هل ينهي أوميكرون كورونا للآبد؟
كتبت- هدى الشيمي:
أصيب العالم بالهلع عندما ظهرت طفرة جديدة من فيروس كورونا، أوميكرون، في أواخر نوفمبر وانتشرت في جنوب أفريقيا بوتيرة لم نشهدها من قبل في الوباء.
لكن بعد شهرين من تفشي أوميكرون في معظم أنحاء العالم، بدأت مشاعر الفزع التي سيطرت في البداية تتغير. قال سايمون ويليامز، الباحث في جامعة سوانسي لشبكة سي إن إن، إن درجات القلق بشأن المتحور الأخير أقل كثيرًا مما كانت عليه إزاء المتحورات السابقة".
وأضاف:" عامل الخوف تجاه كوفيد-١٩ أصبح أقل".
أوضح ويليامز أن انخفاض شدة المخاطر الصحية الناتجة عن الإصابة بأوميكرون مقارنة بالمتغيرات الأخرى، وزيادة احتمالات إصابة الفرد به في النهاية، ساهمت في شعور الناس بالاسترخاء، وشعر البعض بالرغبة في الإصابة بالمرض من أجل التغلب عليه. وهو السلوك الذي حذر منه الخبراء بشدة.
في الوقت نفسه، يشعر بعض أعضاء المجتمع العلمي بالتفاؤل الحذر إزاء أوميكرون، ويعتقدون أنه قد يكون آخر متحورات الوباء، لاسيما مع تفشيه السريع الذي قد يساعد على نشر مناعة القطيع، وبالتالي قد يصبح الفيروس مستوطنًا ومشابهًا للأمراض الموسمية مثل البرد والانفلونزا.
"مرحلة جديدة من الوباء"
ورغم تأكيده على ضرورة الحذر من واقع تغير الفيروس، قال مدير الفرع الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية هانس كلوغه، أمس الأحد، إن المتحور أوميكرون أطلق مرحلة جديدة من وباء فيروس كورونا في المنطقة وقد يقرب الأزمة الصحية من النهاية. لكن كلوغه نبه إلى أن أوميكرون قد يصيب 60% من الأوروبيين بحلول مارس.
يتوقع فلاديمير نيكيفوروف، كبير المختصين في الوكالة الفيدرالية الطبية والبيولوجية الروسية، أن يكون متحور "أوميكرون" علامة على قرب نهاية وباء كورونا.
ولم يستبعد الخبير الروسي أن يكون أوميكرون آخر مراحل الوباء، وأن تنتهي جائحة فيروس كورونا بحلول الصيف.
ونقلت وكالة "نوفوستي" عن نيكيفوروف، قوله: "أود أن أصدق أن ظهور أوميكرون هو علامة على نهاية الوباء. أعتقد أن الوباء يجب أن ينتهي بحلول الصيف".
سباق التسلح نحو التوطين
يرى ديفيد هيمان، أستاذ الأمراض المعدية في كلية لندن للصحة، أن الفيروس سيصبح مستوطنًا لبعض الوقت، كما حدث مع فيروسات كورونا الأخرى.
وقال:"تحاول جميع الفيروسات أن تصبح مستوطنة، وعلى ما يبدو أن هذا الفيروس نجح".
لقد تطور كوفيد-١٩ بشكل لا يمكن التنبؤ به، ويقول الخبراء أن البديل الذي حل محل دلتا أكثر شرًا، لكن في النهاية سادت سلالة أكثر قدرة على الانتشار ولكنها لا تتسبب في نفس درجة المرض، ولا تودي بحياة أعداد كبيرة كما فعلت المتغيرات السابقة.
ويحذر الخبراء من حدوث انتكاسات غير متوقعة مثل أوميكرون، وبالتالي قد يكون المتغير التالي أكثر خطورة ويؤخر نهاية الوباء.
وما يزيد الأمر خطورة، هو أن العديد من الدول، خاصة التي لم يتلقى أعداد كبيرة من سكانها التطعيم، لا تزال تواجه مشاكل كبيرة تتمثل في اكتظاظ مستشفياتها بمرضى أوميكرون، وزيادة عدد الوفيات الناجمة عن الإصابة به.
"شعور بالتفاؤل"
من الناحية الوبائية، خلق أوميكرون شعورًا بالتفاؤل لعدة أسباب، ولكن الأمر يعتمد بصورة رئيسية على كيفية تطور الفيروس وتحوله إلى مرض مستوطن.
قال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، الذي ترأس أحد أكثر برامج التطعيم فعالية في الغرب، إن محطة كادينا سير الإذاعية في وقت سابق من هذا الشهر أن الوقت قد حان لتقييم تطور كوفيد من جائحة إلى مرض مستوطن.
كذلك قال وزير التعليم البريطاني نديم الزهاوي، الذي أشرف سابقًا على إطلاق اللقاح في المملكة المتحدة لشبكة سكاي نيوز الإخبارية، إنه يريد أن تثبت المملكة البريطانية للعالم كيف تحولت الجائحة إلى مرض مستوطن.
في الوقت نفسه، بدأت العديد من البلدان التصرف كما لو كان كوفيد-١٩ مستوطن بالفعل، وأعلنت إنجلترا عدم فرض قيود جديدة على الرغم من ارتفاع أعداد الإصابات خلال الأسابيع الأخيرة الماضية.
تغيير قواعد اللعبة
قال توماس هيل، الأستاذ في كلية بلافاتنيك الحكومية بجامعة أكسفورد، إن إبعاد الناس عن وظائفهم خاصة العاملين في المدارس والرعاية الصحية هو أحد الآثار المكلفة لأوميكرون.
في الوقت نفسه يحذر العديد من الخبراء من تقليل القيود المتعلقة بكوفيد-١٩أثناء تفشي موجة أوميكرون. ويقول الخبراء إن الطريقة التي تم تمثيل أوميكرون بها في بعض التقارير الإعلامية، بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل بعض السياسيين، الذين أكدوا على رسالة مفادها "نحن بحاجة إلى تعلم كيفية التعايش مع الوباء، ساهمت في تقليل القلق إزاء المتحور الجديد.
قال ويليامز إن نهاية الوباء تعني انتهائه تماما في كل مكان، لذلك يجب أن يتركز اهتمام الجميع الآن على توفير لقاحات كافية لأولئك الذين يعيشون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
غير أن قلة التطعيمات في بعض المناطق الفقيرة في العالم، لاسيما في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى ومساحات واسعة من أفريقيا، تزيد من خطورة ظهور متغيرات جديدة أو زيادة عدد الإصابات داخل المستشفيات.
قال هيمان، أستاذ الأمراض المعدية في كلية لندن للصحة،:"للوباء مكونات مختلفة في مختلف البلدان، أعتقد أن البلاد ستصبح مستوطنات بمعدلات مختلفة، ما يضيف طبقة إضافية من عدم اليقين إلى مسألة ما إذا كان أوميكرون سيعجل بنهاية الوباء".
وحسب مارك وولهاوس، أستاذ وبائيات الأمراض المعدية بجامعة إدنبرة, فإنه يتعين على الأنظمة الصحية في جميع أنحاء العالم أن تكون مدركة لمخاطر كوفيد-١٩، حتى لو بدا وكأنه نزلة برد موسمية، وقال لسي إن إن: "لأن العالم تغير كثيرًا، هناك مرض جديد سيستمر في إصابة المزيد من الأشخاص، سنعيش معه إلى الآبد، كوفيد لن يختفي أبدًا، ونحن عرفنا ذلك منذ فبراير ٢٠٢٠".
فيديو قد يعجبك: