إعلان

بين التحية والتنديد.. كيف قوبل اعتذار أديب عن تشكيل الحكومة اللبنانية؟

02:23 م السبت 26 سبتمبر 2020

مصطفى أديب

كتبت- رنا أسامة:
ما أن أعلن رئيس الوزراء اللبناني المُكلّف مصطفى أديب اعتذاره عن تشكيل الحكومة الجديدة، حتى توالت ردود الفِعل داخل الأروقة السياسية في لبنان، مُتباينة بين التحية والتقدير على ما اعتبره بعضهم بـ"القرار الشجاع والجريء"، وبين التنديد والأسف لما عدّه آخرون "نموذجًا صارخًا في الفشل" من شأنه أن يُبقي البلاد في حالة تأزّم.

أعلن أديب في وقت سابق ، السبت، اعتذراه عن مهمة تشكيل الحكومة الجديدة، وذلك خلال كلمة ألقاها أمام الصحفيين، عقب اجتماعه السادس مع الرئيس اللبناني ميشال عون في قصر بعبدا. وقال: "حرصًا مني على الوحدة الوطنية بدستوريتها ومصداقيتي، فإنني أعتذر عن متابعة مهمة تشكيل الحكومة"، مُضيفًا: "تبيّن لي أن التوافق لم يعد قائمًا".

ولم يقدم أديب تشكيلة حكومته خلال خمس زيارات قام بها للرئيس عون منذ تكليفه، كان آخرها أمس الجمعة.
وكُلّف أديب في نهاية أغسطس الماضي بتشكيل حكومة جديدة خلفًا لحكومة حسان دياب التي استقالت على خلفية الانفجار الذي هز مرفأ بيروت في الرابع من الشهر نفسه.

قبول وشكر وتقدير

فور اعتذار أديب، وجه الرئيس اللبناني ميشال عون الشكر إلى رئيس الحكومة المُكلّف على الجهود التي بذلها، وأبلغه بقبول اعتذاره، وذلك بعد أن عرض عليه الصعوبات التي واجهته في عملية تشكيل الحكومة الجديدة.

تكمن المشكلة في إصرار الثنائي الشيعي، "حركة أمل" و"حزب الله"، على الحصول على وزارة المال وتسمية وزيرها وسائر الوزراء الشيعة، فيما يصر أديب على المداورة الشاملة في الحقائب بدءا بالمال، وكذلك على تولي اختيار وزراء الثنائي الشيعي واختيار الوزراء السنّة والمسيحيين والدروز.
وقال عون إنه سيتّخذ الإجراءات المناسبة وفقًا لمقتضيات الدستور، حسبما أفادت الرئاسة اللبنانية على حسابها عبر تويتر، السبت.

وأكّد عون في الوقت نفسه أن المبادرة التي اطلقها نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون "لا تزال مستمرة وتلقى مني كل الدعم وفق الأسس المُعلن عنها".
وبالمثل، وجّه عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب عماد واكيم، تحية احترام إلى الرئيس المُكلّف المُعتذر. وغرّد عبر تويتر: "هذا ليس استهتارا بل إجرامًا كامل المواصفات بحق الشعب".
وتابع: "إغراق الرئيس المكلف بالشروط والتلطي خلف الطوائف نهج أوصلنا إلى ما نحن فيه وما زلتم مستمرون غير آبهين بالبلد والشعب، صغار لا أمل فيكم، الشعب هو مصدر السلطات ولن تتمكنوا من خنقه، تحية احترام إلى الرئيس المكلف المعتذر".

وعلى المنحى ذاته، غرّد وزير العدل اللبناني الأسبق، اللواء أشرف ريفي، عبر تويتر:"مصطفى أديب الذي صارع مافيا السلاح والفساد لشهر، خرج مرفوع الرأس ولم يشارك في خداع اللبنانيين تحت عنوان حكومة تجريب المجرب. شاهد على مأساة لبنان بهذه المنظومة ومؤسس لنهج كرامة ومؤسسات. كل التحية لك يا ابن طرابلس البار ويا ابن هذا الوطن الذي يشبهك وأمثالك..".

وأردف: "أديب أعطى المثال أن لبنان غني بالقامات والخامات. الويل الويل لكل من يسهم في التساهل واستمرار منظومة السلاح والفساد. لا سقف بعد اليوم في لبنان تحت السقف الذي تشبث به مصطفى أديب".

كما هنّأه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، واضفًا الخطوة بالشجاعة. وقال إنه "أول مسؤول لبناني يستقيل عندما لا يتمكن من أن يترجم قناعاته".
ورأى جعجع ان اعتذار أديب "أكد المؤكد بأنه لا يمكن التفكير باي إنقاذ إلا بحكومة مستقلة فعلًا".

"نموذج صارخ في الفشل"

في المقابل، وصف رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري تلك الخطوة بأنها "نموذج صارخ في الفشل".
وقال في بيان نُشر على حسابه الموثّق عبر تويتر، السبت: "مرة جديدة، يقدم أهل السياسة في لبنان لأصدقائنا في العالم نموذجا صارخا عن الفشل في إدارة الشأن العام ومقاربة المصلحة الوطنية".

وتابع: "اللبنانيون يضعون اعتذار الرئيس المكلف مصطفى أديب عن مواصلة تشكيل الحكومة اليوم، في خانة المعرقلين الذي لم تعد هناك حاجة لتسميتهم، وقد كشفوا عن أنفسهم في الداخل والخارج".

وأوضح الحريري أن "الإصرار على إبقاء لبنان رهينة أجندات خارجية بات أمرا يفوق طاقتنا على تدوير الزوايا وتقديم التضحيات"، موجهًا رسالة إلى المُحتفين بسقوط مبادرة ماكرون مُفادها: "ستعضون أصابعكم ندما لخسارة صديق من أنبل الأصدقاء ولهدر فرصة استثنائية سيكون من الصعب أن تتكرر لوقف الانهيار الاقتصادي ووضع البلاد على سكة الإصلاح المطلوب".

كما أعرب رؤساء الحكومة السابقون نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، عن "أسفهم" لما عدّوه "ضياعًا للفرصة" التي أتيحت للبنان".
وأكد الثلاثة في بيان مشترك، نقلته قناة "إل بي سي آي جروب" اللبنانية، وقوفهم "إلى جانب أديب في اعتذاره عن الاستمرار في مهمته التي جرى الإطاحة بها"، آملين "أن يصغي الجميع للضرورات والاحتياجات الوطنية، وأن يدركوا مخاطر التصدع والانهيار بدون حكومة قادرة وفاعلة وغير حزبية".

وجاء في البيان: "مع تكليف أديب تشكيل الحكومة الجديدة، لاحت فرصة إنقاذ لبنان بتأليف حكومة تبدأ بالعمل على استعادة الثقة ووقف الانهيار الاقتصادي والمالي والنقدي الحاصل، لكن من المؤسف أن يصار إلى الالتفاف على هذه الفرصة التي اتيحت للبنان ومن ثم الى إجهاض جميع تلك الجهود..".
وتابع البيان: "إن رؤساء الحكومة السابقين الذين اقترحوا تسمية أديب، لما يتمتع به من كفاية ومناقبية وطنية، وبعد أن تبنت معظم الكتل النيابية تكليفه، وبعد أن التزم أديب بتلك القواعد لتأليف الحكومة، فإننا نؤكد وقوفنا إلى جانبه في اعتذاره عن الاستمرار في مهمته التي جرى الإطاحة بها".

بالمثل، أعرب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، عن أسفه لاعتذار أديب، مُشددًا على ضرورة "الإسراع بتكليف رئيس يشكل حكومة وفاق وطني تنقذ لبنان من ما هو فيه".
وكذلك، رأى رئيس الحكومة المُستقيل حسّان دياب أن "اعتذار دياب يستوجب الاسراع بإجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصية بتشكيل حكومة قادرة على التعامل مع المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان