ما لا تريدك طالبان أن تراه: غضب الفنانات
كابول-(بي بي سي):
"أخرجت بعض لوحاتي من الإطارات وتخلصت من الإطارات وأخفيت اللوحات".
هكذا حاولت فنانة يائسة في أفغانستان حماية لوحاتها.
سمعت "شاجية" أن عناصر طالبان يشنون حملات تفتيش على المنازل.
بعض الناس دمروا لوحاتهم وتماثيلهم وآلاتهم الموسيقية، وحتى كتبهم.
شاجية أبقت على بعض اللوحات، التي تصور الزهور والطبيعة، معلقة على الجدران.
لم تعتقد أن رجال طالبان سوف يكترثون بها، لكنها كانت مخطئة، لقد صادروها.
لا تزال الفنانة تعيش في أفغانستان، لذلك نبقي هويتها سرا من أجل سلامتها.
ملامح لوحات شاجية تشوبها القسوة وأجواء الرعب لكن فيها حميمية. إنها تصور قسوة حياة النساء الأفغانيات بتفاصيلها الصغيرة.
وفقا لتفسير طالبان المتشدد للإسلام فإن رسم الوجه البشري محظور، لذلك على شاجية أن تخفي لوحاتها.
حين سألت بي بي سي عن الموضوع، أنكر المسؤولون في كابُل الاستيلاء على لوحات فنية بهذه الطريقة.
قال محمد صادق عاكف المتحدث من وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "ترددت تقارير في إقليم هراة قبل عدة شهور عن وقوع شيء كهذا . 99 في المئة من الأفغان مسلمون ولله الحمد، لقد لفتنا انتباههم إلى تعاليم الإسلام وقبلوا ذلك".
لقد أغلقت طالبان مدارس الموسيقى، وأصدرت تعليمات لمحطات الإذاعة والتلفزة بعدم بث الموسيقى أو البرامج الكوميدية، والاستعاضة عنها بالأشعار الدينية والرسائل الموالية لطالبان.
يعتقدون أن الفنون الغربية هي طريق لنشر الفساد، مع أن المتحدث باسم وزارة الإعلام قال إنهم يحتفون بفن النساء وأشغالهن اليدوية في اليوم العالمي للمرأة.
وتصف شاجية أوضاع النساء تحت حكم طالبان بأنها "الجحيم على الأرض".
وتقول "الفن يخلقه الحب، يتشكل في قلب وعقل الفنان. لا مكان لشيء جميل كهذا في بلاد يحكمها هؤلاء".
كانت الفنانات الأفغانيات يرغبن على الدوام بتحدي التقاليد الأبوية الخانقة التي تسيطر على حياتهن. أعمال شاجية تحديدا قاتمة وتعبر عن مرارة.
كانت ضمن حركة فنية استثنائية بدأت تزدهر في أفغانستان على مدى عقدين من الزمان، خنقت عام 2021 بعد عودة طالبان إلى السلطة.
كانت شاجية تتردد على مركز نسائي للفن في كابُل للرسم واكتساب مهارات جديدة ولقاء فنانات شابات، لكن النوادي النسائية كلها أغلقت.
تقول شاجية "تقتل الرقابة خيال الفنان، وهذه مصيبة بالنسبة لي ولبقية الفنانات".
وحظر التعليم على النساء الأفغانسات حاليا كما منعن من مزاولة معظم المهن، ومن رفع أصواتهن في العلن، ولا يستطعن مغادرة المنزل إلا بمرافقة محرم.
ومع الأزمة الاقتصادية المتفاقمة لم يعد باستطاعة شاجية الحصول على الألوان وفُرَش الرسم، لذلك فهي ترسم مسودات في السر للحفاظ على روح الفن حية داخلها.
لكن شاجية يحفزها هدف أكبر، هو إبقاء الضوء مسلطا على النساء.
"من مهام الفنان أن يستوعب الألم ويعبر عنه، كذلك أن يرى غياب المساواة وعدم احترام حقوق الإنسان في المجتمع. أريد أن أعبر عن ما تمر به النساء في أفغانستان"، تقول شاجية.
وتضيف "تعبنا من كل هذا القمع".
وتحظى شاجية بدعم كامل من عائلتها وزوجها، وهو شيء نادر في المجتمع الأفغاني.
تقول "بالإضافة لأمي وأبي وأختي وأخي فإن زوجي كان دائما أكبر داعم لي ومدافع عني".
بإمكان حكومة طالبان حظر الفن لكن شاجية تعتقد أنها لن تستطيع منع الفنانات من توثيق المقاومة النسائية.
تتلقى شاجية بيانات طالبان بتحفظ.
تقول "لو رسمت امرأة في برقع تحمل نسخة من القرآن فسوف يسمح لي بعرضها، لكني سأستمر في النضال من أجل الحرية من خلال لوحاتي".
فيديو قد يعجبك: