ترامب وفيروس كورونا: كيف خلق الرئيس الأمريكي "عالمًا وهميًا"؟
كتبت- هدى الشيمي:
توجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى ميامي، فلوريدا، أمس الجمعة، بهدف خلق واقع بديل بالتزامن مع تفشي فيروس كورونا المستجد في الولايات المتحدة الأمريكية، لم يرتدِ قناعًا، ولم يُظهر أي شعور بالندم على إعادة فتح الولايات اقتصاديًا والذي أثقل كاهل نظام الرعاية الصحية ووضعه في حالة فوضى، وبالكاد تحدث عن الوباء.
بحلول موعد عودته إلى البيت الأبيض في تلك الليلة، أصدر ترامب قرارًا بتخفيف العقوبة على صديقه القديم روجر ستون، وبرر ذلك بأنه كان ضحية عملية مطاردة مزيفة، في الوقت نفسه قالت شبكة سي إن إن الإخبارية إن ترامب استمر في غض الطرف عن الأوضاع في الولايات المتحدة بسبب تفشي الفيروس الذي يقتل الآلاف من الأمريكيين.
التخلي عن القيادة
في وقت تنخفض فيه أرقام استطلاعات الرأي الخاصة به، يرفض الرئيس الذي يشارك في الانتخابات الرئاسية المُقبلة لعب دور قيادي أكبر للقضاء على الفيروس، عوضًا عن ذلك يبدو أنه غالق في دائرة من الغضب والشفقة على الذات بشأن قضايا أخرى يعتقد أنها أكثر أهمية لثرواته السياسية.
برز حجم الفجوة بين الواقع والعالم الوهمي البديل الذي يعيش فيه ترامب خلال زيارته إلى فلوريدا، التي ارتفع فيها عدد الإصابات بكورونا بنسبة 1.237 % منذ إعادة فتحها في أوائل مايو، بعد هبوط معدّل الحالات الإيجابية إلى 28%، وفي الوقت نفسه ركز ترامب على قضايا بعيدة عن مخاوف الأمريكيين، مؤكدًا مرة أخرى أنه ليس لديه استراتيجية لمواجهة الفيروس الذي أصاب أكثر من 3 مليون أمريكي.
زار ترامب قاعدة القيادة الجنوبية لمناقشة جهود منع الاتجار المخدرات وأجرى مناقشات مع المنشقين الذين انتقدو الأنظمة الشيوعية والاشتراكية في أمريكا اللاتينية، وهو ما اعتبرته "سي إن إن" مشهدًا يهدف إلى الثناء عليه، مقابل الهجوم على نائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن والديمقراطيين، إلا أن كل هذا الصخب السياسي تلاشى بعد تخفيف العقوبة عن ستون.
سياسات إلهاء ترامب
بعد انقضاء ثلاث سنوات من فترة رئاسية حاول فيها الرئيس الأمريكي شيطنة أعدائه، واتخذ خطوات أعتقد أنها تساعده سياسيًا، لم يكن قرار بتخفيف عقوبة ستون مفاجئًا.
ومع مواصلة تفشي الوباء منذ أشهر في الولايات المتحدة، لم يتوقف ترامب عن التحدث عن حجم الظلم الذي يتعرض له.ولفتت "سي إن إن" إلى أنه في تلك الفترة كان يستغل حسابه على توتير وأحداث حملته للهجوم على خصومه، بينما يشكو لحلفائه والمقربين منه من سوء معاملة الصحافة له.
والآن، وقبل أربعة أشهر على إجراء الانتخابات الرئاسية، لا يبدو أن الرئيس الأمريكي يفعل أي شيء لتصحيح المسار، عوضًا عن ذلك يتبع سياسات تهدف إلى صرف الانتباه عن الآثار المدمرة للفيروس الذي قتل حتى الآن أكثر من 133 ألف مواطن أمريكي، ولا يتوقف عن تشويه الحقائق بشأن الوضع الخطير الذي تواجهه بلاده في مواجهة كوفيد-19.
ارتفع عدد الإصابات الجديدة بالفيروس التاجي، أمس الجمعة، في الولايات المتحدة إلى 63.900 ألف شخص، وهو رقم قياسي جديد حسب بيانات جامعة جون هوبكينز.
الاستخفاف بالوباء
استخف ترامب بخطورة الموقف مرارًا وتكرارًا، إلا أن استهانته به تجلت الأسبوع الماضي عندما زعم أن 99% من الحالات ليست خطيرة، حتى تغير موقف الأسبوع الماضي في انقلاب مفاجئ، وأعلن أنه سيرتدي قناع الوجه، وعلى ما يبدو أنه اتخذ هذا القرار بعد أسابيع من ضغط فريقه ومستشاريه عليه، حسب سي إن إن.
قال ترامب إنه سيرتدي قناعًا خلال زيارته لجنود جرحى في مركز والتر ريد الطبي في ولاية ماريلاند، يوم السبت. قالت (سي إن إن) إن هذا القرار لم يأتِ إلا بعد ضغط مساعديه عليه وحثهم لأن يكون قدوة لأنصاره، في وقت تظهر فيه استطلاعات الرأي تفوق جو بايدن عليه.
وخلال تصريحات أدلى بها الرئيس مع شون هانيتي من قناة فوكس نيوز، الخميس الماضي، قال: "ليس لي مشكلة مع القناع، فأنا مع الجنود ولا أريد نشر أي شيء بينهم".
وتابع: "آمل أن أبدو جيدًا في القناع"، قالت "سي إن إن" إنه إذا أكمل على نفس المنوال فإنه ستكون إحدى المرات النادرة التي يكسر فيها القاعدة، ويضع الصالح العام قبل احتياجاته وغروره، وهي خطوة بسيطة قد تساعده على تغيير مساره الحالي، والذي يبدو أنه يتجه نحو الهزيمة في نوفمبر.
فيديو قد يعجبك: