ما حقيقة "المؤامرة" الفيروسية التي تحدثت عنها عالمة أمريكية؟
كتبت- رنا أسامة:
في مقطع فيديو بعنوان "ذا بلانديميك The plandemic"، المُشتق في جزء منه من مصطلح "الجائحة"، خرجت عالمة فيروسات أمريكية تُدعى جودي ميكوفيتس تروّج إلى مزاعم بلا أسانيد علمية وُصِفت بـ"الخطيرة" حول فيروس كورونا المُستجد، بما في ذلك أن ارتداء الكمامات يُساهم في انتشاره.
وتحدّثت ميكوفيتس في المقطع الذي لم تتجاوز مدته 26 دقيقة، عن "مؤامرة فيروسة سرية" مزعومة من قِبل نُخب عالمية مثل مؤسس شركة مايكروسوفت بيل جيتس، ومدير المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية الدكتور أنتوني فاوتشي لاستغلال الجائحة من أجل جني الأرباح من بيع اللقاحات والاستيلاء على السلطة.
كما حمّلت فاوتشي، أحد الأعضاء البارزين في فريق مكافحة كورونا بالبيت الأبيض، مسؤولية وفاة الملايين خلال الأعوام الأولى من انتشار فيروس نقص المناعة البشرية المُكتسب "الإيدز"، زاعمة أنها كانت جزءًا من الفريق الذي اكتشف ذلك الفيروس وأحدث ثورة في علاجه، وأنها سُجِنت بدون اتهامات بسبب كشفها لما وصفته بالفضائح العلمية.
وسارعت مواقع التواصل الاجتماعي إلى حذف المقطع بعد انتشاره كالنار في الهشيم على مِنصاتها.
قالت شركة فيسبوك إن "طرح فكرة تربط بين ارتداء كمامة والإصابة بالمرض يمكن أن يسبب أذى لا مفر منه، لذا سنحذف الفيديو".
وذكرت يوتيوب أنها تسعى إلى حذف مقطع جودي ميكوفيتش من على منصتها اتباعا لسياسات "المحتوى الذي يتضمن تشخيصا لا يدعمه رأي طبي والمتعلق بانتشار مرض كوفيد 19". لكن ظل عدد المقاطع المعدلة للفيديو موجودا على المنصة.
وأعلنت تويتر أنها منعت أي محتوى يستخدم هاشتاج "#وباء_الفساد "#plagueOfCorruption و"#فيلم_الوباء #Plandemicmovie"، لكنها ذكرت أن المحتوى المنشور كمقاطع أقصر للفيديو الأصلي لم يتعارض مع سياساتها للمحتوى المغلوط فيما يخص المرض.
بدورها فنّدت مجلة "ساينس ماج" العلمية حقيقة بعض الادعاءات التي روّج إليها ذلك المقطع المُجتزأ من فيلم وثائقي قال إنه يعِد "بالكشف عن النُخب العلمية والسياسية التي تدير مؤامرة تهدد نظامنا الصحي العالمي"، وأكّدت أنه غير صحيح. وفيما يلي بعضًا منها:
- الادعاء: عرّفت ميكوفيتس نفسها في الفيديو أنها واحدة من أكثر العلماء إنجازا في جيلها.
الحقيقة: قامت ميكوفيتس بتأليف 40 ورقة بحثية ولم تكن معروفة على نطاق واسع في الأوساط العلمية قبل أن تنشر ورقة في عام 2009، ادّعت خلالها وجود صلة بين الفيروسات القهقرية الجديدة ومتلازمة التعب المُزمن, ثبُت فيما بعد أنها خاطئة وتم سحبها.
- الادعاء: أطروحة الدكتوراه التي قدّمتها عام 1991 أحدثت ثورة في علاج فيروس الإيدز.
الحقيقة: أطروحة ميكوفيتس لم يكن لها أي تأثير ملحوظ في علاج فيروس نقص المناعة البشرية "الإيدز".
- الادعاء: ميكوفيتس قالت إنها سُجِنت بدون اتهامات.
الحقيقة: قدم المدعي العام في مقاطعة واشو بنيفادا شكوى جنائية ضد ميكوفيتس اتهمتها بأخذ بيانات كمبيوترية وممتلكات ذات صلة بشكل غير قانوني من معهد أبحاث ويتمور بيترسون. وأُسقِطت التهم لأسباب تتعلق في جزء منها بمشاكل قانونية واجهتها ربّة عملها السابقة.
- الادعاء: ميكوفيتش قالت إن فاوتشي يقف وراء عملية احتيال ويمنح مع المعهد الوطني الأمريكية للحساسية والأمراض المُعدية ملايين الدولارات من أجل التستر عليها
الحقيقة: لم يتضح أي احتيال أو تستر تتحدث عنه ميكوفيتس على وجه التحديد. ولا يوجد دليل على تورط فاوتشي في التستر على عملية احتيال أو مؤامرة، أو أن أي شخص حصل على تمويل منه أو من مؤسسته.
- الادعاء: قالت ميكوفيتس إنها عندما كانت بعمر الـ25 وكانت جزءًا من الفريق الذي عزل فيروس نقص المناعة البشرية من لعاب ودم المرضى من فرنسا، حيث عزل عالم الفيروسات لوك مونتانييه الفيروس في الأصل، تعمّد فاوتشي تأخير نشرأوراق بحثية تتعلق بذلك حتى يُنسب الإنجاز إلى نفسه، وكذلك الحال بالنسبة لبراءات الاختراع، وهو ما تسبب في نشر الفيروس وقتل الملايين.
الحقيقة: عندما اكتُشف فيروس "الإيدز" كانت ميكوفيتس تعمل كفني مختبر في مختبر فرانسيس روسيتي بالمعهد الوطني للسرطان، ولم تحصل بعد على الدكتوراه. ولا يوجد دليل على أنها كانت جزءًا من الفريق الذي عزل الفيروس أولاً.
كما أن أول روقة بحثية شاركت في تأليفها مع روسيتي عن فيروس نقص المناعة البشرية نُشرت في مايو 1986، بعد عامين من نشر 4 أورلق بحثية بارزة حول الفيروس الذي أطلق عليه مختبر جالو لاحقًا "الإيدز". ظهرت ورقة روسيتي الأولى حول الفيروس في أغسطس 1985. لا يوجد دليل على أن فاوتشي أوقف نشر أي أوراق بحثية أو أن هذا الأمر تسبب في وفاة الملايين.
- الادعاء: قالت ميكوفيتس إنه إذا قمنا بتنشيط اللقاحات الإلزامية على مستوى العالم، سيجني هؤلاء الأشخاص مئات المليارات من الدولارات من خلال تلك اللقاحات، كما سيتسببون في قتل الملايين. ولا يوجد أي لقاح في السوق ضد فيروس الحمض النووي الريبوزي.
الحقيقة: اللقاحات لم تقتل الملايين، بل ساهمت في إنقاذ لايين الأرواح. وتتوافر العديد من اللقاحات التي تعمل ضد فيروسات الحمض النووي الريبوزي المعروف اختصارًا بـ"رنا" فيالسوق، بما في ذلك الإنفلونزا والحصبة والنكاف والحصبة الألمانية وداء الكلب والحمى الصفراء والإيبولا.
- الادعاء: قالت ميكوفيتس إنه تم التلاعب بعائلة فيروسات كورونا ودراستها في مختبر ووهان. لم يذهب أحدهم إلى سوق الخفافيش، ولم يقفز الفيروس من الخفاش إلى الإنسان مباشرة. لو كان ما حدث طبيعيًا وغير متلاعب به، فقد يستغرق حدوثه نحو 800 عام.
الحقيقة: تشير التقديرات العلمية إلى أن الفيروس الأقرب إلى فيروس كورونا المُستجد المسبب لمرض "كوفيد 19"، هو فيروس الخفافيش التاجي كما حدده معهد ووهان للفيروسات في الصين.
ويستغرق ليتطور إلى فيروس كورونا المُستجد حوالي من 20 إلى 80 عامًا. ولا يوجد دليل على أنه تم التلاعب بفيروس الخفافيش التاجي.
- الادعاء: قالت ميكوفيتس إن التلاعب بالفيروس حدث بين مختبرات كارولينا الشمالية، وفورت ديتريك، ومعهد البحوث الطبية للجيش الأمريكي للأمراض المعدية، ومختبر ووهان.
الحقيقة: لا يوجد دليل إلى الآن على أن الفيروس نشأ في مُختبر ووهان المملوك للحكومة الصينية. وقد أوقف المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية تمويل مجموعة أمريكية تعمل مع مختبر ووهان، ما أثار غضب العديد من العلماء.
- الادعاء: قالت ميكوفيتس إن ارتداء الكمامات يساهم في زيادة انتشار الفيروس التاجي المُستجد ويجعل الناس يمرضون أكثر.
الحقيقة: لا يوجد دليل علمي على أن ارتداء الكمامات يُزيد من انتشار "كوفيد 19" أو يتسبب في زيادة معدلات انتشاره.
من هي جودي ميكوفيتس؟
بدأت ميكوفيتس حياتها المهنية كفني مختبر في المعهد الوطني للسرطان عام 1988.
أصبحت عالمة وحصلت على شهادة في علم الأحياء من جامعة فيرجينيا ودكتوراه في الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية من جامعة جورج واشنطن عام 1991.
في الفترة من 1992 إلى 2001، عملت ميكوفيتس في المعهد الوطني الأمريكي للسرطان كزميلة ما بعد الدكتوراه، ومديرة مُختبر.
وفي الفترة من 2006 إلى 2011، عملت كمديرة أبحاث بمعهد ويتمور بيترسون (WPI) لأمراض الجهاز العصبي المناعي، وهو مركز أبحاث خاص في رينو، نيفادا، لكنها ظلت غير معروفة إلى حد كبير للمجتمع العلمي، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
في 2011، فُصِلت من وظيفتها في قيادة معهد أبحاث ويتيمور بيترسون، واعتُقِلت بتهمة السرقة بسبب دراسة نشرتها عام 2009 تتعلق بالتهاب الدماغ والنخاع العضلي المعروف بمتلازمة التعب المزمن.
قدّمت كتابها الأول بمساعدة كينت هيكنليليفي في عام 2014، بعنوان "الطاعون".
ونشر كتابهما الثاني "طاعون الفساد: استعادة اليقين في وعد العلم" في أبريل الماضي الذي حاولت من خلاله الظهور أنها "تكشف الحقيقة وتقاوم كل ما هو مُخادع في العلم"، مُدعية أن الأثرياء ينشرون الفيروس عمدا لزيادة معدلات التطعيم.
وأُدرِج ذلك الكتاب في المرتبة الأولى على قائمة أفضل مبيعات شركة أمازون يوم الجمعة.
فيديو قد يعجبك: