إعلان

"هل ستتخلى إيران عن الحذر؟".. 4 أسئلة مطروحة بعد قتل قاسم سليماني

06:34 م الجمعة 03 يناير 2020

قاسم سليماني

كتبت - إيمان محمود:

في الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة، وجهت الولايات المتحدة ضربة مميتة استهدفت بها أحد رموز القوة الإيرانية وأكثرها تأثيرًا على الصراعات المحتدمة في الشرق الأوسط، بعد قتلها قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني.

فعلى مدى 22 عامًا في منصبه القيادي، بات يتمتع بقوة على مستوى الحكومات الإيرانية والقوات التابعة للحرس الثوري أو الموالية لها في مناطق متفرقة على خريطة الشرق الأوسط وخارجه، كما كانت له قُدرة على تشكيل أهم وأبرز الأحداث التي شهدها العالم خلال السنوات الماضية، وبمفهوم أدق؛ في أعقاب ثورات الربيع العربي عام 2011.

لكن تأثير سليماني كان تخريبيًا ذو ضربات قاصمة، بقدر دبلوماسيته الهادئة وبراعته في جمع المعلومات الاستخباراتية، التي أوشكت آخرها على إحداث هجوم عنيف "كان بإمكانه إيقاع العشرات إن لم يكن المئات من الأمريكيين" على حد قول وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في تبريره لعملية القتل التي شنتها بلاده.

وفي حين رقص البعض فرحًا، اعتبرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن قتل ثاني أقوى رجل في إيران والأقوى في المنطقة على مدى عقدين ماضيين؛ هو أكثر الأعمال المشؤومة التي قامت بها الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط في السنوات الثلاث الماضية منذ سكن ترامب البيت الأبيض.

وترى الصحيفة أنه من المستحيل المبالغة في تداعيات هذا الحدث، وحتى أكثر مؤيدي دونالد ترامب يجب أن يندموا على عدم وجود موظفين متمرسين في الأمن القومي الأمريكي، قادرين على تحدي قراراته وافتراضاته.

كانت مبررات الصحيفة في مخاوفها أنه رغم كل جرائم سليماني في المنطقة، إلا أنه على مدى الـ22 عامًا الماضية، كان عدوًا ثابتًا ومريرًا، لكن بدونه، أصبحت الأمور أقل قابلية للتنبؤ بها.

فيما يلي؛ تطرح "هآرتس" أهم أربعة أسئلة -من وجهة نظرها- في هذه المرحلة؛ سؤالان عن إيران واثنان يخصان الولايات المتحدة..

1- هل ستتخلى إيران عن الحذر؟

منذ أن اضطرت القيادة الإيرانية إلى قبول مأزق مهين في نهاية حربها الدموية مع العراق في الثمانينات من القرن الماضي، امتنعت عن مقابلة خصومها مباشرة والدخول في حرب غير متكافئة، وبدلاً من ذلك تفننت في خوض حروب بالوكالة.

كان مقتل أكثر من مليون شخص في الحرب الإيرانية العراقية، والاعتراف بأن إيران تفتقر إلى القوة والموارد اللازمة لخوض حرب مباشرة أخرى، هي العوامل الثابتة في استراتيجية سليماني الكبرى.

والآن، فإن غيابه عن مناقشات القيادة والغضب الشديد من قتله يؤثر على حذر إيران الفطري.

هناك مجموعة من الأهداف لإيران للرد عليها، القوات الأمريكية في المنطقة، ناقلات النفط الغربية في الخليج، والحلفاء الرئيسيين لأمريكا، السعوديون وإسرائيل.

وهل تضرب إيران الآن، كالعادة، عن طريق الوكلاء مثل الحوثيين اليمنيين وحزب الله؟ أم أن الانتقام من سليماني يستلزم فيلق القدس؟

أيا كان مسار العمل، فستحتاج إيران إلى أن تكون قادرة على احتواء التصعيد لضمان عدم خروجها عن حدود أراضيها، وما حققته إلى منذ نهاية الحرب الإيرانية العراقية، لكن الرجل المسؤول عن هذه الاستراتيجية لم يعد موجودًا.

2- كيف سيؤثر قتل سليماني على النفوذ الإيراني؟

ليس من قبيل الصدفة التمسك بسليماني قائدًا لفيلق القدس لمدة 22 عامًا، بل واعتباره وريثًا مُحتملاً للمرشد الأعلى، إذ لم يكن هناك مَن يستطيع أن يمسك بيده كل الخيوط الفضفاضة للعب القوى الإقليمية المتغيرة والتلاعب بها مثل خيوط الدمى كما فعل.

لعب سليماني الدور الرئيسي في زعزعة استقرار العراق بعد الغزو الأمريكي، وحوّل حزب الله من ميليشيا متوسطة الحجم إلى قوة بحجم الجيش ووسيط القوة الرئيسي في لبنان.

ثم جاء بأعظم إنجازاته على حساب مئات آلاف القتلى؛ فبدونه لم يكن بشار الأسد حتى اليوم في قصره بدمشق، بحسب "هآرتس".

كان لدى سليماني مساعدين موثوق بهم وذوي خبرة، لكن ليس لديهم جهات الاتصال الخاصة به في جميع أنحاء الشرق الأوسط وما وراءه، والأهم أن لا أحد منهم له التأثير ذاته حينما يُذكر اسمه في المجالس، كقاسم سليماني.

وبدون أن يقود سليماني الحملة، يمكن لإيران الآن، أن تسيء إلى حد كبير تقدير ردّها على قتله وتؤدي إلى حرب شاملة، لكن إذا تم احتواء التداعيات، فهناك أمل في أنه بدون سليماني، يمكن لإيران أن تبدأ في كبح طموحاتها الإقليمية.

3- ماذا الذي كان يحاول ترامب تحقيقه؟

ناشد ترامب بعقد اجتماع رفيع المستوى مع روحاني لكن تم رفضه، وفشل في الرد على الهجمات على الناقلات الأمريكية في الخليج، وإسقاط طائرة أمريكية بدون طيار والصواريخ التي تم إطلاقها على المنشآت النفطية السعودية.

والأهم من ذلك، بعد عام من منح ترامب لإيران الجائزة الأكبر عندما قرر سحب القوات الأمريكية من سوريا، فقد قام فجأة بتحويل 180 درجة إلى مواجهة كاملة، بشن غارات جوية على الميليشيات التي تدعمها إيران في العراق، النشر الفوري للقوات المقاتلة، كان سبب الضربات الجوية هو مقتل مواطن أمريكي في هجوم شنته ميليشيات تدعمها إيران في شمال العراق، وكان مقتل سليماني جزءًا من تحرك أوسع لمنع المزيد من الهجمات على الأفراد والقواعد الأمريكية.

ومع ذلك، فإن قتل شخصية مثل سليماني هو خطوة استراتيجية، هل كان لترامب هدف أوسع أم كان إغراء استغلال فرصة لإخراج مثل هذه الشخصية البارزة؟

كانت لدى الولايات المتحدة فرص مماثلة لضرب سليماني في الماضي، لكن تم اعتبار رد الفعل المُحتمل كبيرًا جدًا، علاوة على ذلك، تعاونت الولايات المتحدة معه بشكل غير مباشر في عدة نقاط على مدى العقدين الماضيين على أمل أن يؤدي ذلك إلى استقرار العراق والمساعدة في محاربة تنظيمي القاعدة وداعش.

سواء كان ترامب أصدر الأمر هذه المرة بدافع ما، كجزء من حملة أوسع ضد إيران، أوعلى أمل أن يعزز ذلك من فرصه في دخول الانتخابات، ففي كل الأحوال سيكون له تأثير كبير على ما سيأتي بعد ذلك.

4- هل لدى أي شخص في الإدارة خطة؟

قبل أربعة أشهر، كان لدى ترامب فريق من الصقور المتفانين في مجلس الأمن القومي. لكن جون بولتون رحل، ونبذ ترامب علنًا رؤى بولتون لتغيير النظام في إيران.

قد يكون ذلك شيئًا جيدًا، ولكن مع تفريغ مجلس الأمن القومي والمراتب العليا لوزارة الخارجية الأمريكية، لا يوجد بالكاد هيكل لمستشارين محترفين حول ترامب، ولا يزال لديه أكبر عدد من القوات المسلحة، لكن لا أحد مسؤول بالفعل عن التفكير الاستراتيجي.

يمكن أن يشنّ ترامب حربًا شرسة مع إيران دون خطة، وحتى لو لم يذهب إلى الحرب، فإن إخراج الولايات المتحدة من هذا التصعيد قد يلحق الضرر بمصالح الولايات المتحدة وحلفائها على حد سواء، الولايات المتحدة أقوى ألف مرة، لكن إيران، منذ ثورة 1979، أثبتت قدرتها على استغلال كل لحظة من التردد وكل سوء تقدير وكل فراغ مؤقت توفره لها الإدارات الأمريكية المتعافبة.

الآن، المواجهة بين رئيس مخادع في البيت الأبيض وقيادة إيرانية فقدت للتو عضوها الأكثر حكمة، وكلاهما يقاتلان من أجل البقاء.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان