"صداع سوريا".. هل حان الوقت لتخلّي بوتين عن الأسد؟
كتبت – إيمان محمود:
بعد خمس سنوات من الدعم الروسي لنظام الحكم في دمشق، أصبحت الأمور أكثر تعقيدًا بعد أن بدأ صبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ينفد مع الحليف السوري بشار الأسد، الذي "لا يبرهن على امتنانه لموسكو لبقائه في السلطة كما يحتاجه زعيم الكرملين".
ففي تحليل نشرته وكالة "بلومبرج" الأمريكية، تحت عنوان "بوتين يعاني من صداع سوريا والكرملين يلوم الأسد"، أكدت أن صبر بوتين من الأسد بدأ بالنفاد، كما يواجه معضلة مزدوجة، فمن ناحية صدمة انهيار أسعار النفط ومواجهة فيروس كورونا، ومن ناحية أخرى يريد لململة المغامرة العسكرية في سوريا واعلان النصر.
وقالت الوكالة الأمريكية إن بوتين يصرّ على أن يظهر الأسد المزيد من المرونة في المحادثات مع المعارضة السورية بشأن التسوية السياسية وإنهاء الحرب التي قاربت على عقد من الزمان.
وأضافت الوكالة –بحسب مصادر مطلعة داخل الكرملين- أن رفض الأسد التنازل عن أي سلطة مقابل الاعتراف الدولي بنظامه وتدفق مليارات الدولارات إلى البلاد للمساهمة في إعادة إعمار البلاد، أدى إلى انفجار غضب غير عادي في الصحافة الروسية المُقرّبة من بوتين.
وقال ألكسندر شوميلين، الدبلوماسي الروسي السابق الذي يدير مركز أوروبا والشرق الأوسط الممول من الدولة في موسكو: "يحتاج الكرملين إلى التخلص من الصداع السوري.. المشكلة تكمن في شخص واحد - الأسد - وحاشيته".
ترى "بلومبرج" أن غضب بوتين وغموض الأسد يسلطان الضوء على معضلة روسيا الحالية، وهي أنه لا يوجد بديل للأسد في التوصل إلى اتفاق، بعد أن استغل كلا من موسكو وطهران للبقاء في السلطة كما استفاد من القوة العسكرية والدبلوماسية الروسية ضد جهود تركيا لتوسيع وجودها في المناطق المتبقية التي يسيطر عليها المعارضون في شمال سوريا بينما يسعى لاستعادة السيطرة على البلاد بأكملها بدعم من بوتين.
وعلى صعيد آخر، نفى المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن بوتين غير راض عن الأسد لرفضه التسوية مع المعارضة السورية خلال المفاوضات.
وأشارت الوكالة إلى أن روسيا كانت تضغط –خلف الكواليس- على الأسد، للموافقة على بعض التنازلات السياسية الرمزية على الأقل لكسب تأييد الأمم المتحدة لإعادة انتخابه في عام 2021، لكن دون جدوى.
واليوم، تُعد سياسة النقد العلني من خلال الصحافة المُقربة من الرئاسة تغيّر حاد في النهج الروسي مع الأسد.
وفي وقت سابق، شر موقع تابع ليفجيني بريجوجين، المعروف بطاهي بوتين، مقال يهاجم الأسد ووصفه بـ"الفاسد"، وأشار إلى استطلاع يظهر أنه حصل على دعم 32٪ فقط ، بينما أدرج عددًا من البدائل المحتملة من داخل النظام السوري والمعارضة لكن المقال الذي نشرته "وكالة الأنباء الفدرالية" اختفى سريعا.
وبعد أيام ، نشر مجلس الشؤون الدولية الروسية، وهو مركز أبحاث للسياسة الخارجية أنشأه الكرملين، تعليقًا ينتقد الحكومة في دمشق باعتبارها تفتقر "نهج بعيد النظر ومرن" لإنهاء الصراع.
وقال ألكسندر أكسينيونوك، الدبلوماسي الروسي السابق ونائب رئيس المجلس، الذي كتب التعليق: "إذا رفض الأسد دستور جديد، فإن النظام السوري يعرض نفسه لخطر كبير".
وأضاف أكسينيونوك، أن "المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة في جنيف بشأن إعادة صياغة الدستور السوري لإدخال بعض المنافسة السياسية بدأت أخيرا في أواخر العام الماضي، لكنها أصبحت على الفور في طريق مسدود عندما قام الجانب الحكومي بتخريبها عمدًا".
وأكد شخص مقرب من الكرملين إن ما نشر في الموقعين هي رسالة قوية للقيادة السورية، كما قال شخص مقرب من القيادة الروسية إن بوتين ينظر للأسد كـ"شخص عنيد ويمثل خيبة أمل له"، ولذلك استخدم موقعا مرتبطا ببريجوجين لتوصيل الرسالة.
ولم يرد الإعلام السوري على النقد فيما لم يعلق سفير سوريا في موسكو، رياض حداد، بحسب الوكالة الأمريكية.
وفي 20 ديسمبر الماضي، قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا، جير بيدرسون، لمجلس الأمن، إن الجولة الثانية من المفاوضات فشلت في الانطلاق لأن معارضي الأسد أرادوا مناقشة المسائل الدستورية وهو ما رفضته الحكومة السورية.
وقال دبلوماسي مُراقب للشأن السوري، إن تحذيرات موسكو تعكس حالة الإحباط بين رجال الأعمال الروس الذين فشلوا بالحصول على عقود تجارية بسوريا.
وأضاف الدبلوماسي إن روسيا تدرك مدى صعوبة الوضع في البلاد، مع فشل الأسد في توفير السلع الأساسية بسبب جائحة كورونا ومشكلة الفسلد التي قد تدفع بثورة مُستقبلية في مناطق معينة.
من جانبه، يقول جوست هيلترمان ، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية ومقرها بروكسل: "الأسد كان دائمًا عنيدًا في مواجهة الضغط الروسي لأنه يعرف أن سوريا أكبر من أن تفشل بالنسبة لروسيا".
واستطرد: "يبدو أن الحملة الإعلامية الروسية غير المسبوقة ضد الأسد والتي تتم بموافقة الحكومة، تعكس مدى حالة الإحباط في موسكو في الوقت الذي تكون فيه سوريا أقل أهمية.
فيما ترى إيرينا زفاسليسكايا، الخبيرة بمعهد الاقتصاد العالمي والشؤون الدولية، أن روسيا لديها قاعدة عسكرية بحرية وأرسلت قواتها لحراسة المناطق السابقة للمعارضة والطرق الرئيسية ولديها نفوذ ولكنها ستخاطر كثيرا لو حاولت الإطاحة بالأسد.
فيديو قد يعجبك: