إعلان

انفجار نووي غامض .. ماذا حدث في روسيا؟

04:42 م الثلاثاء 13 أغسطس 2019

الانفجار النووي في روسيا

كتبت- رنا أسامة وهُدى الشيمي:

حاولت السلطات الروسية إبقاء أمر "الانفجار النووي الغامض" في طي الكتمان، واكتفت بالإعلان عن وقوع حادث ما عقب انفجار غامض إثر تجربة محرك صاروخي بالقرب من مدينة سيفيرودفينسك، على طول ساحل القطب الشمالي الروسي.

أسفر الحادث، حسب البيان الرسمي الصادر عن السلطات الروسية الخميس الماضي، عن مقتل شخصين، وأدّى الانفجار إلى ارتفاع وجيز في مستوى النشاط الإشعاعي، ولم يتم الكشف عن أي تفاصيل أخرى.

في تلك الأثناء، حاول إيجور أورلوف، حاكم إقليم أرخانغلسك حيث تقع سيفيرودفينسك، تهدئة المواطنين، من خلال التأكيد على أن مستويات الإشعاع في المنطقة كانت طبيعية.

1

من الهدوء إلى الهلع

إلا أن الهدوء لم يستمر طويلاً، فبعد فترة وجيزة بدأ مُستخدمو تطبيق تليجرام للمحادثات النصية في تبادل صور ومقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لأول المستجيبين للانفجار، وما يحدث في موقع الحادث، وظهر في الصور أشخاص يرتدون بدلات تقيهم من خطر الإشعاع، وتواجدت سيارات الإسعاف في محيط الانفجار، علاوة على طائرات هيلوكوبتر لنقل من يعاني إصابات خطيرة إلى المستشفيات فورًا.

وبحلول مساء الجمعة أسرع سكان المقاطعة لشراء أقراص اليود، أو أي أدوية بها يود، للوقاية من سرطانات الغدة التي تنتج عن التسرب الإشعاعي.

لم تعترف روسيا فورًا بأن الانفجار ينطوي على طابع نووي، على العكس أكد كل من الجيش الروسي ومتحدث الحكومة الإقليمية، الخميس الماضي، أنه "لم يحصل تلوث إشعاعي".

في الوقت ذاته، أعلنت بلدية مدينة سيفيرودفينسك، التي تبعد حوالى 30 كلم عن القاعدة ويعيش فيها 190 ألف شخص، على موقعها على الإنترنت أن أجهزة الاستشعار لديها "سجلت ارتفاعا للنشاط الإشعاعي لمدة قصيرة".

وصرح المسؤول في الدفاع المدني المحلي، فالنتين ماغوميدوف، لوكالة أنباء تاس، بأن مستوى الإشعاع ارتفع إلى 0.2 ميكروسيفيرت في الساعة لمدة ثلاثين دقيقة، مشيراً إلى أن الحد الأقصى المقبول للتعرض للنشاط الإشعاعي هو 0.6 ميكروسيفيرت في الساعة.

2

كشف دون تفاصيل

إلا أن التعتيم الإعلامي لم يستمر لفترة طويلة، ففي يوم السبت الماضي أقرت موسكو بأن الانفجار الذي وقع في قاعدة نيونوكسا، المتخصصة في اختبار الصواريخ للأسطول الروسي، كان نوويًا. وذكرت في بيان رسمي أن حصيلة قتلاه وصلت إلى خمسة أشخاص، دون الكشف عن المزيد من التفاصيل.

ونقلت وكالة روساتوم الروسية النووية أن خمسة من موظفيها قتلوا في هذا الانفجار، موضحة أن ثلاثة أشخاص آخرين أصيبوا بجروح ناجمة عن تعرضهم لحروق.

وأفادت وكالة تاس الروسية للأنباء، اليوم الثلاثاء، بارتفاع مستويات الإشعاع في مدينة سيفيرودفينسك بما يصل إلى 16 مرة بعد الحادث.

فيما قالت منظمة السلام الأخضر (جرينبيس) إن مستويات الإشعاع ارتفعت نحو 20 مرة.

3

غرق الموظفين في البحر

وقالت الوكالة الدولية الروسية للطاقة الذرية في بيان إنه "تم اختبار محرك صاروخ يعمل بالوقود السائل. وبعد الانتهاء من الاختبار، اشتعل الوقود الصاروخي ووقع الانفجار. وبعد ذلك سقط العديد من موظّفي الوكالة في البحر"، مُشيرة إلى أن موظفيها كانوا يقدمون الدعم الهندسي والتقني المتعلق بالوقود المستخدم في محرك الصواريخ.

ومع ذلك لم توضح "روساتوم" ماهية الصاروخ- أو الخطأ الذي حدث. واكتفت بالإشارة في بيانها إلى أنه "كانت هناك مجموعة من العوامل التي غالبًا ما تحدث عند اختبار التقنيات الجديدة". ولم يتبيّن ما إذا كان الاختصاصيان اللذان أعلنت وفاتهما هما بين القتلى الخمسة الذين تحدثت عنهم.

وفي نهاية الأسبوع أيضًا، أخذت مجلة فورين بوليسي الأمريكية تدق في قائمة تداولها رواد التواصل الاجتماعي تضم أسماء الضحايا- وجميعهم شباب- للتأكّد من تطابقها مع أسماء العاملين لدى "روساتوم". وتوصّلت فورين بوليسي إلى حساباتهم على الشبكات الاجتماعية حيث نعاهم أحباؤهم. ووجدت صورًا لهم أثناء حياتهم اليومية- يُمارسون الرياضة، ويذهبون لقضاء العُطلات، ويلهون برفقة زوجاتهم وأطفالهم. وتساءلت المجلة: هل يستحق هؤلاء الشباب أن يُقتلوا في سبيل اختبار هذا الصاروخ الغبي؟

4

انفجار استثنائي

ترى المجلة الأمريكية أن الإشارة إلى أن الانفجار ينطوي على طابع نووي كان مُفاجئًا ومُلفتًا للنظر، خاصة وأن اختبارات مُحركات الصواريخ عادة ما لا يكون فيها أي إشعاع.

ووجدت المجلة أن الأمر قد يكون منطقياً في استثناء واحد فقط، وهو أن يكون للأمر علاقة بإعلان روسيا العام الماضي بأنها اختبرت صاروخ كروز مدعوم بمفاعل نووي يُطلق عليه اسم بوريفيستنيك، والذي أطلق عليه حلف شمال الأطلسي "الناتو" الولايات المتحدة اسم "SSC-X-9 Skyfall" و (سقوط السماء). وهو ما يتفق مع ترجيح مسؤول أمريكي بأن يكون الانفجار ناجمًا عن صاروخ سكاي فال.

5

وخلال محاولاتها كشف ملابسات الواقعة، وجدت فورين بوليسي أن سفينة شحن كبيرة تحمل اسم "سيريبريانكا"، وصفتها بأنها "غير عادية"، كان قرب موقع الانفجار. وجرى استخدام السفينة كوحدة دفع نووية في إطار جهود لاستعادة صاروخ كروز يعمل بالطاقة النووية، فشل أثناء اختباره وسقط في المحيط الهادئ عام 2018.

وفي ذلك الوقت، كتبت أماندا ماسياس من شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية: "ستحاول طواقم السفينة استعادة صاروخ تم اختبار إطلاقه في نوفمبر وسقط في بحر بارنتس".

وأضافت ماسياس، نقلًا عن تقرير استخباراتي سري حول جهود استعادة بقايا الصاروخ في 2018، أن "العملية ستتضمن 3 سفن كبيرة، إحداها مُجّهزة للتعامل مع المواد المُشعة من المركز النووي (النواة) للأسلحة". وباستخدام بيانات AIS، خلُصت المجلة إلى أن السفينة التي تم تجهيزها للتعامل مع المواد المُشعة السالف ذكرها هي "سيريبريانكا". والآن، وبعد مرور عام، كانت متواجدة في موقع الانفجار النووي الغامض.

6

صاروخ لا يُقهر

جذب صاروخ بوريفيستنيك أو "سكاي فال" أنظار العالم قبل الانفجار الأخير بعدة أشهر، بدأ الأمر عندما نشرت وكالة روسيا اليوم الإخبارية، تقريرًا في أبريل الماضي، وصفته فيه بـ"الصاروخ الذي لا يُقهر".

ونقلت الوكالة عن موقع "avia.pro" الروسي بأن بطارية "9Б280-1" فائقة القوة استخدمت في صاروخ "بوريفيستنيك" المجنح الروسي الواعد المزود بمحرك نووي.

وأوضح الموقع أنه من بين مميزات تلك البطارية صمودها أمام درجة الحرارة العالية والرطوبة وغيرها من العوامل الخطيرة، التي يمكن أن تؤثر عليها أثناء تحليق الصاروخ. ولفتت تقارير إعلامية إلى قدرته على البقاء في الجو لمدة أيام، والقيام بمناورات مختلفة، علاوة على امكانية التخفي عن أنظمة الدرع الصاروخية المعادية.

وأكدت وزارة الدفاع روسية وقتذاك أن اختبار الصاروخ انتهى بالنجاح.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان