زيارة البابا إلى العراق.. فسحة أمل أم نجاح عابر؟
بغداد- (أ ف ب):
على مدى ثلاثة أيام، كان العراق محطّ أنظار العالم، هذه المرة لحدث سعيد تمثّل بأوّل زيارة لحبر أعظم في التاريخ شكّل تنظيمها بالنسبة لبغداد رهاناً دبلوماسياً وأمنياً، فيما تأمل بأن تحقق منها مكاسب سياسية واقتصادية.
بالنسبة للمتحدّث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد الصحاف، تشكّل هذه الزيارة "نقطة انتقال" للعراق.
وأكد لفرانس برس أنه "ما لم يكن العراق آمناً ومستقراً لما كانت شخصية بمستوى البابا قد تجولت فيه"، متحدثاً أيضاً عن أفق "تقوية العلاقات الثنائية والمتعددة" مع دول أخرى بفضل هذه الزيارة.
وقبل ثلاث سنوات فقط، طوى العراق صفحة تنظيم داعش الدامية، الذي سيطر في العام 2014 على ثلث أراضيه.
وقبل أيام قليلة من وصول البابا الأرجنتيني، تسبب هجوم صاروخي جديد على قاعدة عين الأسد التي تضمّ قوات أميركية في الأنبار بغرب العراق، بمقتل متعاقد مدني أميركي مع التحالف الدولي.
المصاعب لا تزال موجودة
لكن باستقبال البابا، أرادت بغداد أن تظهر للعالم أن الأمن استتب من جديد في البلاد بعد تلك المرحلة الصعبة.
أراد العراق أيضاً التأكيد على "التعايش" بين جميع الطوائف والأعراق التي تكوّن نسيجه الاجتماعي، والتي لم يتعرف العالم على بعضها إلا بسبب انتهاكات الجهاديين الوحشية بحقها أو خلال الحرب الأهلية الدامية بين عامي 2006 و2008.
وأعلن رئيس الوزراء العرافي مصطفى الكاظمي، بعد لقاء البابا فرنسيس في زيارته المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، السادس من مارس يوماً وطنياً "للتسامح والتعايش".
يشرح المحلل السياسي فرهد علاء الدين من مؤسسة المجلس العراقي الاستشاري أن "العراق يواجه الكثير من التحديات وربما سمحت لنا الزيارة بأن ننساها لبعض الوقت، لكن هذه المصاعب لا تزال موجودة".
لم يتجاهل البابا على أية حال في زيارته التحديات التي يعاني منها العراق. كان الحبر الأعظم قد أبدى أيضاً دعماً لمئات الآلاف من المتظاهرين الذي نزلوا إلى شوارع احتجاجاً على الحكومة والفساد، مندداً بالقمع الدموي الذي تعرضوا له.
ولم يتوان في خطبه التي ألقاها خلال الزيارة عن التنديد بـ"الفساد" المزمن في العراق، ودعا أيضاً لوقف التدخلات الخارجية في بلد بات مسرحاً للمنافسة بين الولايات المتحدة وإيران. واختار الحبر الأعظم، بعناية، مسار ومحطات رحلته لهذا الهدف.
وأوضح المحلل السياسي سجاد جياد الباحث في مركز "سانتوري فاونديشن" لفرانس برس أن صورة البابا وسط أنقاض كنيسة في الموصل "تلقي الضوء على مطالب العراقيين من سلطاتهم المحلية، على عجز الحكومات، وبطء إعادة الإعمار الذي يمنع عودة النازحين".
إيجابية عابرة
بالنسبة للمحلل السياسي العراقي أسامة السعيدي، فإن هذه "الزيارة هدفت إلى لفت النظر على المستوى الداخلي والدولي لمكانة وأهمية العراق".
والآن وقد أدرك العالم حجم "الموروث الحضاري والديني" و"تعدد الثقافات" في العراق، فيما تابع جولة البابا من أور، الموقع الذي يعتقد أنه مسقط رأس النبي ابراهيم، وصولاً إلى النجف مقرّ المرجعية العليا لعدد كبير من المسلمين الشيعة في العالم، فلا "بدّ للطبقة السياسية أن تتحمل المسؤولية في المحافظة على هذا الشعب وهذا البلد".
وأكد السعيدي لفرانس برس أنه لا بدّ من "إعادة نظر في كل البنى التحتية" بعد هذه الزيارة، "ليصبح البلد مؤهلاً وصالحاً للعيش".
من جهته رحّب مصدر أمني في تصريحات لفرانس برس بـ"عدم حدوث أي خرق أمني ولو بشكل صغير جداً"، مضيفاً "هذا دليل دامغ وواضح على نجاح العراق بقواته الأمنية والاستخبارية" في إتمام هذه الزيارة.
وعلى الرغم من أن الزيارة فتحت الأبواب أمام السياحة في مواقع عديدة لكن العراق لا يتمتع حتى الآن بالبنى التحتية اللازمة لاستقبالهم. ولا يزال العراقيون محرومين من الكهرباء لساعات طويلة، فضلاً عن مواجهتهم نقصاً بخدمات أولية عديدة مثل المياه.
كما أن مستشفيات البلاد عاجزة عن مواجهة وباء كوفيد-19 الذي يجتاح العالم.
لا تلغي الإيجابية العابرة للزيارة بالنسبة لجياد أيضاً واقع أنه "لا يزال هناك زعماء طوائف يؤججون التوترات الاتنية، وإيران لا تزال تتدخل بالشأن العراقي، وهناك أيضاً مشكلة المجموعات المسلحة" ذات النفوذ، في بلد لم ينتف فيه تماماً أيضاً وجود خلايا لتنظيم الدولة الإسلامية، بالإضافة إلى فصائل موالية لإيران.
ويضيف أنه "للأسف، أعتقد أننا سنسمع أخباراً كثيرة عن العراق، لكنها ستكون أخباراً حزينة لا سعيدة".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: