بعد تعليق تجارب لقاحين.. "أمراض غامضة" تعرقل حلم الخلاص من كورونا
كتبت- رنا أسامة:
يُسابق قطار اللقاحات التجريبية ضد فيروس كورونا الزمن للوصول إلى محطته الأخيرة، وسط عثرات "الأمراض الغامضة" التي تعتري مسار رحلته، وتُعرقل بذلك الجهود العالمية المبذولة لاحتواء الوباء، مُهددة بإرجاء وصوله المُحتمل في أواخر العام الجاري أو مطلع العام القادم، وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية.
يضم قطار لقاحات كورونا أكثر من 170 لقاحًا تجريبيًا حول العالم، وصل 9 منها إلى المرحلة الأخيرة من التجارب السريرية، في إطار مبادرة "كوفاكس" التي تقودها الصحة العالمية وتهدف إلى توزيع ملياري جرعة لقاح واقية بحلول نهاية عام 2021.
من بين اللقاحات التسع التي اقتربت من خط النهاية، أُعلِن عن تعليق التجارب السريرية للقاحين.
لقاح "جونسون آند جونسون"
في خطوة مُفاجئة، أعلنت شركة "جونسون آند جونسون"، أمس الاثنين، تعليق تجاربها السريرية للقاح كوفيد-19، بصورة مؤقتة، وذلك بعد إصابة أحد المتطوعين في الدراسة بمرض "لا تفسير له"، مما أدى إلى تعطل أحد أكبر الجهود المبذولة لاحتواء الوباء العالمي.
وقالت الشركة الأمريكية، في بيان: "لقد أوقفنا مؤقتًا كل عمليات التلقيح الإضافية في كل تجاربنا السريرية على لقاح تجريبي مضادّ لكوفيد-19، بما في ذلك كامل تجربة المرحلة الثالثة، وذلك بسبب مرض غير مبرّر أصيب به أحد المشاركين في الدراسة".
وأوضحت أن مرض المتطوع "يخضع لمراجعة وتقييم لجنة مستقلة لمراقبة البيانات والسلامة، فضلا عن أطباء الشركة وأطباء السلامة".
وأكّدت أن مثل التعليق المؤقت "يُعد أمرًا طبيعيًا أمرا في حالة التجارب الكبرى، التي يمكن أن تشمل عشرات الآلاف من الأشخاص"، وقالت إن "تعليق الدراسة"، من حيث إعطاء جرعات اللقاح المتوقع، يختلف عن "التوقف التنظيمي" الذي تطلبه السلطات الصحية.
ورفضت الشركة الإفصاح عن المرض بسبب "مخاوف تتعلق بالخصوصية"، وقالت إن بعض المشاركين في الدراسات يحصلون على دواء وهمي، ولم يكن واضحًا دائمًا إذا كان الشخص الذي يعاني من شيء ضار خطير في تجربة سريرية قد حصل على دواء وهمي أم علاج.
وتنصّ بروتوكولات "جونسون أند جونسون" على أنه عند وقوع أي حدث ضار وخطير خلال إجراء دراسة ما، تُعلّق الدراسة لتبيان ما إذا كان هذا الحدث مرتبطًا بالعقار الجاري تقييمه وتحديد ما إذا كان بالإمكان استئناف الدراسة.
ووفق موقع "ستات نيوز" الأمريكي، المعني بشؤون الصحة، استشهدت الشركة بوثيقة أُرسلت إلى باحثين خارجيين، وذكرت استيفاء "قواعد التعليق المؤقت"، وإغلاق نظام الإنترنت المستخدم لتسجيل المرضى في الدراسة، والدعوة لانعقاد مجلس مراقبة البيانات والسلامة.
والشهر الماضي، أعلنت "جونسون آند جونسون" أن لقاحها التجريبي حفّز استجابة مناعية قوية ضد كوفيد 19 في تجارب سريرية، من مرحلة مبكرة إلى مرحلة متأخرة. بعد ذلك، أجرت الشركة تجربة نهائية بمشاركة 60 ألف متطوع، وكان متوقعًا إعلان نتائجها قبل نهاية العام الجاري أو أوائل عام 2021.
لقاح "أكسفورد"
يأتي تعليق لقاح "جونسون آند جونسون" بعد شهر من إجراء مماثل اتخذته شركة "أسترازينيكا" البريطانية- السويدية في سبتمبر الماضي، والتي سبق أن علّقت تجارب مراحل متأخرة من لقاحها التجريبي لفيروس كورونا، الذي كان يُمثّل حصان الرهان الرئيسي لأوروبا للحصول على الجرعات الأولى من اللقاح قبل نهاية العام الحالي.
وعزت أسترازينيكا، التي تتعاون مع جامعة "أكسفورد" البريطانية في تطوير اللقاح، قرار التعليق إلى إصابة أحد المتطوعين بمرض "لا يمكن تفسيره"، رُبما يكون مرتبطًا برد فعل عكسي شعر به المتطوع.
ووصفت الشركة الأمر- حينها- بأنه "إجراء روتيني" يتم في حالة إصابة أي مشترك بأي "مرض غير واضح".
وقال متحدث باسم جامعة أكسفورد: "في التجارب الكبيرة، سيصاب البعض بأمراض عن طريق الصدفة ولكن يجب مراجعتها بشكل مستقل للتحقق منها عن كثب".
تتوقف التجارب بشكل روتيني في أي وقت يتم فيه إدخال متطوع إلى المستشفى عندما لا يكون سبب مرضه واضحًا على الفور.
وفي حين لم تُفصح الشركة عن طبيعة المرض، ذكرت أوساط علمية أن المتطوع أُصيب بالتهاب عصبي مجهول المصدر لا يخرج عن المألوف في مسار تطوير اللقاحات.
وقال ويليام شافنر، أستاذ الأمراض المعدية في كلية طب جامعة "فاندربيلت"، عبر البريد الإلكتروني لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): "الجميع في حالة تأهب بسبب ما حدث مع أسترازينيكا"، مضيفا أن الأمر قد يستغرق أسبوعا لجمع المعلومات.
وتابع: "يجب أن يكون شيئا ضارا خطيرا، فإن كان شيئا مثل سرطان البروستاتا أو مرض السكري غير المنضبط أو نوبة قلبية، فلن يوقفوا الدراسة لأي من هذه الأسباب، من المحتمل أن يكون هذا الشيء يتعلق بالأعصاب".
وكانت الآمال كبيرة في أن يكون ذلك اللقاح، المعروف إعلاميًا بـ"لقاح أكسفورد"، الأول الذي يُطرح في السوق، بعد نجاح اختبار المرحلتين الأولى والثانية.
ووفق البي بي سي، فهذه كانت المرة الثانية التي تُعلّق فيها تجارب لقاح أكسفورد، منذ بدء تجربته مع المتطوعين في أبريل.
وفي حين استؤنِفت التجارب السريرية للقاح اكسفورد في كلٍ من بريطانيا والبرازيل وجنوب أفريقيا والهند، لا تزال التجارب الأمريكية مُعلّقة بسبب المراجعة التنظيمية، بحسب "بي بي سي".
وفي وقت سابق، صرّحت "الصحة العالمية" بأن "اللقاحات المحتملة لا يُتوقع أن تكون جاهزة لتوزيعها على المواطنين قبل عامين، رغم أن المجموعات المعرّضة قد تحصل عليها أواسط عام 2021".
والشهر الماضي، أعلنت المنظمة الدولية أنها "لا تتوقع تعميم استخدام اللقاح قبل منتصف العام المُقبل"، فيما دفعها تعليق التجارب السريرية للقاح أكسفورد إلى إعادة النظر في تقديراتها.
فيديو قد يعجبك: