"استقالة حمدوك" تطل مُجددًا.. هل ينسحب رئيس الوزراء السوداني؟
كتبت- رنا أسامة:
تتجدد تسريبات استقالة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك التي لا يزال يشوبها الغموض والتساؤلات المُعلّقة بدون إجابات، بين تقارير تؤكد إقدامه على الخطوة في غضون أيام بل وساعات، وأخرى تُفيد بتراجعه أو ربما إرجائه لها إثر مساعي إقليمية ودولية وضغوط محلية من أجل صياغة وثيقة واحدة مشتركة، وسط أنباء عن رفض قوى "الحرية والتغيير" طلبًا منه لعقد اجتماع مشترك.
وعاد حمدوك إلى منصبه رئيسًا للوزراء في 21 نوفمبر الماضي، بعد توقيع اتفاق وُصِف بالتاريخي مع رئيس المجلس السيادي عبدالفتاح البرهان، يقضي بتشكيل حكومة "تكنوقراط" مستقلة، الأمر الذي ساهم في إطلاق سراح مُعتقلين وفك القيود على الاتصال والإنترنت.
استقالة مُسببة
وفيما يلتزم حمدوك الصمت حيال مزاعم تقديم استقالته بدون تأكيد أو نفي، نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن مصدر وصفته بالموثوق والمُقرب من مكتب رئيس الوزراء السوداني، إن العاملين في مكتبه "تلقّوا توجيهًا بالاستعداد لإجراءات تسليم وتسلم"، و"شرعوا بالفعل في إجراءات تسليم الملفات للأمانة العامة لمجلس الوزراء"، لكن المصدر لم يكشف الموعد المحدد المُنتظر إعلان الاستقالة رسميًا.
وقالت صحيفة "السوداني" إنها حصلت على تفاصيل الساعات الأخيرة قبل تقديم رئيس الوزراء استقالته، وموقف المكوّن العسكري من مُبادرة "يُفترض أن يقودها رئيس رواندا بول كاجامي"، فضلاً عن ردود الأفعال الإقليمية والدولية.
وأفادت الصحيفة السودانية واسعة الانتشار، الأربعاء، بأن ثمّة تحضيرات تجري لكتابة "استقالة مُسبّبة"، يُطلع من خلالها حمدوك الشعب السوداني على التفاصيل الكاملة.
وذكرت أن "حمدوك الذي يعتكف بمنزله هذه الأيام أبلغ طاقم مكتبه رسميًا بإصراره على الاستقالة من منصبه"، وذلك خلال اجتماع مطول استمر حتى فجر أمس الثلاثاء. وأشارت إلى أنه تلقى اتصالات عديدة من قبل قيادات إقليمية ودولية رفيعة المستوى لإثنائه عن قراره باستقالته، انطلاقًا من "جهوده الكبيرة لحل احتقان الأزمة السودانية الأخيرة، وقطع أشواط كبيرة في إعادة دمج السودان بالمجتمع الدولي".
مبادرة أفريقية
وكشفت الصحيفة عن "مبادرة طرحتها شخصيات وطنية لإيجاد مخرج من الحالة السياسية الراهنة وانسداد الأفق"، يقودها عدد من الوسطاء الأفارقة، وعلى رأسهم الرئيس الرواندي، بول كاجامي.
وأشارت إلى بدء مشاورات بالفعل حول مُقترحات تلك المبادرة، بعد أن رحّب بها حمدوك وعدد من القادة السياسيين، فيما أعلن المكون العسكري رفضه لأي وساطة خارجية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تُسمها إن حمدوك أخطر طاقم مكتبه أنه "أبلغ المكون العسكري باستقالته خلال اجتماع أخير" جمعه مع رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو "حميدتي".
مغادرة الكرسي واجب أخلاقي
وأضافت المصادر أن حمدوك قدّم طلبًا لمكونات الحرية والتغيير لعقد لقاءات معهم، إلا أن معظمهم رفضوا، ما عدا قلة على رأسها "حزب الأمة القومي".
ووفق المصادر، قال حمدوك لطاقم مكتبه نصًا: "جئت بعد أن أجمعت عليَّ قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين والشارع السوداني.. ولكن في ظل حالة انسداد الأفق السياسي ورفض مكونات الحرية والتغيير لمجرد الجلوس للتحاور والتفاهم معي، فالواجب الأخلاقي يُحتم عليَّ مغادرة كرسي رئاسة مجلس الوزراء، وتقديم استقالتي".
ولفتت إلى تعهد القيادات الدولية بإجراء اتصالات مع المكونات السياسية السودانية تحثهم على ضرورة الحوار، وإيجاد توافق سياسي من أجل نزع فتيل الأزمة السودانية.
مساعٍ حزبية
في خِضم التسريبات المتضاربة، بدأت أحزاب سودانية بقيادة حزب "الأمة القومي"، اجتماعات مكثفة مع القوى السياسية والمدنية والكيانات الشبابية والنسوية بحثًا عن مخرج سريع من الاحتقان السياسي في البلاد، بهدف تدارك الموقف المتدهور بسرعة.
وقال الأمين العام لـ"الأمة القومي"، الواثق البرير، لصحيفة "الشرق الأوسط، إن حزبه طرح "خريطة طريق للخروج من المأزق الحالي الذي تعيشه البلاد". وأوضح أن الحزب أجرى نقاشات مع المجلس المركزي لـ"الحرية والتغيير" والقوى الأخرى المؤمنة بالتحوّل الديمقراطي في مجموعة "الميثاق الوطني" لإيجاد صيغة مشتركة لعرضها على حمدوك والمكون العسكري بمجلس السيادة، وذلك من أجل إنقاذ البلاد من الانزلاق إلى مزيد من العنف وعدم الاستقرار الأمني والسياسي.
وأضاف أن "المطلوب من كل القوى السياسية والمدنية الآن الاستفادة من التجارب التي عقّدت المشهد السياسي والعمل على خلق أكبر توافق ممكن لإنهاء حالة الانقسام في البلاد وإنقاذها من المنزلق الخطير الذي يمكن أن تقع فيه".
وأشار إلى أن حزبه يعتزم طرح خريطة الطريق "في أسرع فرصة ممكنة" بعد إنهاء المشاورات مع القوى السياسية، بما ذلك الحزب الشيوعي ولجان المقاومة والكيانات النسوية.
الاستقالة كارثة
وفي مؤتمر صحفي بأم درمان أمس الثلاثاء، قال رئيس حزب الأمة القومي، فضل الله برمة ناصر، إن استقالة حمدوك ستُحدث كارثة في داخل البلاد وخارجها.
وأضاف: "التقى وفد من الحزب بحمدوك الأسبوع الماضي ونجح في إثنائه عن الاستقالة".
وأوضح برمة ناصر أن حمدوك ينوي الاستقالة بسبب "عدم توافق القوى السياسية، وردود الفعل العنيفة التي أحدثها اتفاق 21 نوفمبر في الشارع".
بيد أنه أبلغ حمدوك بأنه سيطرح خارطة طريق لتوافق القوى السياسية، مستدركًا: "لكن إذا لم تتوافق وقدم حمدوك استقالته، فحينها لكل حادث حديث".
خطأ وخطيئة
بدوره، قال القيادي بحزب المؤتمر السوداني، إبراهيم الشيخ، إن "خطأ وخطيئة" حمدوك أنه "كان لديه استعداد للتخلص من الحاضنة السياسية، (الحرية والتغيير)".
وأضاف في مقابلة مع "السوداني": "أعتقد أن ذلك كان خطأه الأكبر وحتى اتفاق 21 نوفمبر وتعليق النصوص المتعلقة بالحرية والتغيير لم يكن ليحدث إن لم يكن لديه الاستعداد والقبول المبدئي".
وتابع: "ربما كان هناك نزاع أو أن حمدوك كان يعتقد أن لديه برنامج ومجموعة الحرية والتغيير تقف أمامه. والآن يبحث عن حاضنة جديدة".
استقالة محسومة وبديل وشيك
وأفادت صحيفة "اليوم التالي" السودانية بأن المجلس السيادي حسم أمر استقالة حمدوك، بأنه لم يتبق سوى "الإجراءات الرسمية" لإكمال الأمر، بعد تمسك رئيس الوزراء السوداني بموقفه الرافض للاستمرار في المنصب رغم محاولات اقناعه بالتراجع عن الخطوة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر وصفتها بالمُطلعة، إن "حمدوك لم يقدم استقالته مكتوبة للمجلس السيادي، ولكنه بحث الأمر في الاجتماع الثلاثي الذي انعقد مساء الأحد مع رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي)".
وأضافت أن "حمدوك أوضح في الاجتماع الثلاثي أن استقالته بسبب خلافات حلفائه بالقوى السياسية وتنصل بعضهم عن الإعلان السياسي، وأكد أنه ليس لديه أي خلافات مع المكون العسكري وأعضاء المجلس السيادي".
ورجحت المصادر أن المجلس السيادي شرع فعلياً في بديل لحمدوك، مُستوفيًا معايير الاختيار والكفاءة والاستقلالية على أن يكون شابًا بين 35 و40 عامًا.
اقرأ أيضًا:
عدول أم إرجاء؟.. "استقالة حمدوك" متأرجحة في ميزان "المصادر المُجهّلة"
فيديو قد يعجبك: