إعلان

قائد جديد للجيش.. هل ينهي تعيين الجنرال عاصم منير الفوضى في باكستان؟

08:28 م الثلاثاء 29 نوفمبر 2022

الاحتجاجات في باكستان

(دويتشه فيله)

قرر رئيس وزراء باكستان تعيين الجنرال عاصم منير قائدا جديدا للجيش في وقت تعصف بالبلاد أزمات سياسية واقتصادية طاحنة، فضلا عن الاحتجاجات بقيادة عمران خان. فهل بمقدور قائد الجيش الجديد إنهاء الفوضى في الدولة النووية؟

أصبح الجنرال عاصم منير قائدا جديدا للجيش الباكستاني بعد أن عينه رئيس الوزراء شهباز شريف في المنصب الخميس الماضي، ويأتي ذلك في وقت تعصف بالبلاد اضطرابات اقتصادية وسياسية منذ أمد طويل.

يتزامن هذا مع استمرار زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق عمران خان في المضي قدما في تنظيم احتجاجات للضغط على الحكومة لإجراء انتخابات جديدة مع توجيه انتقادات علنية حادة لدور الجيش في المشهد السياسي عقب أن أطاح البرلمان بعمران خان في تصويت جرى في أبريل.

ويعد منصب قائد الجيش في باكستان الأكثر قوة ونفوذا في البلاد بسبب موقع البلاد الجغرافي، إذ تتشارك باكستان حدودا مع أفغانستان والهند وإيران والصين، وهي دول ذات ثقل سياسي واقتصادي عالمي كبير، بالإضافة إلى التغيرات الجيوسياسية في آسيا والعالم.

ولا يقتصر دور الجيش في باكستان على الشق العسكري بل يلعب دورا حيويا في شؤون البلاد فضلا عن امتلاكه قوة اقتصادية كبيرة ما يعني أن منصب الجنرال عاصم منير – رئيس الاستخبارات الأسبق – كقائد للجيش سيكون ذا أهمية كبيرة.

ضغوط على الجيش

وسيخلف الجنرال عاصم منير، الذي سوف يتولى منصبه رسميا الأسبوع الجاري، الجنرال قمر جاويد باجوا، الذي تولى منصب قائد الجيش قرابة ست سنوات، بيد أن العام الأخير كان عاصفا بسبب انتقادات عمران خان العلنية للجيش والتي وصلت إلى مرحلة الصدام، خاصة بعد اتهامه المؤسسة العسكرية بالوقوف وراء الإطاحة به من منصبه.

أما اقتصاديا، فقد أثر وباء كورونا والركود الاقتصادي العالمي بشكل سلبي على الاقتصاد الباكستاني مما تسبب في اضطرابات سياسية فيما تفاقم الوضع على وقع موجة الفيضانات الكارثية الأخيرة.

وقد سعى عمران خان إلى الاستفادة من حالة السخط؛ إذ عمد إلى حشد أنصاره في مسيرات احتجاجية ضخمة منذ أبريل / نيسان الماضي للمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة بحجة أن حكومةً منتخبةً جديدةً فقط بمقدورها مواجهة التحديات التي تواجه باكستان.

في المقابل، توترت العلاقات بين عمران خان والمؤسسة العسكرية؛ إذ وردت أنباء بأن رئيس الوزراء السابق كان يرغب في تعيين جنرال آخر غير عاصم منير كقائد جديد للجيش خلفا للجنرال قمر جاويد باجوا.

أما فيما يتعلق بالجيش، فقد تعهدت القيادة العسكرية بالبقاء على الحياد، لكن خبراء يقولون إن قادة الجيش لا يمكنهم غض الطرف عن تحديات "وجودية" تواجهها باكستان في الوقت الراهن.

تحديات جسام تنتظر عاصم منير

بدوره، يرى مايكل كوغلمان، الخبير في شؤون جنوب آسيا لدى مركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين ومقره واشنطن، أن تعيين الجنرال عاصم منير "لن ينهي الاضطرابات ولكنه خطوة في المسار الصحيح".

وفي مقابلة مع DW، أضاف أن تعيين قائد جديد للجيش "قد أزال مصدرا مهما من مصادر حالة عدم اليقين، ويضع على رأس الجيش قائدا جديدا لا يحمل أعباء ولا يواجه شعبية متدنية كتلك التي عانى منها [الجنرال] باجوا خلال الأشهر القليلة الماضية في منصبه".

ويرى خبراء أن التحدي الأكبر الذي يواجهه الجنرال عاصم منير يتمثل في كيفية استعادة ثقة الشعب الباكستاني في الجيش بالإضافة إلى مواجهة انتقادات عمران خان للجيش.

وفي ذلك، قال كوغلمان إن الجنرال عاصم سوف يواجه تحديين متزامنين على الفور، مضيفا "التحدي الأول يكمن في إعادة الثقة إلى الجيش في أعقاب تضرر شعبية الجيش مؤخرا. أما التحدي الثاني فسيكون في كيفية التعامل مع التوترات بين عمران خان والحكومة الحالية".

وقال إن الجنرال منير ربما يرغب في انخراط سياسي أقل من سلفه، لكن هذا الأمر سيكون صعبا، وهذا مرجعه ليس فقط "تاريخ تدخلات الجيش في الحياة السياسية وإنما أيضا بسبب توقعات الطبقة السياسية بأن قائد الجيش الجديد سوف يحاول تخفيف التوترات السياسية".

ويتفق إسفنديار مير، الخبير البارز في "معهد الولايات المتحدة للسلام" ومقره واشنطن، على أن التوقيت السياسي لتولي الجنرال عاصم منير منصب قائد الجيش يعد صعبا للغاية.

وأضاف "عمران خان سيحاول ممارسة ضغوط على الجنرال عاصم منير من أجل إجراء انتخابات مبكرة. لكن قائد الجيش الجديد لن يكون معرضا لأنواع الانتقادات السياسية التي واجهها باجوا، قائد الجيش المنتهية ولاية، على الأقل ليس على الفور".

وألمح مير إلى احتمالية أن تشهد الحالة السياسية في البلاد إعادة ترتيب الأوراق السياسية وفقاً للمواقف التي سوف يتبناها قائد الجيش الجديد، مضيفا "نظرا لأن منير يتولى منصبه في ظل صراع سياسي مع خان فقد يؤدي ذلك إلى جعل حملة رئيس الوزراء السابق أقل تأثيرا ومن ثم تمكين منير من تخفيف حدة الأزمة السياسية في البلاد ".

ماذا عن العلاقات مع الغرب؟

وتعرضت علاقات إسلام أباد مع الغرب، ولا سيما مع واشنطن، لضربة كبيرة بعد أن فقد خان السلطة في تصويت بحجب الثقة في أبريل واتهم السياسي الشعبوي على الفور الولايات المتحدة بالتآمر مع أحزاب المعارضة آنذاك لإقالته من منصبه، وهو ادعاء نفته واشنطن عدة مرات.

يشار إلى أن الاقتصاد والجيش في باكستان يعتمدان بشكل أساسي على الدعم المقدم من الدول الغربية، فيما حافظت المؤسسة العسكرية الباكستانية على علاقات جيدة طويلة الأمد مع الولايات المتحدة تعود إلى الحرب الباردة والحرب السوفيتية في أفغانستان والغزو الأمريكي لأفغانستان.

وقد أدت اتهامات عمران خان لواشنطن بشأن المساعدة في الإطاحة به وقراره زيارة موسكو، إبان التوغل العسكري الروسي في أوكرانيا، إلى زعزعة الثقة بين واشنطن وإسلام أباد.

وفي ذلك، يرى مراقبون أن عودة العلاقات بين باكستان والولايات المتحدة إلى طبيعتها مسألة سوف تستغرق وقتا.

وفي هذا السياق، قال مايكل كوغلمان، الخبير في شؤون جنوب آسيا لدى مركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين، إنه لا يتوقع حدوث أي تغييرات كبيرة في السياسة الخارجية، خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع واشنطن.

وأضاف "قد تكون هناك انقسامات داخل الجيش بشأن القضايا الرئيسية الداخلية مثل كيفية التعامل مع التحدي الذي يمثله خان، لكن في المقابل ثمة إجماع قوي على الحاجة إلى الحفاظ على علاقات مجدية مع دول غربية، خاصة الشركاء التجاريين الرئيسيين لباكستان، حيث أتوقع أن تحظى قضية الحفاظ على علاقات سلسة مع الولايات المتحدة ودول غربية أخرى بأولوية لدى القائد الجديد للجيش".

بدوره، يرى إسفنديار مير، الخبير البارز في "معهد الولايات المتحدة للسلام"، أن هناك تحديات كبيرة أخرى تنتظر الجنرال عاصم منير، قائلا "اقتصاد البلاد شارف على الانهيار، فضلا عن تزايد التنافس بين الولايات المتحدة والصين وهو ما سيلقي بظلاله على باكستان". وأضاف "سوف يشكل الوضع الأمني المتدهور على الحدود مع أفغانستان تحديا كبيرا على المدى المتوسط بسبب دعم طالبان لتنظيمات مسلحة معادية للحكومة الباكستانية".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان