الكاميرا في مواجهة الصواريخ.. قصة استشهاد الصحفي اليمني أحمد الشيباني
كتبت- سارة أبو شادي
صعد الشاب أحمد الشيباني على سطح إحدى البنايات المرتفعة كان في السابق مصنعًا بالمدينة دمره القصف، محاولًا التقاط صورًا للدخان المتصاعد نتيجة الانفجارات المتتالية التي هزت أرجاء المكان من حوله، شوارع ضيقة ملأتها بقايا من صواريخ الحوثي وأجزاء من بيوت سقطت نتيجة الحرب، جميعها مشاهد حاول توثيقها حتى اشتدت النيران من حوله فطلب من رفاقه التحرك نحو منطقة أكثر أمانًا.
غادر رفاقه المكان، بينما حاول أحمد النزول بصعوبة، حمل بإحدى يديه الكاميرا وبالأخرى استند بها على الصخور والحوائط المهدمة حتى خرج من المصنع، فأسرع خلف زملائه يتنقل بين الأزقة الضيقة تُحاوطه آثار الخراب والهدم، حتى وصل على جانب طريق دمره أيضًا القصف، وقبل المرور توقف لثواني من أجل وضع كاميرته الخاصة في الحقيبة حتى لا يطالها رصاص القناصة، وأثناء تحركه مرة ثانية أصابه قناص بطلق ناري في رأسه، فسقط شهيدًا أمام أعين زملائه الذين وثقوا استشهاده للعالم أجمع.
أحمد الشيباني، صحفي يمني يعمل في قناة اليمن الرسمية، استشهد في فبراير عام 2016، جراء إصابته برصاص قناص أثناء تغطيته للمواجهات في منطقة "الحصب" غرب مدينة تعز، وفي حديثنا مع شقيق أحمد وزميلته نعائم خالد التي شهدت على واقعة استشهاده، سردوا لنا -في حوار لـ مصراوي- تفاصيل من عملية اغتياله التي وثقتها عدسات الكاميرات، وكيف مرّ نبأ استشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة على العائلة كونها لا تختلف كثيرًا عن واقعة نجلهم؟.
"كان عمره 34 عام لم يتعرض لإصابة من قبل سوى تلك التي أودت بحياته" التحق أحمد بكلية الآداب قسم الإعلام، وبعد تخرجه عمل في عدة صحف يمنية حتى انتهت رحلته بقناة اليمن، قبل اندلاع الحرب، انتقل أحمد من مدينته الأصلية تعز إلى صنعاء للعمل كمسؤول إعلامي في مؤسسة إنسان التنموية، ومكث بها لسنوات حتى اجتاح اليمن طوفان الحرب.
أسرة أحمد كانت تقيم في صنعاء، لكنّه قدّم ملفه الوظيفي لدى قناة اليمن الفضائية ، وتم قبول طلبه بعد ذلك كانت مهمته إقناع والده وأمه السماح له بالالتحاق بالقناة، وعندما نجح في ذلك توجه الى تعز لتغطية الأحداث، في فبراير من عام 2016، يوم استشهاد أحمد كُلف من قبل القناة بتغطية عملية التحرير وفك الحصار على مصنع الشيباني.
ذهب أحمد رفقة بعضًا من زملائه ومنهم نعائم خالد، وأثناء القيام بمهام عملهم حاولوا الاقتراب لتصوير حريق أشعلته ميليشيا الحوثي قبل هروبهم من المصنع، سلك أحمد عدو طرق وعرة من أجل الوصول إلى أقرب مكان لتصوير الحريق، ونجحوا في القيام بمهمتهم، كما أنّ أحمد بمهارته تمكن من الوصول إلى قائد الموقع المحرر وإجراء مقابلة معه.
وأثناء مغادرتهم أطلق عليهم الرصاص بكثافة من كل جانب، فطلبت نعائم من أحمد الإسراع وعدم التوقف حتى يخرجوا بسلام من المنطقة الخطرة التي يتواجدون بها، لكنّهم وأثناء محاولة الخروج خاف أحمد على معدات التصوير الخاصة به فوقف في منتصف الطريق لوضعها في حقيبته، فأصابته رصاص قناصة في رأسه، حينها كان زميلًا لهم يصور لحظة هروبهم فيديو كتوثيقًا لما يعانيه الصحفيون، لم يدرك أنّه أيضًا سيوثق لحظة اغتيال صديقه.
"أحب أحمد تعز كثيرًا كان من ثوار ساحة الحرية بصنعاء لكن شاءت الأقدار أن يرتقي شهيدًا في تعز" أعاد نبأ استشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة على عائلة أحمد الشيباني وأصدقائه ألم وذكرى لم تُنسى، لكنّها أعادة إليهم لحظات فقد ابنهم، الذي رحل وترك خلفه طفل وفتاة ولدت بعد رحيلة، لكنّها زادتهم فخرًا به، فكان أحمد مُسالمًا اشتهر بطيبة قلبه بين الجميع ، رغم أنّه كان من أسرة بسيطة لكنّه لم يتوانى عن مساعدة غيره.
قصص الملف
عندما اخترقت 29 رصاصة جسد الصحفي "أحمد عبدالصمد"
قبل يوم من خطبته.. "فرقة الموت" تغتال المصور "صفاء غالي" وذكراه تعود مع شيرين أبو عاقلة
الشهيد الثالث في عائلته.. ياسر مرتجي صحفي دفع حياته ثمنًا مقابل صورة
"محمد نبوس".. التاجر الذي اختار "الصحافة" فاستُشهد وهو يوثق جرائم الحرب الليبية
فيديو قد يعجبك: