقت نيران ناقلتي النفط جهود شينزو آبي في طهران؟
كتبت – إيمان محمود
وصل رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، إيران أمس الأربعاء في زيارة تستغرق يومين، هادفًا إلى تهدئة التوترات التي اندلعت في المنطقة منذ اشتعلت الأزمة بين ترامب وإيران في أعقاب إلغاء الاتفاق النووي وتطبيق عقوبات على طهران.
يوم الخميس، انفجرت الأمور بعد أن تعرضت ناقلتي نفط، إحداهما مملوكة لليابانيين، لهجوم مشتبه به حتى الآن في خليج عمان.
وبعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات شاملة على صناعة الطاقة الإيرانية، واندلع الاضطراب في مضيق هرمز الاستراتيجي، الذي يعبر من خلاله حوالي ثلث حركة ناقلات النفط في العالم، بما في ذلك حوالي 80% من واردات النفط اليابانية.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن الولايات المتحدة كانت سريعة في توجيه أصابع الاتهام إلى طهران، وفي وقت متأخر من يوم الخميس، نشر الجيش الأمريكي فيديو يقول إنه يظهر أن القوات الإيرانية بعد الحادث تزيل متفجرات لم تنفجر من السفينة اليابانية.
وكما قال مسؤول دفاعي أمريكي أنهم يعتقدون أن الهجمات نفذها غواصون يستخدمون هذه الألغام، فيما وصف وزير الخارجية مايك بومبيو الحادث بأنه "تصعيد غير مقبول" من قبل النظام الإيراني.
لكن وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، قال في تغريدة له إن توقيت الهجوم كان يهدف إلى تقويض "المحادثات الواسعة والودية التي عقدت هذا الأسبوع مع آبي".
وقالت واشنطن بوست، إن ما حدث في وقت سابق للهجوم كان من الممكن أن يكون بالغ الأهمية، إذ كانت زيارة شينزو آبي لإيران أول رحلة يقوم بها رئيس وزراء ياباني إلى الجمهورية الإسلامية منذ ثورة 1979 في البلاد (على الرغم من أنها الثانية لآبي-إذ رافق والده، وزير الخارجية آنذاك شينتارو آبي، في عام 1983).
وأضافت الصحيفة، أن زيارة آبي جاءت بعد تشجيع واضح من ترامب والمحادثات مع قادة الدول الأخرى في الشرق الأوسط الذين يتعارضون بالمثل مع إيران. ومن هنا كان آبي يصرّ على بدء عملية التقارب.
وقال آبي في تصريحات متلفزة، الأربعاء الماضي، خلال وقوفه إلى جانب الرئيس الإيراني حسن روحاني "السلام والاستقرار في الشرق الأوسط ضروريان ليس فقط لهذه المنطقة، لكن من أجل ازدهار العالم"، وأضاف: "لا أحد يريد الحرب. اليابان تريد أن تفعل كل ما في وسعها لتخفيف التوترات".
وترى الصحيفة الأمريكية أن آبي كانت تطلعاته واضحة، لكن قدرته على الإنجاز في هذه الرحلة كانت أقل من ذلك.
وأضحت: "لا النظام الإيراني ولا إدارة ترامب مستعدان للوفاء بالشروط المتوقعة من الجانب الآخر. تسعى الولايات المتحدة إلى مراجعة شاملة للأنشطة الإيرانية المزعومة ودعم الجماعات المسلحة في الشرق الأوسط، أما إيران فتريد إنهاء العقوبات الأمريكية والعودة إلى فهم الاتفاقيات النووية".
وأشارت الصحيفة إلى أن آبي كان يعتقد أنه مقترحاته يمكن أن تساعد على الأقل في تخفيف التوتر، إن لم تدفع إلى انفراجه دبلوماسية حقيقية بين الطرفين.
وقال كازو تاكاهاشي، أستاذ السياسة الدولية بجامعة اليابان المفتوحة، لصحيفة بلومبرج نيوز: "ما يمكن أن يفعله آبي يعتمد على ما أعطاه ترامب له".
وأضاف: "إذا كان آبي يذهب كصبي رسول، فإنه يحير نفسه أمام الرأي العام في العالم. لا أعتقد أنه سيواجه مثل هذا المخاطرة السياسية دون بعض الأفكار المُقدمة من الأمريكيين للإيرانيين".
وقالت صحيفة واشنطن بوست، إن ما حدث في خليج عمان جعل وكأن المخاطر لم تؤت ثمارها، إذ التقى آبي يوم الخميس بالزعيم الإيراني آية الله علي خامنئي، الذي رفض أي فكرة للحوار مع الولايات المتحدة".
وقال خامنئي خلال اللقاء: "لا أعتبر أن ترامب يستحق أن نتبادل الرسائل معه.. لن نتفاوض مع الولايات المتحدة".
ثم وقع حريق ناقلتي النفط في الخليج العربي بالقرب من عمان، وبدأ تبادل الاتهامات، وقال جيف كينجستون، الأستاذ في جامعة تيمبل بجامعة طوكيو: "إنها مصادفة محرجة وتوحي بأن زيارة آبي ليست أكثر من مجرد صورة.. ليس لها تأثير يُذكر على التوترات".
ومهما تكن فعالية آبي، فإن الحادث يمثل تصعيدًا مقلقًا. وقال علي فائز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية: "هذه محطة طريق لنشوب صراع أوسع بين إيران والولايات المتحدة".
واستطرد فائز "إذا كانت إيران وراء ذلك، فمن الواضح جدًا أن سياسة الضغط الأقصى لإدارة ترامب تجعل إيران أكثر عدوانية، وليس أقل"، مشيرًا إلى الصدام الذي وقع في بحر الصين الجنوبي في عام 1964 والذي دفع الحكومة الأمريكية إلى "تزييف الوضع، إذا لم تكن إيران وراء ذلك، فمن الواضح أن بعض الجهات الفاعلة الأخرى في المنطقة قد تحاول هندسة حادث خليج تونكين. الذكاء الذي استخدمته لتبرير حرب فيتنام"، على حدّ قوله.
ومع ذلك، ترى الصحيفة أنه قد يكون لرئيس الوزراء الياباني دور مستمر يلعبه، ونقلت عن توبياس هاريس، نائب الرئيس الأول لشركة Teneo، وهي شركة استشارية عالمية مقرها العاصمة الأمريكية: "قد يستمر آبي في العمل كحل بديل لطهران وخصومها - خاصة مع اقتراب قمة مجموعة العشرين.. لكن الحد من خطر التصعيد سيتطلب تحولا جوهريا في استراتيجيات كل من إيران والولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، وهو تحول من غير المرجح أن يتمكن آبي من تحقيقه".
فيديو قد يعجبك: