إقصاء الإسلاميين و"ثغرات الوثيقة الدستورية".. مستقبل السودان بعد الاتفاق
كتب - محمد عطايا:
بعد توقف عجلة الحياة قرابة ثمانية أشهر، يشهد الشعب السوداني انفراجة كبيرة، بتوقيع وثائق الإعلان الدستوري بين المجلس العسكري السوداني وممثلي قوى الحرية والتغيير، السبت، في حضور أفريقي وعربي ودولي واسع في قاعة الصداقة بالعاصمة الخرطوم.
بعد توقيع أوراق الاتفاق من الجانبين والشهود، أعلن المجلس العسكري أن رئاسة المجلس السيادي سيتم تسليمه للفريق الركن عبد الفتاح البرهان.
شهد التوقيع إشادة ومباركة عربية ودولية، اعتبرته الخطوة الأولى لترسيخ حياة سياسية ديمقراطية سليمة في السودان. فيما شهدت شوارع السودان احتفالات شعبية، احتفاءً باللحظات "التاريخية" التي يمر بها السودان.
لكن لم تكن كل الأطراف في السودان مرحبة بالوثيقة الدستورية التي وقع عليها المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، بتأييد من الجبهة الثورية؛ فالحركة الإسلامية والتي يبدو أنها اُستبعدت من المفاوضات في ظل سيطرة اليساريين على المعارضة والمفاوضات مع المجلس العسكري.
كما أظهر بعض السياسيين تخوفًا من "ثغرات" في الوثيقة الدستورية، وما بها من تناقضات قد تؤدي إلى انهيارها في المستقبل.
هل أقصيت الحركة الإسلامية؟
ينقسم التيار الإسلامي في السودان إلى 3 قوى رئيسية قادرة على الحشد والتأثير على الرأي العام في البلاد، وهي حزبا المؤتمر الوطني، والمؤتمر الشعبي، والإخوان المسلمين.
نشزت الحركة الإسلامية عن الحياة السياسية في السودان، بعدما اختارت عدم الاندماج مع قوى الحرية والتغيير لاعتبارها يسارية تعادي الإسلاميين، بالإضافة إلى أنها لم تكن قادرة على تشكيل قوة سياسية قائمة بذاتها، يصبح لها شأن في الداخل السوداني.
تم تصنيف حزب المؤتمر الشعبي -بحسب القيادية في حزب المؤتمر الشعبي نوال خضر- كجزء من حكومة البشير، علمًا بأن الحزب منذ الوهلة الأولى أعلن عدم رغبته في الانتقال بممثلين، لكنه قدم مقترحات بشلن الفترة الانتقالية مكتوبة للمجلس العسكري، إلا أن المجلس "لم يعرها انتباه".
وقالت القيادية في المؤتمر الشعبي إن الثورة خرجت من رحم الشعب لكن "أفلح تجمع المهنيين ومن ثم قوى الحرية من أن تمتطي ظهرها"، وتم إقصاء كل الإسلاميين.
من جهته، قال المتحدث باسم تجمع المهنيين السوداني، صالح شعيب، إن الاتفاق لبنة أولى نحو تحقيق أهداف الثورة، مؤكدًا "لا شك أن هناك تحديات جمة تواجه شركاء السلطة"، لافتًا إلى أن الأمل هو أن يسعى السودانيين جميعا لإعادة بناء البلاد بروح مسؤولة.
وأضاف شعيب، في تصريحات لـ"مصراوي"، أنه لابد أن تتحقق غاية شهداء الثورة بحصول الأحياء على نظام ديمقراطي "كامل الدسم"، وهذا يتم بمزيد من الوعي، والعمل الدؤوب، ووحدة جهود الساعين إلى التغيير.
مستقبل السودان بعد التوقيع
أظهر الساسة في السودان تفائلاً كبيرًا بعد توقيع الاتفاق بين المجلس العسكري السوداني وقوى الحرية والتغيير، إلا أنه ظهرت بعض الآراء المخالفة، خاصة تلك المنتمية للحركة الإسلامية.
قال أبو بكر عبد الرازق، القيادي في حزب المؤتمر الشعبي، إن الوثيقة الدستورية بها العديد من الثغرات، والتناقضات، مستهجنًا خروجها إلى النور بتلك الطريقة والكيفية.
وأضاف عبد الرازق، في تصريحات صحفية الجمعة، أن الوثيقة الدستورية ستكون مسارًا للخلاف لا للاتفاق.
فيما ترى نوال خضر، أن الوثيقة الدستورية الموقعة بين المجلس العسكري السوداني وقوى الحرية والتغيير، والتي تحدد مهام المجلس السيادي وتؤسس لحياة برلمانية، استبعدت الحركة الإسلامية.
وأكدت، أن الوثيقة الدستورية ليست جيدة لأنها تأسست على أساس جهة واحدة ولم تراعي الآخرين، لذلك "تفتقر الملكية الجماعية وهذا قد يؤدي لفشلها".
واستطردت أن الوثيقة الدستورية بها ثغرات اتاحت للآخرين انتقادها وتكوين رأي سلبي حولها.
من جهته، أكد صلاح شعيب، أنه من المؤكد أن توطين الديمقراطية في السودان يحتاج أولًا لمعالجة القضايا المتعلقة بالحرب واستعادة أجهزة الدولة من كوادر النظام السابق والتعامل العاجل مع القضية الاقتصادية.
وأكد المتحدث باسم تجمع المهنيين السودانيين، أن الوثيقة الدستورية هي قدر الطرفين للتنازل هنا وهناك لتحقيق مشاركتهما في السلطة وإدارة الفترة الانتقالية، وبالتالي ما لم تشمله الوثيقة يحقق عبر المزيد من النضال المدني.
فيديو قد يعجبك: