قمة العلا.. ما بين آمال رأب الصدع وهواجس تكريس الانقسام
القاهرة- (د ب أ):
في قمة وصفت بالتاريخية، احتضنت مدينة العلا شمال غرب السعودية دول مجلس التعاون الخليجي الست بالإضافة إلى مصر، وخرج بيانها الختامي يتمحور حول وحدة الصف وإعلاء المصلحة المشتركة والمصالح العليا لدول المجلس والدول العربية، والتأكيد على توجه لطي صفحة الماضي، وتدشين مرحلة جديدة من العلاقات بين الرباعي العربي، السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وبين قطر بعد قطيعة دامت أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة.
وقال الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي، إن قمة العلا وبيانها الختامي، أسسا لـ"مرحلة جديدة نعمل فيها سوياً نحو غدٍ مشرق لمنطقتنا، ونواجه فيها، صفاً واحداً، كل التحديات. فنحن وأشقاؤنا شعب واحد بقيادة إخوة همهم الأول استقرار وازدهار ورخاء أوطانهم".
وفي سلسلة تغريدات على حسابه على "تويتر"، قال الأمير خالد إن القمة "أكدت أن ما يجمع العرب بشكل عام وأبناء الجزيرة بشكل خاص من روابط التاريخ والدم والعقيدة أكبر من أي خلاف مهما كان حجمه".
وبدوره، علق أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية بتغريدة كتب فيها :"تبدأ صفحة جديدة مشرقة".
بينما قال وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني :"تنطوي اليوم صفحة الخلاف بروح من المسؤولية والسعي لفتح صفحة جديدة ترسخ معاني التضامن والتعاون لما فيه خير الشعوب الخليجية ولمواجهة التحديات التي تتعرض لها المنطقة" ، مؤكداً أن قطر تتطلع إلى "مواصلة العمل الخليجي والعربي المشترك الذي يعود بالخير على الشعوب الخليجية وعلى أمن واستقرار المنطقة، آملين أن يحقق هذا الاتفاق المزيد من التقدم والازدهار والرخاء".
تطور لافت جاء بوساطة كويتية وبرعاية أمريكية وصفه مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية بأنه "أكبر تقدم حققناه حتى اليوم" ، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال.
إلا أن مراقبين يرون أن القمة التي حملت رقم 41 خرجت ببيان ختامي لم يوضح على سبيل المثال ما يتعلق بمصير المطالب الـ13 التي حددتها الدول الأربع منذ بداية الأزمة كشرط لإعادة العلاقات مع قطر.
واكتفى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله في سلسلة تغريدات له على تويتر بالقول إن "البيان الختامي تضمن التزام كل من الدول بإنهاء كل الموضوعات ذات الصلة، انطلاقاً من حرصها على ديمومة ما تضمنه البيان، وأن يتم من خلال المباحثات الثنائية تعزيز التعاون والتنسيق فيما بينها خاصة في مجالات مكافحة الإرهاب، والجرائم المنظمة بجميع صورها".
وأضاف أن الدول الأطراف أكدت تضامنها في عدم المساس بسيادة أي منها أو تهديد أمنها، أو استهداف اللحمة الوطنية لشعوبها ونسيجها الاجتماعي بأي شكل من الأشكال، ووقوفها التام في مواجهة ما يخل بالأمن الوطني والإقليمي لأي منها ، معتبرا أنه "مهما بلغت الخلافات في البيت الواحد إلا أن حكمة أصحاب الجلالة وسمو الفخامة بعد مشيئة الله تعالى، قادرة على تجاوز كل ذلك، والعبور بالمنطقة ودولها وشعوبها إلى بر الأمان" ، متمنيا أن يكون ما تحقق بتوقيع بيان العلا "صفحة جديدة في سبيل تحقيق أمن واستقرار المنطقة وشعوبها، بعيدًا عن كل المسببات والمنغصات الماضية".
وفرضت السعودية والإمارات والبحرين ومصر، منذ يونيو عام 2017، قيودا على قطر، شملت إغلاق حدودها البرية والبحرية ومجالاتها الجوية ، وطالبت الدول الأربع الدوحة بتلبية 13 شرطا لإعادة العلاقات معها. وشملت قائمة المطالب إغلاق قناة الجزيرة الفضائية، وتحجيم العلاقات العسكرية مع تركيا وإغلاق قاعدة عسكرية تركية في قطر، وقطع العلاقات مع جماعة الإخوان المسلمين، وتقليص العلاقات مع إيران.
لكن الدوحة رفضت حينها الشروط ، معتبرة أنها "تمس سيادتها واستقلال قرارها الوطني"، مؤكدة في الوقت ذاته استعدادها للحوار على أساس الندية واحترام السيادة.
ويرى محللون أن مستوى التمثيل في قمة العلا يحمل دلالة أخرى، حيث مثل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بلاده ، وحضر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، وترأس أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح وفد بلاده إلى القمة ، بينما ترأس نائب رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن راشد، وفد بلاده وغاب الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي.
وشارك أيضا ولي عهد البحرين رئيس مجلس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة نيابة عن الملك حمد بن عیسی آل خليفة الذي غاب عن القمة. كما شارك رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء العماني فهد بن محمود آل سعيد في القمة نيابة عن السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، ومثل مصر وزير خارجيتها سامح شكري.
وعلى الرغم من إعلان السعودية فتح الحدود مع قطر عشية القمة ، لم تعلن الإمارات ومصر والبحرين عن موقف مماثل، إلا أن مسؤولا أمريكيا قال "نتوقع" انضمامهم للخطوة، وأضاف المسؤول أنه بموجب الاتفاق، سوف تعلق قطر الدعاوى القضائية المتعلقة بالمقاطعة.
وتثار تساؤلات عدة بشأن المستجدات التي أعيدت على أساسها العلاقات وضمانات تنفيذ مخرجات القمة. فعلى سبيل المثال أكد البيان الختامي على مكافحة الجهات التي تهدد أمن دول الخليج، وسمى تحديدا "استمرار التدخلات الإيرانية".
ويشكك مراقبون في مدى جدية قطر تحديدا فيما يتعلق بمجابهة "التهديد الإيراني" ، بعدما عززت الدوحة علاقاتها بشكل وثيق مع طهران خلال سنوات المقاطعة مع جيرانها على الأصعدة كافة، وهو ما يدحض الطرح الذي يتحدث عن مساع أمريكية لتشديد الحصار على إيران من خلال قطع طريق الاستفادة من قطر.
وفي هذا السياق أشارت صحيفة الجارديان البريطانية إلى أن القمة هيمن عليها "الحديث عن التضامن واللحمة الأخوية" بينما غابت عنها "الدروس المستفادة".
بينما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤول بحريني بارز قوله :"الجميع ينتظر الآن ليرى ما إذا كانت قطر ستلتزم بما قالته ، الآن لدينا إطار عمل متفق عليه".
وينظر محللون بعين من الشك إلى إمكانية حدوث تحول جذري في العلاقات القطرية الإيرانية وسط مخاوف من انتكاسة جديدة تكرس الانقسام، ويستدعي هذا المعسكر الاتفاق الذي أعلن عنه قبل سبع سنوات بين دول مجلس التعاون الخليجي وأمير قطر والذي ظل حبرا على ورق.
فيديو قد يعجبك: