"ينزفون من الفم والأنف ثم يموتون".. مرض غامض يصيب قرى إثيوبيا
كتبت – إيمان محمود:
كشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية، عن مرض غامض فتّاك يجتاح القرى الإثيوبية القريبة من مشروع غاز طبيعي في أقصى شرق الأقسام العرقية بالدولة الأفريقية.
تحدثت الصحيفة البريطانية عن خضر عبدي عبدالله، البالغ من العُمر 23 عامًا، والذي أُصيب بهذا المرض فحوّل عينيه إلى اللون الأصفر، ثم اكتسى كفّاه باللون ذاته، وسُرعان ما نزف من أنفه وفمه، وانتفخ جسده، وفي النهاية، سقط ميتًا.
تقول الجارديان، إن الكثير من جيران خضر عانوا من المرض ذاته، والذي ينتشر على نطاق واسع عبر القُرى القريبة من المشروع، الذي تنفذه شركة "بولي-جي سي إل" الصينية، لكنه من غير المؤكد أن النفايات الكيميائية الناتجة عن المشروع هي المُتسبب الرئيسي لهذا المرض، ولا يزال السبب مجهولاً.
أما الحكومة الإثيوبية، فنفت بشدة حدوث أزمة صحية أو بيئية في الحي الصومالي، أو أي مشاكل تتعلق بمشاريع واسعة النطاق.
وقال أحد مستشاري الحكومة الإقليمية، والذي رفض كشف هويته للصحيفة البريطانية: "هناك أمراض جديدة لم يسبق لها مثيل في هذه المنطقة".
قبل وفاته، تحدث خضر للصحيفة، مُعربًا عن شكوكه من أن المرض ناجم عن نفايات كيميائية خطرة تسببت في تسمم إمدادات المياه، وهو ما يعتقده الكثيرون في تلك القُرى.
وأضاف خضر وهو جالس في الهواء الطلق في مدينة جيجيجا شرق إثيوبيا: "إن السموم التي تتدفق خلال هطول الأمطار في كالوب (حقل غاز في جيجيا شرق إثيوبيا)، هي المسؤولة عن هذا الوباء".
واستطرد: "بدون أي حماية للصحة العامة، من الواضح جدًا أن (بولي - جي سي إل) تستخدم مواد كيميائية تضر بصحة الإنسان".
بعد شعوره بالمرض، تم احتجاز خضر في المستشفى، لكنه خرج بعد ذلك بسبب يأس الأطباء من حالته، إذ أكدوا أنه "لم يعد بإمكانهم فعل شيء من أجله. كان ضعيفًا ونحيفًا وعيناه ذابلتين"، وفي وقت لاحق بعد خروجه من المستشفى توفي خضر.
أكدت الصحيفة البريطانية، أن السكان المحليين أعربوا عن قلقهم بشأن بناء خط الأنابيب؛ لأنه لم تقع استشارتهم بالأمر، ويخشون أن يدمر بيئتهم التي يعتمدون عليها في رعي الحيوانات.
وقال علي حسن فرح، الموظف السابق الآخر في الشركة: "إن السكان الأصليين للمنطقة يموتون بسبب السموم الخام التي انبثقت من الإهمال الشديد، لقد تخلت الشركات العاملة في كالوب عن واجبها في حماية السكان المحليين".
وعلى الرغم من الوفيات المتعددة الناجمة عن مجموعة متنوعة من الأعراض المرعبة، لا يزال هناك إنكار حول العلاقة بين استخراج النفط وظهور الأمراض الخطيرة في المنطقة.
وأعلنت شركة "بولي-جي سي إل" أن للاستثمارات البترولية الصينية، العام الماضي، خططها لبناء خط أنابيب للغاز الطبيعي بطول 767 كيلومتراً من إثيوبيا إلى جيبوتي لنقل الغاز الإثيوبي إلى محطة تصدير في ولاية البحر الأحمر، ما يمكن إثيوبيا بالتالي من تصدير 6.3 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي خارج البلاد.
ويزعم مهندس سابق من الشركة الصينية أن هناك انسكابات منتظمة من سوائل الحفر بما في ذلك حمض الكبريتيك على مدى السنوات الثلاث التي عمل بها في كالوب، بحسب ما نقلته الصحيفة.
وقال آخر "هؤلاء السكان الأصليون على الأرض يموتون من السموم الخام التي انبثقت عن الإهمال المطلق. فقدت الشركات العاملة في كالوب عن واجبها في حماية السكان المحليين".
لكن من المحتمل أن تكون هذه الانسكابات الكيميائية قديمة، أو قد تكون ناجمة عن شركات النقل الإثيوبية.
فيما رفضت شركة "بولي-جي سي إل" الردّ على هذه الادعاءات، بحسب الجارديان.
وقالت مديرة التراخيص في الوزارة الفيدرالية للمناجم والنفط في إثيوبيا، كيتسيلا تاديسي، إن الحكومة لا علم لها بأي تقارير عن حدوث تسربات، وأضافت: "لا يوجد سكان دائمون بالقرب من حقل الغاز، والسكان في معظمهم من البدو الرحل، وينتقلون من مكان إلى آخر دون أي اتصال بالحكومة".
وتابعت تاديسي، في تصريحها للصحيفة: "يمكننا أن نؤكد بشكل قاطع أن جميع آبار الغاز في كالوب وفي أماكن أخرى في حوض أوغادين مغلقة ومأمونة وآمنة ... وفقا للمعايير الدولية".
ونقلت الصحيفة عن سيبل توبا، وهي ناشطة مقيمة وناشطة في بلدة هاركاد، قولها إن جارتها كامبارو توول كانت أول من يموت بسبب هذا المرض في عام 2014.
وقالت: "الأعراض التي يموت منها المواطنون مُختلفة وواسعة النطاق".
وذكرت توبا ابن أخيها البالغ من العمر عامين والذي نُقل إلى المستشفى في وقت سابق من هذا العام. مكث هناك لمدة شهر، وتلقى عمليات نقل الدم المتعددة دون أي تأثير. ثم مات بعد أن خرج من المستشفى".
وقالت إن الأعراض التي ظهرت عليه كانت شائعة لدى جميع الذين أصيبوا بهذا المرض الغامض، وهي: تورم، حمى، أرق، عيون صفراء، وفقدان الشهية.
فيديو قد يعجبك: