دونالد ترامب يشن حملة شرسة ضد خصومه من الجمهوريين
واشنطن- (بي بي سي):
يختار الجمهوريون في ولاية أريزونا يوم الثلاثاء المقبل بين مرشح يؤيده ترامب وآخر أدلى بشهادته ضد الرئيس السابق أمام لجنة 6 يناير. فما هي احتمالات نجاح الرجل الذي تحدى دونالد ترامب؟
وقف راستي باورز أمام حفنة من المؤيدين الجالسين على طاولات نزهة في حديقة لاذوا بها من أشعة الشمس الحارقة في أريزونا.
كان السياسي منذ فترة طويلة، الذي خدم في المجلس التشريعي للولاية منذ عام 1993، في المرحلة الأخيرة من حملة شاقة، وشكر المتطوعين على موافقتهم على مواجهة الحرارة، والطرق على الأبواب في إحدى ضواحي فينيكس القريبة.
رفع دون نيكول، الذي يعرف باورز منذ سنوات، يده واستفسر منه كيف يجب عليه أن يرد إذا سُئل عن موجة من الانتقادات الأخيرة ضد باورز والتي تتضمن أنه يتغاضى عن الاعتداء الجنسي على الأطفال، أو تزوير الانتخابات، أو تعليم الأطفال كراهية أمريكا؟ ماذا يجب أن يقول للناخبين الذين يعتقدون أن باورز كان خائنا لدونالد ترامب أو لقضية الحزب الجمهوري؟
هز باورز رأسه وضحك. إنها ليست من نوعية الأسئلة التي اعتاد عليها.
كان باورز، الفنان السابق الذي نشأ في مزرعة للأغنام في وادي تشينو وهو أصلا من أريزونا ويبلغ من العمر 69 عاما، في معظم حياته السياسية يضمن إعادة انتخابه.
لكن ذلك كان قبل أن يضغط الرئيس ترامب ومحاميه رودي جولياني على باورز، رئيس مجلس النواب في الولاية، لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020 التي أظهرت فوز الديمقراطي جو بايدن في أريزونا بحوالي 11 ألف صوت.
كما كان ذلك قبل أن يسافر باورز إلى العاصمة واشنطن في يونيو الماضي، ويشهد أمام لجنة الكونغرس التي تحقق في أعمال الشغب في الكابيتول.
ولقد تحدث بشكل عاطفي هناك عن شعوره بالضغط خلال مكالمتين هاتفيتين عام 2020 ليحنث بواجبه كمسؤول منتخب.
وتحدث أمام اللجنة عن محادثته مع الرئيس وجولياني: "أنت تطلب مني أن أفعل شيئا يتعارض مع قسمي عندما أقسمت على الالتزام بالدستور، ولن أضع ولايتي في ذلك الموقف دون أدلة كافية؟ وسيكون ذلك جيدا بالنسبة لي بما فيه الكفاية؟ ..لا يا سيدي".
ثم كانت هناك تهديدات بالقتل واحتجاجات خارج منزله تطلبت منه، لبعض الوقت، أن يضع حراسة أمنية مقدمة من الولاية.
وقد انتقد الحزب الجمهوري في ولاية أريزونا يوم الاثنين الماضي رسميا باورز قائلا إنه "غير لائق لخدمة" الحزب، ولم يعد جمهوريا "في وضع جيد".
وفي تجمع حاشد يوم الجمعة الماضي في بلدة بريسكوت فالي بشمال أريزونا، ليس بعيدا عن المزرعة التي نشأ فيها باورز، اختاره ترامب بالاسم.
قال الرئيس السابق: "راستي باورز جبان تآمر ضد الحزب الجمهوري عندما انضم إلى لجنة حزبية من البلطجية السياسيين والمأجورين وأهان نفسه. عار على ولاية أريزونا".
وكان باورز قد مُنح في أبريل/ نيسان الماضي جائزة جون إف كينيدي الشخصية في الشجاعة لمقاومته ضغوط ترامب.
وهو يخوض الآن معركة من أجل حياته السياسية، ويواجه خصما مدعوما من ترامب هو كيفن فارنسورث، الذي تقول شعارات حملته إنه "محافظ يمكننا الوثوق به".
وسيتنافس الاثنان وجها لوجه في الانتخابات التمهيدية يوم الثلاثاء، وسيكون الفائز هو مرشح الجمهوريين على ورقة الاقتراع خلال انتخابات التجديد النصفي لشهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، والتي تضمن لهم بشكل شبه مؤكد مقعدا في المجلس التشريعي للولاية يمثل دائرة تميل للجمهوريين.
وتمثل تحديات باورز معركة أكبر داخل الحزب الجمهوري حيث باتت أريزونا أحدث ساحة معركة في الصراع الداخلي حول ما يعنيه أن تكون جمهوريا ومحافظا بعد رئاسة ترامب.
وفي الأشهر الماضية، مع توجه ناخبي الحزب إلى صناديق الاقتراع لاختيار من سينافس الديمقراطيين في انتخابات الكونغرس وحاكم الولاية في نوفمبر المقبل، واجه المرشحون المخلصون لترامب أولئك الذين يريدون رسم مسار أكثر استقلالية عن الرئيس السابق.
ولا تتعلق الاختلافات عموما بالسياسة بقدر ما تتعلق بالولاء والتفاني في الدفاع عن الرئيس السابق والاستعداد للادعاء، دون أدلة جوهرية، بأنه الفائز حقا في الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
وكانت هناك نتائج مختلطة حتى الآن حيث فاز بعض المرشحين الذين دعمهم ترامب مثل جي دي فانس في أوهايو، ومحمد أوز في ولاية بنسلفانيا، وهيرشل ووكر في جورجيا، وكريس كوكس في ماريلاند، وأحيانا أخرى لم يفز من دعمه ترامب مثل جانيس ماكجيتشن من أيداهو، وسوني بيرديو من جورجيا، وتشارلز هيربستر من نبراسكا.
وظهر الانقسام داخل الحزب الجمهوري بشكل صارخ في عدد قليل من الولايات كما هو الحال في ولاية أريزونا حيث يسيطر الموالون لترامب بالكامل على البنية التحتية للحزب، فقد اعتمدت الولاية في العام الماضي"تدقيق اقتراع" مشكوك فيه تم التعاقد معه بشكل خاص لانتخابات عام 2020.
وينقسم شاغلو المناصب حاليا بين المتعصبين لترامب مثل عضو الكونغرس بول غوسار وآندي بيغز اللذين شاركا في اجتماعات البيت الأبيض للتخطيط لإلغاء نتائج انتخابات 2020، والحاكم دوغ دوسي، الذي أرسل مكالمة من دونالد ترامب إلى البريد الصوتي حيث كان يشهد فوز جو بايدن في أريزونا.
وينقسم الناخبون في ولاية أريزونا اليوم تقريبا إلى ثلاثة أقسام، ثلث ديمقراطي وثلث جمهوري وثلث مستقل لا يتماهى مع حزب سياسي أو يشارك في الانتخابات التمهيدية التي تختار مرشحيه.
وقال كيفين ديمينا، المستشار السياسي والاستراتيجي الجمهوري منذ فترة طويلة في ولاية أريزونا، إن الثلث الجمهوري يتألف الآن بشكل أساسي من مؤيدي ترامب.
وأضاف قائلا: "نحن في نقطة الانهيار حيث أعتقد أن ثقل ما جلبه ترامب للسياسة في أريزونا سيؤدي إلى نزاع داخل الحزب حيث لم يعد الحزب الجمهوري في الوقت الحالي آلة لانتخاب أو هزيمة المرشحين وإنما ذراع دعاية لترامب".
وفي نفس اليوم الذي عقد فيه ترامب مسيرة بريسكوت فالي، كان دوسي في فينيكس مع باورز ونائب الرئيس السابق مايك بنس، الذي كان يحضر فعالية لدعم كارين تيلور روبسون، المرشحة لمنصب الحاكم.
وفي مناظرة أخيرة للمرشحين لمنصب الحاكم عن الحزب الجمهوري، كانت روبسون هي الوحيدة التي لم ترفع يدها عندما سُئلت عما إذا كانت انتخابات 2020 قد سُرقت من ترامب.
وفي تصريحاته، حاول بنس رسم خط فاصل بين المرشحين مثل روبسون وأولئك الذين أيدهم رئيسه السابق، وإن كان ذلك أثناء محاولته التباهي بسجل "إدارة ترامب وبنس".
وقال للجمهور "هناك من يريدون إجراء هذه الانتخابات حول الماضي"، يمكنك إرسال رسالة تصم الآذان ليسمعها الجميع في كل أنحاء أمريكا مفادها أن الحزب الجمهوري هو حزب المستقبل".
وسواء كان الحزب الجمهوري هو حزب الماضي أو المستقبل فإن ولاية أريزونا قد تكون هي الولاية التي تحدد مدى تأثير الرئيس السابق.
وتُعد مسيرات ترامب بمثابة شرانق سياسية حيث يجتمع المؤيدون مع زملائهم المعجبين بترامب للاحتفال برجلهم وحركته "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى".
ولقد اصطف يوم الجمعة الماضي الآلاف من الموالين لترامب لساعات في درجة حرارة 37 درجة مئوية خارج الساحة الرياضية التي تضم 6 آلاف مقعد في وادي بريسكوت للحصول على مقاعد جيدة.
وكانت رسالة ترامب واضحة بين هؤلاء المؤمنين حول جلسات الاستماع في 6 يناير، والجمهوريين من أمثال باورز الذين تعاونوا معها، وحول من هو مع الرئيس السابق ومن ضده.
وقال ديل مايرز، تاجر أسلحة في بريسكوت، عندما سُئل عن باورز: "أي شخص يقف مع لجنة 6 يناير هو شيوعي، ما حدث لم يكن تمردا بل احتجاجات سلمية".
وانتقلت تايلور بيرلي مؤخرا إلى أريزونا من سان فرانسيسكو.
وقالت إنها لم تشعر أبدا بالراحة عند ارتداء قبعة ماغا (اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى) الخاصة بها في سان فرانسيسكو أما في أريزونا فإنها تناسبها تماما.
وقد أحضرت ابنتها البالغة من العمر 7 أشهر إلى المسيرة، وقالت إنها ستصوت لمن يزكيه ترامب.
وتضيف قائلة: "يمكنني إجراء بحث لكن الإنترنت يكذب، لذلك إذا قال ترامب عن شخص ما إنه شخص جيد فهذا كل ما أحتاج إلى سماعه".
ووفقا لديمينا، الاستراتيجي الجمهوري، فإن هذه النوعية من الآراء شائعة بين أولئك الذين يصوتون في الانتخابات التمهيدية للحزب.
وقال: "دونالد ترامب يبلي بلاء حسنا، وكل مرشح دعمه شهد زيادة ملحوظة في دعم الناخبين حيث يُعد ولاء جمهور ماغا لا مثيل له".
وداخل الساحة كانت الرسالة متشابهة.
فبعد إعلان أسماء المرشحين الذين أيدهم ترامب، قالت كيلي وارد، رئيسة الحزب الجمهوري في أريزونا التي ليس من المفترض أن تدعم أي طرف في الانتخابات التمهيدية، للجمهور: "لدينا قائمة لن تصدقها أبدا هنا في أريزونا"، مشيرة إلى أنها أدلت بالفعل بصوتها لتلك القائمة عن طريق البريد.
وأضافت قائلة:"إن مؤسسة الحزب الجمهوري البائسة التي لا يعنيها سوى المال تريد تثبيت خياراتها، فلا تسمح بذلك".
وعندما تم إخباره بتعليقات ترامب خلال مسيرة أريزونا، قال باورز إنه مندهش من أن الرئيس يبذل قصارى جهده لمهاجمته شخصيا.
وقال: "أنا لست الشخص الذي يهرب من الحقيقة، أنا من قال الحقيقة، إن ما يفعله يفضحه عنه أكثر مما يكشف عني.. أنا لا أحد وهو الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية".
ولكن عندما يتعلق الأمر بالتشكيك في مؤهلاته المحافظة كشخص عمل في السياسة الجمهورية منذ التسعينيات من القرن الماضي، فإن ذلك يجعله يستشيط غاضبا.
سأل باورز قائلا: "من هو المحافظ؟" لقد تمت سرقة هذا المفهوم الآن، ولا يعني الاسم ما كان عليه من قبل، كان يعني الحفاظ على الأشياء المثبتة مؤسسيا لفترة طويلة في ثقافتنا وتشمل الأسرة، والقوة الاقتصادية، والتعليم، والحرية.. هي تلك الأشياء التي تريد الحفاظ عليها".
وقال إنه يشعر بالغربة عن حزبه، لكن هناك "مئات الآلاف" من أريزونا الذين يشعرون بنفس الشعور وتركوا الحزب الجمهوري ليكونوا مستقلين سياسيا أو غير منتسبين.
وأضاف قائلا: "سرقة الحزب، وأنا أسميه انقلابا، إنه يتزايد منذ بعض الوقت، وهناك عمليات تطهير للحزب مرارا وتكرارا".
وبعد التحدث مع مؤيديه بالقرب من فينيكس، شرع راستي باورز في المشاركة بنفسه في حملة طرق الأبواب.
فقد انطلق يبحث عن الناخبين مرتديا قبعة واسعة الحواف لتغطية رأسه الأصلع. وقد تم تحديد بعض الناخبين من خلال البيانات المحلية التي تم نشرها بواسطة تطبيق على الهاتف المحمول بدا غير متأكد إلى حد ما من كيفية استخدامه، فيما تم طرق أبواب البعض الآخر من خلال التوقف العشوائي.
وبالصدفة وجد شخصا كان زميلا لزوجته في المدرسة الثانوية، وتلك إحدى فوائد وجود جذور في منطقة، وهي الجذور التي تم بناؤها على مدى عقود.
ثم التقى باميلا، في منزل مجاور، والتي كانت على وشك ملء بطاقة الاقتراع الخاصة بالانتخابات التمهيدية بالبريد. وقالت إنها ستصوت لصالح باورز وأنه فعل الصواب.
وأضافت قائلة: "عندما قرر الحمقى هناك توجيه اللوم له، هززت رأسي وقلت على هذا الرجل أن يرد، فنحن لسنا بحاجة إلى هؤلاء المتطرفين الذين يحولون كل شيء إلى مواجهة".
وبعد المحادثة، علق باورز ومدير حملته لافتة في ساحة في الفناء الأمامي المغطاة بالحصى والصبار بمنزل باميلا. وتقول اللافتة:" ناخبة أدلت بصوتها، في انتظار آلاف آخرين".
ومع ذلك، فإن الحقيقة هي أن باورز يخوض معركة شاقة إذا أراد البقاء في منصبه. وعندما سأل باورز باميلا إذا كان هناك أي شخص آخر في الحي تعتقد أنه يجب أن يزوره، كافحت للتوصل إلى إجابة.
وقالت إن معظمهم من الجمهوريين المتشددين، مشيرة إلى أن زوجين من الجيران كانا يرفعان دائما أعلام ترامب في فناء منزلهما.
وقال باورز: "لا أريد الشجار معهما".
وسوف يعلم باورز يوم الثلاثاء مصيره، وقال إنه سيتقبل النتيجة.
وتابع قائلا إنه عندما ينتهي كل شيء سيترك إرثا من الشجاعة وليس الجبن لأحفاده العشرين.
لكن لديه أيضا كلمة تحذير للجمهوريين، والأمريكيين، في أريزونا وفي جميع أنحاء البلاد.
وقال باورز: "استعدوا لتوجهات ترامب المتمردة في الحزب، هناك رغبة كبيرة للثأر".
فيديو قد يعجبك: