أحمد دراغمة.. قصة موت معلن لـ"هداف الكرة الفلسطينية" على يد الاحتلال
كتبت- سارة أبو شادي
قضى الشاب الفلسطيني أحمد عاطف دراغمة سنوات عمره القليلة يُسجل أهدافًا في شباك منافسية، وبعد كل هدف يُحلق بكلتا يديه على أرض الملعب فرحًا، لكن اليوم، تلقى أحمد هدفا مضادا جاء من بندقية قناص إسرائيلي باغته فأرداه شهيدًا، ليُطلق حينها الحكم صافرة النهاية ويُحلق أحمد إلى السماء محمولًا على أعناق من أحبوه.
"لم يٌسجل أحمد هدفه الذي اعتدنا عليه فكان هو نفسه هدف المحتل" كلمات أطلقها بشار دراغمة عم الشهيد الشاب في حديثه لمصراوي، فالفتى كان في عمر الـ23 امتلك حلمًا كبيرًا يقترن أغلبه بكرة القدم، فحلم بأن يصبح لاعبًا عربيّا ونجمًا كرويّا يتلألأ اسمه في سماء الوطن العربي بأكمله وليس فلسطين فقط.
نشأ أحمد في بيئة اجتماعية صعبة كان سببها الرئيسي هو الاحتلال باعتباره ينتمي إلى عائلة فلسطينية مناضلة، ولد الفتى في مدينة طوباس شمال الضفة الغربية، وتخرج من كلية التربية الرياضية بجامعة القدس المفتوحة، وبعد تخرجه آثر مساعدة والده بالعمل رفقته بأحد مصانع التمور في منطقة الأغوار الفلسطينية.
فتح الشاب عينيه على الدنيا دون والده منذ أن كان عمره عامين، اعتقل الاحتلال أبيه الأسير السابق عاطف دراغمة وعملت والدته على رعايته وأشقائه، ولم يُسمح لأحمد بلقاء والده إلّا مرة كل شهر أو شهرين، لم تقتصر المعاناة على الوالد فقط والذي قضى نحو 16 عامًأ في سجون الاحتلال بعد اعتقاله نحو 3 مرات أحدهم التقى فيها بابنه الأكبر أدهم بعد أن مكثا سويّا في زنزانة واحدة، بل كان الفتى شاهدًا على اعتقال شقيقية أدهم الذي لا يزال داخل سجون الاحتلال فيما خرج سلمان من الأسر.
"كان بيحلم يكون لاعب مشهور ويحترف بأوروبا" منذ الطفولة أحب أحمد كرة القدم واحترفها وكان يهوى أيضًا ركوب الخيل، في البداية اقتصر حلمه داخل حدود بلده طوباس، وخلال فترة قصيرة لعب الفتى فيها داخل نادي طوباس الرياضي، استطاع حينها أن يُثبت ذاته ويُحقق وجوده وأصبح هو الهداف، ليتطور حلمه وينال فرصة الاحتراف لدى نادي طولكرم الرياضي، والذي يلعب في دوري المحترفين الفلسطيني، وخلال 5 مباريات فقط أصبح هداف النادي بـ6 أهداف سجلها ضد أكبر أندية فلسطين، لتنهال عليه في فترة قصيرة عروضًا من تلك الأندية.
"جاء من طوباس ليتصدى لمن يحاول اقتحام نابلس" في فجر الخميس اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي المنطقة الشرقية لمدينة نابلس بالضفة الغربية، لتأمين وصول عشرات المستوطنين إلى "قبر يوسف" وأداء طقوس دينية فيه، هذا القبر الذي يعود لأحد الشيوخ الفلسطينيين الصالحين، بينما يزعم المستوطنون أنه يعود للنبي يوسف عليه السلام.
وبعد انتشارهم في عدة مناطق شرقي المدينة، بدأ جنود الاحتلال بإطلاق نيرانهم صوب عشرات الشبان الفلسطينيين الذين يتواجدون بشكل عفوي من أجل التصدي للاقتحام، وكان أحمد من بينهم وخلال مواجهات استمرت لعدة ساعات أصيب الشاب بـ6 رصاصات في بطنه أدت إلى استشهاده قبل وصوله المستشفى، بعدما أعاقت قوات الاحتلال طاقم الإسعاف خلال محاولاته تقديم إنقاذ الشاب لتفيض روحه إلى بارئها مُغطى بتراب وطنه الذي قضى سنوات عمره مُحاولًا الدفاع عنه.
"الله يرضى عليك يابا" الكلمات التي ظلّ والد الشهيد الشاب يُرددها أمام جثمانه، فكان صغيره محبوبا خلوقا لا يفتعل المشاكل يُحب وطنه ويتمنى الشهادة، ويحترف كرة القدم ويحلم أن يُحقق الإنجازات بها، وأصبح في فترة قصيرة معروفا بين الجماهير الرياضية، كما يُعرف بالتزامه الديني، واشتهر بـقراءة الفاتحة على روح الشهداء مع كل هدف كان يسجله.
والفجيعة لا تلغي فخرنا، وفخرنا لا يمحو الفجيعة…
— Katia Nasser كاتيا ناصر (@katyushia2) December 22, 2022
عزاؤنا أنّك في فريق الرابحين يا حبيب…
*والدا الشهيد أحمد دراغمة في اللحظات الأولى للّقاء الأخير
والد أحمد، عاطف دراغمة، أسير سابق أمضى ١٤ عاماً في معتقلات الصهيونازية
***الفيديو الأول-والد الشهيد pic.twitter.com/vIpubMu5cg
وإني على خطى الشهداء وإن تأخرت قدماي فروحي متقدمة" آخر كلمات خطاها أحمد بيديه على صفحته الشخصية بـ"إنستجرام"، ليلتحق بعدها بركب الشهداء ممن سبقوه في فلسطين، أمس حقق الفتى أثمن أهدافه على الإطلاق في السابق كان بطلًا للدوري بـ6 أهداف، ودفعت 6 رصاصات به نحو الفوز بالجائزة الكبرى "الشهادة"، تاركًا لعائلته ومحبيه ومشجعيه حسرات يوازيها الفخر بابنهم الشهيد البطل.
فيديو قد يعجبك: