أبو الغيط: القمة المصرفية العربية الدولية فرصة لتبادل الخبرات بين الجانبين العربي والأوروبي
روما - (أ ش أ):
قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إن القمة المصرفية العربية الدولية تعد فرصة نادرة للحديث عن شراكة حقيقية بين الجانبين العربي والأوروبي على الصعيد المصرفي بالتحديد، كما أنها تأتي بغرض تمهيد السبيل أمام تبادل الخبرات وأفضل الممارسات، بما يضع أساساً لتعاون وثيق وممتد في هذا القطاع المهم ويُحقق أهداف الجانبين.
وأضاف أبو الغيط - في كلمة خلال افتتاح القمة المصرفية العربية الدولية التي تعقد في روما تحت شعار (الحوارات المتوسطية العربية/الأوروبية من أجل منطقة اقتصادية أفضل) - أن المنطقة العربية لا تحتاج فقط إلى استثمارات أو تمويل، وإنما أيضاً إلى اكتساب خبرات جديدة في الأدوات المالية أو ما يُعرف بالتكنولوجيا المالية والشمول المالي وغيرها.
وأوضح أن الجانب الأوروبي - في المقابل - يحتاج دون شك لضخ حيوية جديدة في اقتصاداته في مرحلة ما بعد التقشف وما بعد الأزمة المالية.
وأشار إلى أن السوق العربية الواعدة بإمكانياتها تعد وجهة مثالية للدول الأوروبية والمتوسطية منها بالذات، ليس فقط كسوق استهلاكية ضخم وإنما - بالأساس - كوجهة للاستثمار والشراكة والتوظيف في العديد من المشروعات الناشئة والقطاعات الواعدة كالطاقة وتكنولوجيا المعلومات والصناعات التقليدية.
وتابع: إن المجتمعات العربية لديها ميزة اقتصادية كبرى، فهي شابة في هيكلها الديموغرافي.. وبها قطاع ضخم من خريجي التعليم العالي.. المطلوب فقط هو تحقيق الاتصال اللازم بين متطلبات السوق، ومخرجات التعليم.. وللقطاع المالي والمصرفي، من دون شك، دورٌ جوهري في هذا الخصوص من خلال توجيه الاستثمارات الوجهة الصحيحة، وبالصورة التي تخدم الاقتصاد الكلي ومؤشراته.
ولفت إلى أن منطقة المتوسط تعد بمثابة بحيرة صغيرة لا تتعدى مساحتها 1% من مساحة المعمورة، غير أن ضفاف هذا البحر شهدت ولادة وازدهار الحضارة البشرية..فما من فكرةٍ أو عقيدة كبرى إلا ولها أصلٌ حول البحر المتوسط الذي كان، ولا يزال إلى اليوم، معبراً للسلع والأفكار والبشر، ومحوراً للتبادل التجاري والتلاقح الثقافي في كل الاتجاهات.
وأردف: إن المتوسط ليس تاريخاً فحسب، وإنما هو حاضرٌ بقوة في تفاعلات العالم المعاصر.. إذ تُمثل منطقة المتوسط تجمعاً بشرياً هائلاً يضم 500 مليون إنسان.. يُنتجون نحو 10% من الناتج العالمي.. وتعبر خلال البحر المتوسط نحو 20% من التجارة البحرية العالمية.
وأضاف أنها منطقة كبرى تحمل بين جنباتها طاقات هائلة وإمكانيات نجاح وازدهار، إلا أن هذه الإمكانيات لم تُستغل بعد إلى طاقاتها القصوى، فحاصل التعاون بين دول ضفتي المتوسط يحمل وعداً وأفقاً أبعد بكثير مما هو قائم الآن.
واعتبر أن منطقة المتوسط تسير على حبل مشدود بين اليأس والرجاء..فبوسع الناظر إليها آلا يرى فيها سوى حزام أزمات ممتد لا يحمل إلا تهديدات الهجرة غير النظامية واللجوء والمُشكلات السياسية والاجتماعية، لكن بوسع الناظر - أيضاً - أن يرى فيها الإمكانيات الكامنة والطاقات غير المستغلة والوعد بالازدهار المُشترك لجميع أبنائها عبر التعاون والتكامل بين ضفتيها.
وقال: لقد علمنا التاريخ أن نهجاً يقوم على التحسب والخوف من الآخر لا يُنتج إلا شكوكاً متبادلة وعجزاً عن العمل المشترك.. أما النهج الصحيح فهو أن ننظر إلى المنطقة نظرة تكاملية واقعية تأخذ في الاعتبار الأزمات والمشكلات القائمة.. ولكن لا تنكر في الوقت ذاته الإمكانيات والطاقات الكبيرة والأفق الواعد في المستقبل.
ولفت الى أن العلاقة بين ضفتي المتوسط متشابكة ومتعددة الأبعاد والجوانب، ومن الخطأ حصرها في قضية بعينها، كالهجرة غير النظامية أو غيرها أو النظر إليها من الزاوية الأمنية وحدها.
واستطرد "لقد أخذت القمة العربية-الأوروبية الأولى التي عُقدت بمصر في فبراير الماضي بهذه النظرة التكاملية، فتناولت العلاقات بين الطرفين في مختلف جوانبها وقضاياها، بصراحة وانفتاح كاملين.. وبإدراك من كل طرف لشواغل الطرف الآخر ومصالحه واهتماماته".
ووصف هذه القمةُ بأنها "حدث كبير"، إذ عكست إدراك القيادات، على الجانبين العربي والأوروبي، بأن العلاقات بينهما استراتيجية، وجوهرية لاستقرار هذا الفضاء البشري والجغرافي الهائل، والذي يعج بالحيوية والطاقة.
وأشار الى ما يُعانيه العالم العربي من مُشكلات اقتصادية تتعلق بالتنافسية وبيئة الأعمال والتوظيف وغيرها، وما تُفرزه من أزمات اجتماعية وسياسية.
وقال إن الجديد - الذي ألمسه اليوم - هو توفر إرادة التغيير والإصلاح لدى الكثير من الحكومات والقيادات العربية.. ثمة إدراكٌ بأن الإصلاح المطلوب يتطلب تغييرات جوهرية في الإدارة الحكومية والكفاءة الاقتصادية .. يتطلب الإصلاح كذلك مواجهة مباشرة للمشكلات المتأصلة في الاقتصادات العربية منذ عقود، لا التهرب منها والالتفاف حولها أو معالجتها بحلول وقتية.
ورأى أن هذه الروح الجديدة واضحةً بجلاء في عدد من برامج الإصلاح التي تباشرها الحكومات العربية في المرحلة الحالية، وبعض هذه الحكومات احتل مكانة متقدمة للغاية على مؤشر التنافسية العالمي .. وبعضها حقق نجاحات ملموسة على صعيد التنمية بمعناها الشامل.
ونبه إلى أن الأولوية الأولى اليوم لدى الحكومات العربية هي رفع معدلات التشغيل، خاصة بين الشباب، ويتطلب ذلك إطلاق بيئة حافزة على الابتكار، حاضنة للإبداع، وحيث تُتاح الفرصة أمام الاستثمار، المحلي والأجنبي، خاصة في المشروعات الناشئة المولدة لفرص العمل، وكذا في المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.
وأشار إلى أنه لا يمكن إطلاق هذه البيئة الاقتصادية الحاضنة للابتكار من دون فلسفة جديدة للقطاع المصرفي والنظام المالي تسمح بتوفير التمويل اللازم لمثل هذه المشروعات، سواء الناشئة أو الصغيرة، عبر مختلف الأدوات المالية والمصرفية.
وأعرب عّن تمنياته أن يخرج عن هذا المؤتمر أفكار جديدة، وآليات عمل مبتكرة، وتوصيات توضع موضع التنفيذ، قائلا "ما يُمكن تحقيقه على صعيد خلق فضاء متوسطي مزدهر، كثيرٌ بالفعل". واختتم كلمته بالقول "يقيني أن صورة هذه المنطقة ستتغير بصورة جوهرية خلال السنوات القادمة".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: