انفجار بيروت: قصة عائلة سورية لاجئة فاقم الانفجار من معاناتها
بيروت- (بي بي سي):
ليس هناك الكثير يمكن لملمته . لكن اللاجئين السوريين، في الأساس، ليس لديهم الكثير.
يقوم محمود وصهره فواز بإنقاذ ما في وسعهما، مما كان في السابق منزل عائلتهما، وهو شقة متواضعة تقع بعيدا خلف أحد الأبراج المطلة على البحر في بيروت.
إنهما يتعثران فوق الركام والمعادن الملتوية، للوصول إلى ما كان في السابق غرفة المعيشة. الثلاجة ملقاة على جانبها وبابها مفتوح. يوجد قفص طيور محطم على الأرض، بالقرب من طائر كناري ميت.
لا يزال فتات صغير من الزجاج المحطم يتساقط، من حين لآخر من الطوابق الأعلى.
لا يزال البرج السكني المسمى "برج الحمام" قائما، لكنه حطام. سيمر وقت طويل قبل العثور على مستأجرين جدد، لهذه الشقق الفاخرة المدمرة.
إذا كان بإمكان أي شخص، أن يدعي أنه كان يعيش بالقرب من مركز الانفجار في بيروت، في الرابع من أغسطس، فهم الأشخاص الذين يعيشون بعيدا عن الأنظار، في مؤخرة الطابق الأرضي من المبنى، عائلة كينو، وهم لاجئون من محافظة حلب السورية.
من البهو المدمر في المبنى، يطل المنظر على الطريق الساحلي المزدحم ومن ورائه الميناء. لا تزال سحابة من الغبار الأصفر تدور، فوق صوامع الغلال المحطمة المجاورة للمكان، الذي انفجر فيه نحو 2750 طنا من نترات الأمونيوم، مما تسبب في هزة أرضية في جميع أنحاء بيروت.
في ذلك المساء كان والد محمود، علي، جالسا أمام المبنى حيث يعمل حارسا للعقار يشاهد الحريق المشتعل في الميناء. ناشدته زوجته فاطمة أن يدخل، لكنه لم يعتقد أن هناك ما يدعو للقلق.
وأدى الانفجار إلى تساقط قطع من الكسوة الحجرية الثقيلة للمبنى من الأعلى، مما أدى إلى إصابة كليهما وكذلك ابنتهما هدى، البالغة من العمر 11 عاما.
عندما سمع محمود الانفجار، هرع إلى المبنى من ضاحية الدورة القريبة.
يقول: "اعتقدت أنني لن أرى أسرتي على قيد الحياة. في الطريق من الدورة رأيت مشاهد مروعة. رأيت أناسا في سياراتهم موتى. اعتقدت أن هذا سيكون مصير عائلتي".
أصيب كل من علي وفاطمة وهدى بجروح خطيرة، لكنهم نجوا.
ومع ذلك، لقيت شقيقة هدى، سدرة البالغة من العمر 16 عاما، حتفها تحت الأنقاض.
يقوم محمود وفواز بلف قطع صغيرة من الحجارة الملطخة بالدماء في ملاءة، ليضيفوها إلى مجموعة متعلقاتهم الضئيلة. يأخذونهم إلى التلال القريبة، حيث وجدت الأسرة مسكنا مؤقتا ومكانا لعلاج جروحهم الكثيرة.
إنهم منهكون ومتألمون حزنا على سدرة. دفنها محمود بالفعل بعيدا في سهل البقاع، في قطعة أرض مخصصة كمقابر للاجئين السوريين.
لدى علي ندبة قبيحة في مؤخرة رأسه، وعانى من كسر في الجمجمة ولا يرى بإحدى عينيه.
الثلاثة يتألمون، ويشعر محمود أنهم لا يحصلون على الرعاية الكافية.
ولكن مع اكتظاظ مستشفيات بيروت، يجب على الأسرة أن تعتني بنفسها. ليس لديهم مدخرات والآن ليس لديهم عمل أيضا. إنهم ينفقون القليل الذي لديهم على العلاج والسكن.
يشك علي في أنه سيعود إلى وظيفته، حارسا على المبني مرة أخرى.
يقول علي: "لا أعرف. كيف سأرى؟ كيف سأشفى؟ رأسي يؤلمني. لقد فقدت ابنتي وزوجتي مريضة، وابنتي الأخرى مريضة. لا أستطيع العودة إلى بلدي".
بالعودة إلى بيروت، يصطف اللاجئون السوريون بقلق في مراكز المساعدة، التي أنشأتها الجمعيات الخيرية المحلية على نواصي الشوارع.
لا تسمع أهل بيروت يتحدثون كثيرا عن ذلك، لكن اللاجئين السوريين تضروا للغاية من الانفجار.
وتقول الأمم المتحدة إن 13 لاجئا سوريا على الأقل لقوا حتفهم، وإن 57 آخرين لا يزالون في عداد المفقودين. لكن الرقم الحقيقي قد لا يُعرف أبدا، لأنه ليس جميع اللاجئين السوريين مسجلين، أو يحملون أوراقا ثبوتية.
عاش الكثيرون منهم في أحياء فقيرة مجاورة للميناء، بينما عمل البعض الآخر في أرصفته.
مع تضرر المنازل ووفاة العائل، أصبحت حياة ما يقدر بنحو 1.5 مليون لاجئ سوري في لبنان أكثر صعوبة قليلا.
كان محمود يعيش ويعمل في لبنان، قبل فترة طويلة من فرار بقية أفراد عائلته من سوريا. وصل في سن الثالثة عشرة وساعد في بناء البرج، حيث انتهى الأمر بأسرته بالعيش فيه.
انه دائما يتولى شأنه بنفسه. لا يستطيع تحمل هذا الشعور الجديد بالعجز.
يقول: "أكره أن يصفني شخص ما بلاجئ".
"لدي كرامتي. لن أمد يدي أبدا وأطلب المساعدة. لكنني الآن أحتاجها حقا. وضعي سيء حقا، حقا".
بعد أسبوعين من الجهد الدؤوب، تمكن محمود من تحديد مكان أقاربه في المستشفى، ودفن أخته وإعالة أسرته الكبيرة، ولا يزال يشعر بالمرارة.
ويقول: "كل ما أفكر فيه هو كيفية الخروج من هنا". مضيفا "أكره هذا البلد. لقد ماتت أختي هنا ".
فيديو قد يعجبك: