وزير الصحة الإسرائيلي في الواجهة بعد ارتفاع إصابات كورونا بين اليهود المتدينين
(أ ف ب):
وجهت لوزير الصحة الإسرائيلي يعقوب ليتسمان اتهامات "بفشل كارثي" بعد تأخره في إقناع المجتمع اليهودي المتدين بضرورة تبني إجراءات عاجلة في مواجهة خطورة جائحة كوفيد -19.
ووضعت أزمة كورونا ليتسمان (71 عاما) الذي ينتمي لمجتمع اليهود المتدينين الذي انتخبه أمام تحديات صعبة حتى قبل تشخيص إصابته وزوجته بالفيروس.
ويقول خبراء إن تأخره في الإمساك بزمام الأمور وتبني سياسة مكافحة تفشي الوباء ليس سوى انعكاس للحساسيات الأوسع نطاقاً بين مجتمع اليهود "الحريديم" وباقي أطياف المجتمع الإسرائيلي.
ويرى البعض أن الوباء ربما يؤدي في النهاية إلى جعل الحريديم يتراجعون عن فكرة بقاء مجتمعهم المتدين معزولا.
ويقول الخبير بقضايا المجتمع المتشدد الحاخام يهوشوا فيفر لوكالة فرانس برس، إن دور ليتسمان في هذه الأزمة يشير إلى "صراع الولاءات" داخل مجتمعه.
وبحسب الحاخام فيفر فإن ليتسمان وعلى الرغم من ترؤسه حزب "يهودوت هتوراة" وعمله الرسمي في الحكومة، إلا أن "ولاءه الأساسي" هو للقادة الحاخامات في مجتمعه.
ويضيف الخبير في شؤون المجتمع اليهودي المتزمت "من غير المعقول أن تكون أيدلوجية وزير الصحة محصورة في إطار ’عقلية نحن وهم’ التي يتبناها مجتمع المتشددين تجاه الإسرائيليين الأقل تدينا".
ويشير فيفر إلى أن "أزمة فيروس كورونا سلطت الضوء فعلا (...) على أن هذا التوتر الحاصل يتطلب حلا".
- "فشل ذريع" -
بشكل عام، يحسب لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو استجابتها السريعة لاحتواء الأزمة من خلال حظر السفر وعدم السماح بدخول مسافرين من دول معينة للبلاد وغيرها من الإجراءات الداخلية.
أحصت إسرائيل حتى الآن أكثر من تسعة آلاف إصابة مؤكدة بالفيروس، ثلثها بين اليهود المتدينين الذين يمثلون 12 في المئة من السكان.
ولعل هذه الأرقام مردها إلى مقاومة أحياء المتشددين لتدابير التباعد الاجتماعي التي اتخذتها الحكومة، وخاصة اعتراضهم على إغلاق الكُنس والمدارس الدينية.
وأجبرت أعداد الإصابات المرتفعة، الحكومة على فرض تدابير استثنائية لاحتواء الفيروس في أحياء المتشددين بما في ذلك تعزيز الوجود العسكري في مدينة "بني براك" ذات الأغلبية المتشددة.
وشدد عضو الكنيست السابق والحاخام دوف ليبمان على أن ليتسمان لم يمنع الإسرائيليين أصحاب التوجهات العلمانية من تبني إجراءات وقائية مثبتة طبيا.
وقال ليبمان لفرانس برس "لا أعتقد أنه كان يفعل ما يؤذي بقية المجتمع الإسرائيلي".
لكنه أضاف أن "مرد فشله إلى عدم الطلب من المجتمع المتشدد تبني هذه الاستراتيجية (...) وكان هذا فشلا ذريعا".
ولعل السؤال الأكثر إلحاحا عند كثيرين هو لماذا لم يضغط ليتسمان بصفته وزيرا للصحة ومن أبرز قادة المجتمع المتدين في إسرائيل لضمان حماية وسلامة الحريديم.
ويشير ليبمان إلى أن الحفاظ على الحياة يمثل "أعلى قيمة" في أيديولوجية المجتمع المتدين.
وقال ليبمان إنه لإنقاذ الحياة يمكن أن يرتكب اليهود "كل أنواع الخطايا إلا الثلاث الرئيسية وهي القتل والوثنية والفسق".
وفقا للخبراء، فإن الإغلاق المؤقت للكنس من أجل حماية المجتمع بأكمله، أمر تبرره الشريعة اليهودية.
ويبدو الحاخام ليبمان واثقا من أن "ليتسمان لو جلس مع الحاخامات وشرح لهم طبيعة الفيروس وآثاره السلبية ومدى فتكه لكانوا شددوا على أن الحياة هي الأهم". ويقول فيفر إن ليتسمان "مثل العديد من القادة السياسيين المتشددين (...) يشعر بأنه لا يستطيع قول الكثير... كشخصية سياسية يعي تماما أن موقفه مرهون بمواقف حاخامية".
- ماذا بعد -
يقول الخبير بقضايا اليهود المتدينين في معهد إسرائيل للديموقراطية جدعون مالخ، "إن ليتسمان وببساطة لم يدرك الخطر".
وبحسب مالخ فإن فشل ليتسمان وغيره من الزعماء المتشددين في التنبيه بالخطر بسرعة سيؤدي إلى "تغييرات في المجتمع".
ويشير إلى أن بعض المتشددين وسعوا نطاق استخدامهم للإنترنت وما عادوا يثقون في قادتهم وقدرتهم على إمدادهم بالمعلومات اللازمة حول جائحة كوفيد -19.
وبالنسبة لعضو الكنيست السابق ليبمان فإن تداعيات فيروس كورونا يمكن أن تكون شبيهة بتلك التي رافقت حرب الخليج في 1990-1991 حين أدرك المتدينون أنه من الضروري أن يمتلكوا أجهزة راديو في منازلهم لتلقي المعلومات حول صواريخ سكود العراقية في الوقت اللازم.
ويضيف، بعد الوباء "ستكون هناك إعادة تقييم للعلاقات مع الحاخامات، وخاصة من يعطي المعلومات المتعلقة بـ "الحياة والموت".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: