أيدت "إعلان القاهرة" وحذّرت من الهجوم على سرت.. ما موقف إيطاليا من الأزمة الليبية؟
كتبت – إيمان محمود:
بعد توقيع اتفاقية التعاون الأمني والعسكري بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية، في نوفمبر من العام الماضي، أصبح موقف إيطاليا من الصراع الليبي أكثر وضوحًا مما كان عليه سابقًا، إذ دفعت مذكرة التفاهم غير الشرعية، الحكومة الإيطالية إلى إعلان رفضها لأي تدخل خارجي في الصراع الليبي وتمسّكها بالحل السياسي.
وأكد وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، في أعقاب الاتفاقية، رفضها طلب رئيس الوفاق فايز السرّاج، تفعيل الاتفاقية الأمنية لحماية طرابلس، مؤكدة أنها ستواصل عملية تعزيز الاستقرار الشامل في ليبيا عبر التدخل السياسي لا العسكري.
وتحتل ليبيا مكانة هامة لدى إيطاليا نظرًا لمصالحها الاستراتيجية فيها من ناحية، وقربها الجغرافي منها ومدى تأثير التطورات الداخلية الليبية على الأمن القومي الإيطالي من ناحية أخرى.
واتسم موقف إيطاليا قبل الاتفاقية بين الوفاق وأنقرة بالغموض نوعًا ما، وفي بعض الأحيان كانت حكومة الوفاق تحاول كسب الدعم الإيطالي لكن الأشهر الأخيرة شهدت ما بدا أنه تأييدا للموقف المصري ورفضا لهجوم محتمل من المليشيات المدعومة من تركيا على سرت والجفرة خاصة بعد تحذير الرئيس السيسي.
إيطاليا تؤيد "إعلان القاهرة"
بعد إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي في أوائل يونيو الجاري، التوصل إلى مبادرة لحل الأزمة الليبية والتأكيد على وحدة وسلامة الأراضي الليبية واستقلالها واحترام الاتفاقات الدولية كافة، بالإضافة إلى إعلان وقف إطلاق النار، خرجت وزارة الخارجية الإيطالية لتعلن تأييدها للمبادرة في إطار جهود التوصل إلى حل سياسي.
وقالت وزارة الخارجية الإيطالية، في بيان نشرته عبر موقعها الرسمي: "علمت إيطاليا بالاتفاق الذي أعلن عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي". مضيفة: "لطالما كانت إيطاليا داعمة لأي مبادرة، يمكن قبولها من قبل جميع الأطراف المعنية وفي إطار عملية برلين، لصالح حل سياسي للأزمة الليبية".
وتابعت "ولهذه الغاية، تدعو إيطاليا جميع الأطراف المعنية إلى التعهد باستئناف مفاوضات (5+5) بموقف بناء، من أجل تحديد وقف دائم لإطلاق النار بتوجيه من الأمم المتحدة".
ترسيم الحدود بين إيطاليا واليونان
كانت ضربة قاصمة لأحلام أردوغان التوسعية في شرق المتوسط، عندما أعلنت إيطاليا توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع اليونان.
ووقّع وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس، الاتفاق الذي يقضي بتحديد المناطق البحرية بين البلدين، مع نظيره الإيطالي لويجي دي مايو، في وزارة الخارجية اليونانية.
وقد اتخذت مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل الاتفاق بشأن تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بين البلدين بُعدًا مثيرًا، ما جعل اليونان حذرة فيما يخص الكشف عن محتوى الاتفاقية قبل التوقيع عليها بصورة رسمية.
وقبل أن يخرج أمر هذا الاتفاق للعلن، كان دندياس قد صرح مؤخرا "أن تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة مع إيطاليا ومصر هو إحدى الأولويات الرئيسية لحكومة ميتسوتاكيس"، وقال إن حكومة بلاده كانت بطيئة في حل هذه القضية.
وبموجب اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، تقبل إيطاليا وتعترف بالسيادة اليونانية في الجزء اليوناني من المنطقة الاقتصادية الخالصة، حيث تفرض شروطا محددة على حركة ونشاط الصيادين الإيطاليين، وهي خطوة من شأنها قطع الطريق أمام الأطماع التركية في حقول النفط والغاز في المتوسط.
رسالة تحذير إيطالية لفايز السراج
رسالة حاسمة وجههتا إيطاليا إلى حكومة فايز السراج، جاءت في إطار تحذير من أي محاولات لإختراق جبهة سرت من قبل ميليشيات طرابلس.
وجاء هذا التصريح الذي يتفق مع الرؤية المصرية، بعد أن أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي تحذيراته من الاقتراب إلى محور "سرت - الجفرة"، واصفًا إياها بـ"خط أحمر" بالنسبة إلى مصر ممنوع الاقتراب منه أو استهدافه من قبل المليشيات المدعومة من تركيا، مؤكدا أن "ي تدخل مصري مباشر في ليبيا بات شرعيا."
وأكد وزير خارجية إيطاليا، لويجي دي مايو، عقب لقائه السراج في العاصمة طرابلس، على ضرورة إطلاق العملية السياسية في ليبيا، والعودة إلى المفاوضات.
وأوضح دي مايو: "أي خطوات عسكرية من الميليشيات المدعومة من تركيا، لإختراق جبهة سرت، أمر مرفوض وسيؤدي إلى تفاقم النزاع".
وشدد الوزير الإيطالي أيضا على ضرورة وضع حد للتدخلات الخارجية في ليبيا، والعودة للمسار السياسي.
وقال دي مايو: "لقد أثرت مع السراج مخاوفنا بشأن العمليات العسكرية في سرت التي يمكن أن تؤدي إلى تجدد القتال ووقوع المزيد من الضحايا في صفوق المدنيين".
وتابع: "كما أكدت أن هذه المسألة من شأنها أن تؤدي عمليا إلى تقسيم البلاد، وهو أمر غير مقبول بالنسبة لنا باعتباره الخطوة الأولى نحو اندلاع صراع مسلح جديد".
وجاءت هذه الرسالة بعد زيارة قام بها رئيس وزراء إيطاليا إلى طرابلس، الأربعاء الماضي، والتي بحث خلالها مع السراج، ومسؤولي حكومة الوفاق، أهمية العودة إلى المسار السياسي، وملف الهجرة غير الشرعية، ودور عملية "إيريني" الأوروبية لتنفيذ قرار الأمم المتحدة حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا، إلى جانب العلاقات الثنائية.
وبعد عودته إلى روما، قال وزير الخارجية الإيطالي للصحفيين إن السراج "قدم تطمينات وافرة بأن إيطاليا لا تزال شريكًا أساسيًّا ولا بديل عنه، رغم الوجود التركي في ليبيا"، وفق ما نقلته "آكي".
إعلان ثلاثي بضرورة وقف إطلاق النار
مساء الخميس، دعت فرنسا وألمانيا وإيطاليا، الأطراف الليبية إلى وقف القتال كما دعت الأطراف الخارجية إلى وقف أي تدخل وذلك في محاولة لإعادة المحادثات السياسية إلى مسارها.
وذكرت الدول الثلاث في بيان "في ضوء المخاطر المتنامية من تدهور الموقف في ليبيا. تدعو فرنسا وألمانيا وإيطاليا جميع الأطراف الليبية إلى وقف القتال على الفور ودون شروط".
ودعت الدول الثلاث أيضا "الأطراف الخارجية لإنهاء جميع أشكال التدخل في ليبيا والاحترام الكامل لحظر السلاح الذي يفرضه مجلس الأمن الدولي".
فيديو قد يعجبك: