في الذكرى السنوية الأولى.. ما الذي لا نعرفه عن تفجير مرفأ بيروت؟
كتبت- هدى الشيمي:
مر عام على تفجير مرفأ بيروت، أحد أكبر التفجيرات غير النووية في العالم الذي هز العاصمة اللبنانية بيروت، وأسفر عن مقتل أكثر من ٢٠٠ شخص علاوة على الخسائر الاقتصادية الفادحة والأزمة السياسية الكبيرة التي ترتبت عليه.
تنتشر النظريات حول الانفجار الهائل في كل مكان بأحياء بيروت المتضررة، ويتعالى أصوات اللبنانيين المطالبين برحيل النخبة الحاكمة في بيروت. تقول شبكة سي إن إن الإخبارية إن المواطنين يدينون الطبقة السياسية ويرون أنها مسؤولة عن الكارثة.
في ٤ من أغسطس العام الماضي، بعد الساعة ٦ مساءً بقليل، اشتعلت مئات الاطنان من نترات الأمونيوم، ما تسبب في حدوث انفجار هائل في ميناء المدينة.
كانت المواد الكيميائية الصناعية مُخزنة بشكل غير صحيح داخل المرفأ لسنوات بسبب فشل الحكومات المتعاقبة وصنّاع القرارات وسط حالة من الانقسام سياسي.
لكن بالنسبة للمواطنين في جميع أنحاء لبنان، فلا يزال هناك العديد من الأسئلة التي ليس لها أي إجابة حول هذه المأساة التي ألمت ببلادهم، والتي استعرضتها شبكة (سي إن إن) فيما يلي..
ما سبب الانفجار؟
بسبب الكثير من التقارير الصحفية والتحقيقات التي أجرتها المنظمات الحقوقية، يعلم الجميع أن نترات الأمونيوم التي خُزنت إلى جانب الألعاب النارية في مستودع سيء الصيانة كانت أشبه بالقنبلة التي يمكن أن تنفجر في أي لحظة.
وحسب التقارير، فإن مسؤولي الجمارك أرسلوا العديد من الرسائل منذ عام ٢٠١٤- أي بالوقت الذي تم فيه تفريغ المواد في الميناء في ظروف غامضة- للسلطات من أجل أعلامها بمدى خطورة هذه المواد الكيميائية.
كتب أحد المسؤولين في المرفأ رسالة- في مايو ٢٠٢٠ أي قبل أشهر من حدوث الانفجار- قال فيها أنه في حالة اشتعال هذه المادة فإن انفجار كبير سيقع وربما يؤدي إلى محو المرفأ من على خريطة لبنان.
وحذر المسؤول من أنه في حالة سرقة نترات الأمونيوم، فإن الجهة السارقة ستستخدمها في صنع المتفجرات.
يقع ميناء بيروت على بعد ١٠٠ متر فقط من بعض أحياء المدينة الأكثر كثافة سكانية. وحسب التقارير فإن التفجير لم يسفر فقط عن تدمير جزءًا كبيرًا من الميناء، ولكنه ترك مساحات واسعة من بيروت في حالة يُرثى لها.
وقدرت الأضرار التي أسفر عنها الانفجار بما يتراوح ما بين ٣.٨ مليار دولار و٤.٦ مليار دولار.
من الواضح أن القادة المتعاقبين- أربع حكومات وثلاثة رؤساء وزراء- كانوا على علم أو كان ينبغي أن يكونوا على علم بالتهديد الذي تشكله المواد الكيميائية، لكنهم لم يفعلوا أي شيء لمواجهة الخطر المحتمل.
لكن ما لا يعلمه أحد حتى الآن هو السبب الرئيسي وراء حدوث التفجير.
وفقًا لهيومن رايتس ووتش، فإن طارق البيطار، القاضي المكلف بالتحقيق في الانفجار، يبحث في عدة نظريات لتفسير كيفية حدوث الانفجار، إحداها تقول إن شرارة من أعمال اللحام في ذلك اليوم تسببت في اشعال حريق في المستودع الذي خزنت فيه المادة الكيميائية.
وهناك نظرية أخرى تقول إن ضربة إسرائيلية حفزت المواد الكيميائية وتسببت في حدوث الانفجار، رغم أن مسؤولي الطيران اللبناني أفادوا بأن أنظمة الرادار المحلية لم ترصد الطائرات العسكرية فوق المجال الجوي اللبناني قبل ساعة تقريبًا من حدوث الانفجار.
من جانبهم، نفى الإسرائيليون تورطهم في الحادث.
ويتحقق البيطار من نظريات أخرى تفيد بأن الانفجار كان عملاً متعمدًا. وهناك من وجه أصابع الاتهام لحزب الله الشيعي اللبناني، الذي نفى تورطه في التفجير.
وربط تحقيق محلي بين تفريع نترات الامونيوم في عام ٢٠١٤ بشركات مرتبطة برجال أعمال سوريين وروسيين عاقبتهم الولايات المتحدة لمساندتهم للرئيس السوري بشار الأسد.
نفى حزب الله مرارًا وتكرارًا تورطه في الانفجار.
لجميع الأحزاب السياسية في لبنان حضور قوي في الميناء، ذكر تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش أن هذه الأحزاب بما في ذلك حزب الله، التيار الوطني، تيار المستقبل، القوات اللبنانية، تيار الأمل وغيرها، استفادت من الوضع الغامض للميناء وإهمال المساءلة القانونية لمن يسيء التصرف في أي شيء يتعلق به.
حسب تقرير هيومن رايتس ووتش فإن الأحزاب السياسية وضعت موالين لها في مناصب بارزة في الميناء، ما مكنهم من كسب ثروات هائلة، والاستحواذ على قدر كبير من إيرادات البلاد، وتهريب البضائع، والتهرب من الضرائب، وبالتالي حققت منافع مادية ضخمة.
ما هي كمية نترات الأمونيوم التي تسببت في حدوث الانفجار؟
من بين أكثر النظريات شيوعًا حول الانفجار العام الماضي هو أن الحادث كان متعمدًا. ذكرت عدة تقارير أن كمية نترات الأمونيوم التي انفجرت العام الماضي كانت أقل بكثير مما كان يعتقد في البداية.
ونقلت وكالة رويترز الإخبارية عن تقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (اف بي أي) أن 20 ٪ فقط من حوالي 2755 طنًا من نترات الأمونيوم التي تم إحضارها إلى الميناء في عام 2013 قد انفجرت بالفعل.
وحسب تحقيق أجراه مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد في أغسطس الماضي، قدرت ثلاثة مصادر استخباراتية أوروبية أن حجم الانفجار كان يتراوح ما بين ٧٠٠ إلى ١٠٠٠ طن.
تقول إحدى النظريات إن هذه الكمية الكبيرة من نترات الأمونيوم تُركت في المرفأ كي تتمكن الفصائل من الوصول إليها.
كيف ستتم عملية إعمار بيروت؟
يتساءل الجميع هل ستعود بيروت يومًا إلى ما كانت عليه؟ منذ الانفجار العام الماضي انهارت المدينة بسبب تراجع قيمة العملة، انقطاع التيار الكهربائي لفترة طويلة، النقص الشديد في الادوية والوقود.
تحدث عملية إعادة الإعمار ببطء شديدة لأن أغلبها ممول من قبل منظمات غير ربحية، غير أن العديد من أصحاب المنازل والمتاجر يقولون إنهم غير مؤهلين نفسيًا للعودة إلى الأحياء المتضررة.
وقال الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة إن تكلفة إعادة إعمار المرفأ تقدر بحوالي 200 و 500 مليون دولار.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن أن الولايات المتحدة ستمنح لبنان ١٠٠ مليون دولار.
وذكرت الرئاسة الفرنسية أن مؤتمر الدول المانحة للبنان تمكن من جمع أكثر من ٣٧٠ مليون دولار من المساعدات المطلوبة لتلبية الاحتياجات الإنسانية هناك.
فيديو قد يعجبك: