ماذا ينتظر أفغانستان بعد اتفاق أمريكا وطالبان؟
القاهرة - (د ب أ):
في ظل ما أعلن عن قرب إعلان إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن التوصل لاتفاق مع حركة طالبان الأفغانية، يزداد الجدل وتثار التساؤلات حول مستقبل أفغانستان، وما يمكن أن تصل إليه الأمور في البلاد.
وحذرت الحكومة الأفغانية أمس الأربعاء من "المخاطر" التي قد ينطوي عليها مثل هذا الاتفاق، حيث كتب صديق صديقي المتحدث باسم قصر الرئاسة الأفغانية تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي" تويتر" قال فيها إن الحكومة تشعر بالقلق إزاء "المخاطر والتداعيات البغيضة" التي يمكن أن يسفر عنها الاتفاق في حال توقيعه. وأضاف أن الحكومة ترغب في الحصول على مزيد من التوضيح
وجاء ذلك بعد يومين من قيام زالماي خليل زاده المبعوث الأمريكي الخاص إلى أفغانستان باطلاع الحكومة الأفغانية على مشروع الاتفاق الذي يمكن إعلانه خلال الأيام القليلة المقبلة، والذي يحتاج إلى موافقة الرئيس دونالد ترامب.
ووفقا للاتفاق الذي جرى التفاوض عليه في العاصمة القطرية الدوحة، سوف تسحب الولايات المتحدة من أفغانستان، كدفعة أولى، خمسة آلاف جندي أمريكي في غضون 135 يوما بعد توقيع الاتفاق، وسوف تنهي أطول حرب خاضتها في مقابل ضمان من طالبان بأن الجماعات المسلحة الدولية لن تخطط للقيام بهجمات على مصالحها تنطلق من الأراضي الأفغانية. ورغم حث الولايات المتحدة طالبان على الموافقة على إجراء محادثات سلام مع حكومة كابول، ترفض ذلك طالبان التي تصف هذه الحكومة بأنها دمية.
ويعيد احتمال سحب القوات الأمريكية من أفغانستان إلى الأذهان سحبها من العراق مع نهاية عام 2011 ، لكن لورانس جيه. كورب أحد كبار الزملاء بمركز التقدم الأمريكي يقول إن الوضع في أفغانستان مختلف تماما. فقد كان العراق في ذلك العام في حالة سلام نسبيا، وظل كذلك طوال ثلاث سنوات أخرى قبل أن تبدأ الحرب الأهلية السورية، بينما الحرب في أفغانستان ما زالت دائرة، وأنه بالإضافة إلى طالبان أصبح لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وجود كبير هناك. وأشار إلى أنه في شهر آب/أغسطس الماضي، قام انتحاري من داعش بتفجير نفسه في حفل زفاف في كابول ، مما أسفر عن مقتل 80 شخصا وإصابة 165 آخرين.
وألمح كورب الذي عمل مساعدا لوزير الدفاع الأمريكي في الفترة من 1981 إلى عام 1985 ، وشارك عام 2008 في حملة باراك أوباما الرئاسية إلى أن الولايات المتحدة سحبت قواتها من العراق بناء على طلب الحكومة العراقية، في حين أن طالبان هي التي تريد الآن أن تنسحب أمريكا من أفغانستان تماما، بينما لا تريد الحكومة الأفغانية المنتخبة ديمقراطيا والمعترف بها دوليا أن تنسحب واشنطن في أي وقت قريب.
من ناحية أخرى يشير دانيال آر. ديبتريس الباحث بمركز ديفينس برايوريتيز الأمريكي المتخصص في الدراسات العسكرية في تقرير له بمجلة ذا ناشونال إنتريست تحت عنوان" لماذا لا تريد أمريكا الاعتراف بأنها فشلت في أفغانستان؟" إلى أن أغلبية من الأمريكيين يرفضون الحرب الأمريكية في أفغانستان منذ وقت طويل وهم يرون أنها حرب عقيمة وباهظة التكاليف ولم تحقق نجاحا كبيرا رغم كل ما تم إنفاقه عليها. ولكن هناك الكثير من الأمريكيين لا يمكنهم ببساطة تصور أي انسحاب أمريكي كامل من أفغانستان، ومعظمهم يؤمن بالحكمة التقليدية بأن أي سياسة ناجحة لمحاربة الإرهاب تعتبر مستحيلة بدون وجود جنود على الأرض.
وفي حقيقة الأمر هناك مخاوف لدى المسئولين الأفغان ومستشاري الأمن القومي الأمريكي إزاء إمكانية أن يؤدى أي انسحاب للقوات الأمريكية إلى انزلاق أفغانستان إلى جولة جديدة من الحرب الأهلية التي يمكن أن تنذر بعودة حكم طالبان.
ويقول ديبتريس إن صحفا أمريكية كثيرة ستنشر انتقادات لأي ترتيب يتم التوصل إليه بين واشنطن وطالبان، ويرى أن هذه الانتقادات لها ما يبررها لأن هناك مخاوف مشروعة إزاء استعداد حركة طالبان لتنفيذ وعودها ، و تظرا لأن الجنود الأمريكيين يرابطون في أفغانستان منذ فترة طويلة ، فإنه بالنسبة لبعض الأشخاص يعتبر أي تغيير في هذا الوضع غير مريح نفسيا بدرجة كبيرة. وسوف يسارع الباحثون والمحللون في واشنطن والذين يتابعون الحرب منذ سنوات إلى تحذير ترامب عبر شاشات التليفزيون من أنه يرتكب خطأ قاتلا بوضع ثقته في نفس الجماعة المتمردة التي كانت تأوي أسامه بن لادن في وقت من الأوقات.
وأضاف ديبتريس أنه يمكن توقع اتصال السيناتور ليندساي جراهام هاتفيا بترامب لمحاولة تخويفه حتى يبقى الحال على ما هو عليه، ومن المحتمل أن يخضع الرئيس للضغط ، فهو يهتم أحيانا بالمشورة الخارجية بصورة جدية أكثر من اهتمامه بالتوصيات التي يقدمها له مستشاروه الرسميون. ففي حقيقة الأمر، عندما اعترض حلفاؤه السياسيون في الكونجرس ووزير الدفاع جيمس ماتيس على قرار العام الماضي بسحب جميع القوات الأمريكية من سورية خلال شهور، غير ترامب رأيه بسرعة بالغة. وإذا كان ذلك كان ممكن الحدوث في سورية، حينئذ فإنه يمكن أن يحدث في أفغانستان أيضا.
فيديو قد يعجبك: