لماذا تشعر الهند بحذر شديد إزاء تحقيق صافي انبعاثات صفري؟
نيودلهي- (د ب أ):
بوصفها ثالث أكبر مصدر لانبعاثات الغازات الدفيئة في العالم، أو رابع أكبر مصدر إذا اعتبر الاتحاد الأوروبي كتلة واحدة، تتعرض الهند لضغط من أجل الالتزام بجدول زمني بشأن الوقت الذي تتوقع أن تصل فيه انبعاثاتها إلى ذروتها ثم تتراجع.
إلا أن المسؤولين أشاروا إلى أن الحكومة لن تلتزم بتحقيق صافي انبعاثات صفري، ولكنها ستركز بدلا من ذلك على زيادة مساهماتها المحددة وطنيا لخفض الانبعاثات، وهو ما يعد جزءا أساسيا من اتفاقية باريس للمناخ.
ويقول بعض الخبراء إن الهند لا تستطيع أن تتحمل إبطاء عملية النمو الخاص بها، التي تعتمد في الوقت الحالي بشكل كبير على الوقود الأحفوري كمصدر للطاقة، وذلك بوصفها اقتصاد سريع النمو يحاول إخراج ملايين المواطنين من الفقر.
ويقول أجاي شانكار، من معهد الطاقة والموارد، إن مجرد توصيل الكهرباء إلى أكثر من 240 مليون أسرة على مدار الخمسة عشر عاما الماضية، يعد إنجازا كبيرا بالنسبة للهند.
وقال إن "التحدي الذي تواجهه الهند حاليا هو الجمع بين النمو الاقتصادي السريع والانتقال السريع للطاقة، بعيدا عن استخدام الوقود الأحفوري تماما".
وفي الوقت الحالي، يعد الفحم هو مصدر نحو 60% من الطاقة في الهند.
وتبلغ حصة المصادر غير الأحفورية في قدرة الهند المركبة من الكهرباء، 38 بالمئة، تتضمن مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي تشكل 26 % فقط من المزيج.
ويشير المسؤولون الهنود إلى أن البلاد في طريقها إلى تحقيق هدفها الحالي للوقود غير الأحفوري، ومن المرجح أن تقوم بتحديث مساهماتها المحددة وطنيا قريبا.
ولكن عندما يتعلق الأمر بـ "صافي الانبعاثات الصفري" – وهو ما يحدث عندما تتم موازنة انبعاثات الغازات الدفيئة التي تسبب الإنسان في إطلاقها للغلاف الجوي، عن طريق تخلص الانسان من الغازات الدفيئة خلال فترة محددة - يواجه صانعو السياسة في الهند معضلة.
وعلى عكس الدول المتقدمة أو الأكثر ثراء، حيث بلغ الطلب على الطاقة والانبعاثات ذروته، قد لا يكون من الممكن في الدول النامية مثل الهند، تلبية الطلب المتزايد ببساطة، وفي نفس الوقت، توفير الطاقة من خلال مصادر الطاقة المتجددة. وقد يعني ذلك تجاوز الوقود الأحفوري لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة في طلب الطاقة غير المحدد حتى الآن.
ومن جانبها، تقول ديشا أجاروال، وهي قائدة برنامج في معهد أبحاث "مجلس الطاقة والبيئة والمياه" في دلهي، إن هناك قدرا كبيرا من عدم اليقين بشأن كيف سيظهر الطلب على الكهرباء، وذلك ليس فقط من حيث السعة، ولكن أيضا من حيث شكل الطلب المستقبلي.
وتقول أجاروال إن الهند حققت بالفعل قدرة مركبة تبلغ 100 جيجاوات من الطاقة المتجددة، ولن يكون من السهل تحقيق هدفها الطموح البالغ 450 جيجاوات بحلول عام 2030.
ويشار إلى أنه من أجل تحقيق قدرة 450 جيجاوات في الإطار الزمني المحدد لبلوغها، سوف يتطلب الامر أن تقوم الحكومة باتخاذ مجموعة من الإجراءات التي تتضمن زيادة إنتاج الطاقة المتجددة اللامركزية وتوزيعها، وبناء قطاع محلي لتصنيع مصادر متجددة، قادر على التنافس عالميا، وتحسين البيانات المتاحة بشأن استخدام الطاقة.
ويشير الخبراء إلى أن الوصول إلى التمويل وتوفره، هو بالغ الأهمية من أجل تحقيق أهداف الطاقة المتجددة. ولهذا السبب تشعر الهند بأنها تحتاج إلى تذكير الدول المتقدمة بالتزاماتها المالية بموجب اتفاقية باريس للمناخ.
ويقول هارشا في راو، محلل الأبحاث في معهد أبحاث "مجلس الطاقة والبيئة والمياه": "يتسم التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة بتحد أكبر لدى الاقتصادات الناشئة، بسبب نقص رأس المال، كما أن تكاليف التمويل تعد أعلى بسبع مرات في الاقتصادات الناشئة عنها في الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة".
ويوضح أن "عوامل الخطر مثل قابلية المشروع للتمويل، والجدارة الائتمانية المقابلة، وتمكين البنية التحتية، تعرقل تدفق رأس المال في هذه الدول."
ويشار إلى أن حجم رأس المال المطلوب للوصول إلى هدف الـ 450 جيجاوات، يتجاوز ما يمكن أن تستثمره المصادر المحلية. وتقول أجاروال: "تعتبر المصادر الجديدة للتمويل والآليات التي يمكن أن تزيد من تدفقات المصادر الحالية، أمرا حيويا".
ويسلط البحث الذي أجراه معهد أبحاث "مجلس الطاقة والبيئة والمياه"، الضوء على أن إجمالي القدرة المركبة للطاقة الشمسية في الهند، سيحتاج إلى زيادة إلى 5630 جيجاوات إذا كانت الدولة ستلتزم بتحقيق صافي انبعاثات صفري للغازات الدفيئة بحلول عام 2070.
فيديو قد يعجبك: