ما المعوقات التي تحول دون سلام دائم بين أوكرانيا وروسيا؟
واشنطن - (د ب أ):
من الصعب التنبؤ بالمسار الذي سوف تؤول إليه الحرب التي تشنها روسيا حاليا في أوكرانيا، إلا أن وضع القتال الحالي هناك يشير إلى أن أيا من الطرفين لن يكون قادرا على تحقيق النصر العسكري الحاسم الذي من شأنه أن ينهي النزاعات التي أدت إلى اندلاع الحرب.
ويقول كلينت ريتش، المحلل السياسي في مؤسسة البحث والتطوير الأمريكية (راند)، إنه من الممكن من الناحية النظرية أن تتوصل أوكرانيا وروسيا إلى اتفاق لوقف القتال، ولكن السياسة المتبعة بين الجانبين، بالاضافة إلى قرون من تاريخ المواجهة، كلها أمور لا توحي بأنه سيكون هناك سلام دائم.
ويوضح ريتش في التقرير الذي نشرته مؤسسة "راند" إنه حتى إذا ما حققت روسيا أهدافها المتمثلة في تأمين نفوذها في جنوب شرق أوكرانيا، لن تتوفر للكرملين حكومة في كييف لدعم المصالح الوطنية الروسية. ولا يمكن لروسيا أن تحقق بصورة موثوقة التغيير الاستراتيجي الذي تنشده بدون السيطرة على العاصمة.
ويضيف ريتش أن روسيا اتهمت أوكرانيا بعدم تنفيذ اتفاقيات مينسك المبرمة في عامي 2014 و2015 من أجل إنهاء القتال القائم في دونباس، فهل ستثق الآن- بعد أن قامت بتدمير البلاد- في أن تلتزم حكومة كييف بأي اتفاق جديد ؟ وهل ستكون لدى القادة في كييف أي ثقة في أي اتفاق سلام مع حكومة في موسكو لا تعترف بسيادتها وسلامة أراضيها؟ ويبدو أن الأمرين غير محتملين في الوقت الحاضر".
ويقول ريتش إن أوكرانيا جازفت في هذه الحرب بسبب طموحها في أن تكون جزءا رسميا لا يتجزأ من الغرب. وبعد أن قدمت مثل هذه التضحية الكبيرة، فإنه من غير المحتمل أن تتنازل عن تلك الرؤية، بغض النظر عن أي تسوية قد يتم الاتفاق عليها تحت الإكراه. وفي حال وافقت أوكرانيا على مطالب موسكو المتعلقة بالبقاء على الحياد واستضافة القوات الأجنبية، فإن الحكومة والشعب في أوكرانيا سيكونان في عداء مع روسيا أكثر مما كانا عليه قبل اندلاع الغزو في شباط/فبراير الماضي. ومن المحتمل أن تستمر أوكرانيا في السير في ركاب الغرب ، ومن المرجح أن تحاول الكثير من الدول الأوروبية والولايات المتحدة مواجهة النفوذ الروسي عن طريق دعم هذه الخطوة بكل السبل الممكنة.
ويتساءل ريتش قائلا: "هل ستقبل روسيا هذه الحقيقة خلال الاعوام المقبلة ببساطة؟"، مجيبا أن الامر "غير محتمل". فبالنسبة لروسيا، لا تتعلق هذه الحرب بعدم انضمام أوكرانيا لحلف شمال الاطلسي (الناتو) فقط، ولكن الأمر يتعلق بتأمين نفوذها في أوكرانيا على المدى الطويل. وعموما، لم تكن الغالبية العظمى من سكان أوكرانيا ترغب في الانضمام لعضوية حلف الناتو في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين؛ بل كانت الغالبية مهتمة بعلاقات البلاد السياسية والاقتصادية مع الغرب. وقد كان ذلك أيضا غير مقبول بالنسبة للكرملين، وأسفر عن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014، وتأجيج روسيا للحركة الانفصالية في منطقة دونباس.
كما صور الكرملين للمواطنين الروس الغزو الحالي على أنه حرب ضد النازية. ومن الممكن أن يؤدي مثل هذا الخطاب إلى جعل التوصل لاتفاق تسوية مع الحكومة الحالية في كييف أمر غير مقبول، ولا سيما بين أجهزة الأمن القومي الروسي. وهناك في روسيا تصور يرى أن إبرام أي صفقة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ستكون مدمرة بالنسبة لروسيا بوصفها قوة عظمى، وذلك رغم أن هذه الرواية لا تتوفر بها أفكار بشأن كيفية تحقيق روسيا لنصر كامل في ظل الظروف الحالية.
ويرى ريتش أن الوضع الحالي قد يؤدي في مرحلة ما، إلى إبرام موسكو صفقة مع حكومة زيلينسكي. إلا أن هذا لن يغير الهدف النهائي الذي يرغب الكرملين في تحقيقه، وهو تشكيل حكومة أوكرانية صديقة تواصل تعزيزعلاقاتها مع روسيا.
ويعتقد ريتش أنه من غير المرجح أن تنتهي هذه الحرب بالتوصل إلى تسوية سلمية لا تعالج المظالم السياسية الأساسية في قلب المواجهة بين أوكرانيا وروسيا، وهو الامر الذي يتجاوز حياد أوكرانيا بالنسبة لروسيا ووجود قوات أجنبية.
فيديو قد يعجبك: