بلومبرج: أوميكرون... ناقوس خطر للعالم
نيويورك- (د ب أ):
حتى الآن لا يعرف العلماء بالتأكيد مكان بداية ظهور متحور فيروس كورونا الجديد الذي أطلق عليه أوميكرون، أو حتى ما إذا كان البشر أم الحيوانات هم البيئة الحاضنة لانتشاره. ومع ذلك، هناك أمر واضح تماما، وهو أن الهوة الشاسعة في التلقيح بين الدول الغنية والفقيرة تؤدي إلى زيادة خطر ظهور مثل هذه المتحورات.
وسوف يتطلب جسر هذه الهوة التركيز على الطلب بقدر التركيز على العرض. وتقول وكالة بلومبرج للأنباء في تقرير لها عن آخر تطورات فيروس كورونا ومواجهة العالم له إنه في الواقع، لم تحقق التعهدات السامية من جانب الدول الغنية والتحذيرات من جانب مسؤولي الصحة العالميين الكثير بالنسبة لمشكلة التصدي للجائحة.
وتقريبا لا تستطيع الدول منخفضة الدخل الوفاء بهدف منظمة الصحة العالمية الذي يتوقع تلقيح 40% من سكانها بحلول نهاية هذا العام. ومن بين الدول الـ92 التي تشملها مبادرة منظمة الصحة العالمية كوفاكس، يبلغ متوسط التلقيح 14% فقط. وحتى إذا كانت الدول الغنية تحتفظ بالمزيد من جرعات اللقاحات من أجل إعطاء الجرعات المعززة، يتعين ألا يمثل العجز في إمداد اللقاحات العقبة الرئيسية أمام زيادة هذه النسبة.ووفقا لأحد التحليلات، فإنه لا بد أن يكون لدى دول مجموعة السبع و دول الاتحاد الأوروبي أكثر مما يكفي من الجرعات الزائدة بنهاية هذا العام للوفاء باحتياجات الدول الفقيرة.
وينبغي الإسراع بدرجة أكبر في ارسال ما تم الوعد بتقديمه من لقاحات في السابق، كما وعدت إدارة الرئيس جو بايدن بعمله. وينبغي على الدول الغنية أن تحذو حذو الولايات المتحدة وأن تتيح الفرصة للدول الفقيرة للحصول على اللقاحات بصورة مباشر.
وما حدث في جنوب إفريقيا يوضح التحدي الأكبر ، حيث كانت هي أول من أبلغ منظمة الصحة العالمية عن متحور أوميكرون في 24 نوفمبر الماضي. وفي اليوم نفسه، أعادت شحنات من لقاحات جونسون اند جونسون وفايزر لقلة الطلب عليها. وحتى الشهر الماضي، كانت نصف الدول التي تغطيها مبادرة كوفاكس تستخدم أقل من 75% مما لديها من لقاحات؛ وبالتالي من المفترض أيضا أنها تواجه مشكلة في استيعاب أي شحنات جديدة.
وعلى الرغم من أن العقبات أمام تحويل اللقاحات في مثل هذه الدول إلى عمليات تلقيح تعتبر معقدة، يمكن أن تساعد الدول الغنية في هذا الأمر. إذ يتعين أن تتيح الشفافية والتوقعات الأوسع نطاقا بالنسبة لشحنات اللقاحات وقتا أكثر للحكومات المحلية لإعداد حملات التلقيح. فهناك حاجة للتمويل، والتكنولوجيا، والنقل لتحقيق سلاسل إمداد موثوق بها وفي ظل درجات حرارة منخفضة، للحفاظ على اللقاحات، وتوزيعها في المناطق الريفية البعيدة.
ومن خلال الشراكات التي تم تشكيلها في المعركة ضد مرض الإيدز وغيره من الأمراض، تستطيع الولايات المتحدة بوجه خاص تدريب الأعداد الكبيرة المطلوبة لإعطاء اللقاحات للأشخاص، ودفع مرتباتهم. وسوف تحتاج الدول إلى المساعدة الفنية لبدء إعداء الجرعات الأولى من اللقاحات، وتحديد مواعيد لتلقي الجرعة الثانية، ومراقبة أى تأثيرات جانبية معاكسة وسرعة التحقق منها.
وتلك الجهود من شأنها أن تساعد الدول النامية في الحد من أي مشكلات والوصول إلى من يرغبون في التلقيح. وتتمثل أصعب مهمة، كما واجهتها الدول الغنية نفسها، في التغلب على الشكوك العميقة في لقاحات مواجهة الكورونا. ومثل هذا الجهد في حاجة إلى أن يكون محليا تماما. وكلما كان ممكنا، يتعين على السلطات التعاون مع هيئات المجتمع، لا سيما الكنائس، والمنظمات النسائية، لتهدئة الشكوك إزاء سلامة اللقاحات. ويتعين إعداد حملات تناسب الظروف المحلية، وعرضها على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وخدمات الرسائل حيث تنتشر المعلومات المضللة.
ويتعين مراقبة التردد المتزايد عن كثب وسرعة دحض الشائعات. وينبغي اتاحة التمويل الدولي في المناطق التي يمكن أن تساعد الحوافز المالية في التشجيع على الحصول على اللقاح.
وأخيرا، ينبغي على الحكومات الغنية ألا تنتظر مواجهة المشكلات التي تلوح في الأفق، إذ ينبغي عليها التعاون مع الشركات المصنعة لزيادة المواد الخام المطلوبة لإنتاج ما يلزم لعلاج مرض كوفيد-19، بما في ذلك وسائل العلاج الجديدة الواعدة من شركتي ميرك وفايزر.
ويتعين على الدول المانحة سد الفجوة في التمويل اللازم للمراقبة والاختبارات، التي يجب أن تكون متاحة على نطاق واسع للاستفادة من أقراص الدواء. كما يتعين عليها الحيلولة دون حدوث أي نقص متوقع في المحاقن يمكن أن يعرقل جهود التلقيح في عام 2022.
وفي الحقيقة، إذا كانت هناك حاجة لتعديل اللقاحات لتناسب متحور أوميكرون، مما سيؤدي إلى التعجيل بموجة جديدة من التلقيحات، سيكون من الصعب إقناع الدول الغنية باستمرار التركيز على تلك الأولويات. ويتعين على تلك الدول أن تتذكر أنه ما لم بتم الاسراع في تلقيح عدد أكبر من سكان العالم، فلن تكون تلك هي الجرعات الأخيرة التي سيحتاجون إليها.
فيديو قد يعجبك: