رئيسة البرلمان الأوروبي تؤكد الحاجة للتوصل لاتفاق بشأن الهجرة واللجوء
بروكسل - (د ب أ)
بعد مضي عشر سنوات على المأساة التي أودت بحياة قرابة 370 مهاجرًا، غرقوا قبالة ساحل جزيرة لامبيدوزا، أقصى نقطة في جنوب إيطاليا، تقول رئيسة البرلمان الأوروبي روبيرتا ميتسولا إن الاتحاد الأوروبي اليوم ليس أفضل حالا في مواجهة مسألة الهجرة.
وقالت ميتسولا في مقابلة مع غرفة الأخبار الأوروبية (إي إن آر) إن الذكرى العاشرة لمأساة لامبيدوزا تحل بعد غد الثلاثاء، الثالث من أكتوبر، "عندما أُطلِقَ على البحر المتوسط أكبر مقبرة في العالم. وها نحن من جديد!".
وشهدت الجزيرة الإيطالية مؤخرا وصول آلاف المهاجرين خلال أيام قليلة.
وأعربت ميتسولا عن أملها في تحقيق انفراجة سريعة في المناقشات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشأن إصلاح سياسة اللجوء الخاصة بالتكتل، وأعربت عن اعتقادها بأنه "يجب بذل كل جهد ممكن" للتوصل لإتفاق.
وأعاقت الخلافات بين دول الاتحاد الأوروبي واحدا من الملفات الرئيسية ضمن اتفاق الهجرة واللجوء الذي طرحته المفوضية الأوروبية في 20 سبتمبر 2020. ويتعلق هذا الجانب بنظام التضامن الإجباري داخل التكتل حال حدوث تدفق ضخم للمهاجرين على حدود إحدى الدول الأعضاء.
وأعلنت المجر وبولندا والنمسا وجمهورية التشيك معارضتها للاتفاق في يوليو الماضي، في حين امتنعت ألمانيا وسلوفاكيا وهولندا عن التصويت، مما جعل من المستحيل التوصل للأغلبية التي تتطلبها الموافقة عليه.
وتعتزم ألمانيا الآن الموافقة على اتفاق الأزمة المثير للجدل من أجل إجراء الإصلاح المقرر لسياسة اللجوء في الاتحاد الأوروبي، رغم المخاوف المتواصلة في أروقة الائتلاف الحاكم بالبلاد.
وفي مسعى للضغط على دول التكتل كي تتوصل لاتفاق، قرر البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي تعليق المفاوضات مع دول أعضاء بشأن جانبين آخرين من الاتفاق يتعلقان بتعزيز الأمن على طول الحدود الخارجية للتكتل.
وقالت ميتسولا: "لا يستطيع أحد الدفع باتجاه تبني المحور الأمني (للإصلاح) دون محور اللجوء"، وتعني بذلك التضامن بين الدول الأعضاء.
وأشارت ميتسولا إلى أن قضية الهجرة، الملتهبة سياسيا، كانت الهم الأكبر لدى 26 من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي في انتخابات البرلمان الأوروبي لعام 2019، عندما كان عدد الأعضاء آنذاك 28، قبل أنسحاب بريطانيا.
وقالت: "من المواطنين إلى اللاجئين، ومن الباحثين عن عمل إلى رؤساء الوزراء. تتأجج المشاعر على جميع المستويات لدى طرح كلمة الهجرة على الطاولة".
ومن المقرر أن تتولى بلجيكا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في النصف الأول من عام 2024 وستجري بروكسل مفاوضات مع البرلمان الأوروبي اعتبارًا من يناير المقبل، في ظل نفاد الوقت قبل أن تعرقل حملة الانتخابات الأوروبية المقررة العام المقبل العملية التشريعية.
وفيما يتعلق بالضغوط التي تشكلها الهجرة على إيطاليا، قالت ميتسولا إن دولة واجهت الأعداد الضخمة من المهاجرين التي وصلت إلى أراضيها، "لا يمكن أن تشعر بأنها تركت وحيدة". ووصفت لامبيدوزا بأنها "جزيرة الـ6000 مواطن" والتي "استقبلت على حين غرة 1700 شخص في يوم، ثم ثلاثة آلاف آخرين في يوم آخر".
وأوضحت أنها منفتحة على طلب روما المتعلق بإمكانية تشكيل مهمة بحرية في البحر المتوسط، وقالت: "هذا أمر يمكننا النظر فيه بإيجابية"، وشددت على أن المهمة سوف تؤدي إلى "خفض الخسائر في الأرواح"، وسوف تعني "احترام الحدود".
كما اتفقت ميتسولا، مع روما بشأن نقطة أخرى، تتعلق بالتفاهم بين الاتحاد الأوروبي وتونس بشأن الهجرة، والذي سعت إليه رئيسة وزراء إيطاليا جورجا ميلوني، ولكنه يواجه صعوبات بالغة حاليا.
وقالت ميتسولا: "لحين التوصل إلى حل يسمح بالتعامل مع طلبات الهجرة، خارج إقليم الاتحاد الأوروبي. يتعين علينا التحاور مع هذه الدول التي لايجد فيها المهاجرون حلاً إلا أن يستقلوا قاربًا عبر البحر إلى أوروبا".
شينجن: عمليات التفتيش على الحدود الداخلية "مثيرة للقلق"
وفي معرض تعليقها على عمليات التفتيش التي أجرتها مؤخرا ألمانيا وبولندا على حدودهما الداخلية- منطقة شينجن- قالت ميتسولا إن الإجراءات الممتدة كانت مثيرة للقلق من الناحية السياسية.
وأضافت أنه إذا ما أجريت عمليات التفتيش الضرورية على الحدود الخارجية، فليس هناك حاجة لإجرائها على الحدود الداخلية.
وقالت: "إذا ما فكر المرء في واحدة من أهم الميزات لدى الاتحاد الأوروبي، والتي ينظر إليه الناس خارج التكتل عندما يفكرون في الاتحاد الأوروبي، فسيجد حرية الحركة. إن حرية الحركة تعني أنك تستطيع أن تسافر وأن تعمل."
وتابعت بالقول إنه يتعين ضم رومانيا وبلغاريا إلى منطقة شينجن، وأضافت أنه يجب توقع صدور قرار إيجابي في هذا الشأن بنهاية العام. ووجهت ميتسولا حديثها لصوفيا وبوخارست قائلة إنهما تستحقان ذلك منذ 2011، ويترقبان قرارا منذ ذلك الحين.
توسيع الاتحاد الأوروبي: ميتسولا تأمل في إطلاق المفاوضات مع أوكرانيا بنهاية 2023
وأعربت رئيسة البرلمان الأوروبي عن أملها في بدء مفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبي مع أوكرانيا ومولدوفا بحلول نهاية العام الجاري، ودعت إلى عدم إصابة هذه الدول المرشحة للعضوية بـ"خيبة أمل"
وقالت ميتسولا: "إذا كانت أوكرانيا ومولدوفا على استعداد، يجب أن تبدأ الدولتان مفاوضات الانضمام، وبالتالي يمكن اتخاذ خطوات تدريجية، خطوة بخطوة. تتبع كل دولة المسار الخاص بها، ولكن لا يجب لنا أن نخيب آمال الملايين من الناس الذين يرون في أوروبا وطنا لهم".
وفي لفتة رمزية قوية في يونيو 2022، منح الاتحاد الأوروبي أوكرانيا ومولدوفا صفة "دولة مرشحة" للانضمام. ومن المقرر أن تصدر المفوضية الأوروبية تقريرا في نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر الجاري يتناول التقدم الذي أحرزته الدول التي تسعى للانضمام للتكتل. ويتوقع أن توصي المفوضية الدول الأعضاء، على نحو خاص، بفتح باب المفاوضات مع أوكرانيا ومولدوفا.
وهناك خمس دول في منطقة غرب البلقان وصربيا التي تحمل صفة "دولة مرشحة" للانضمام. ويجري بعضها مفاوضات بشأن عضوية التكتل منذ أكثر من عشر سنوات.
كما علقت ميتسولا على الهجمات التي تمت مؤخرا في كوسوفو، ودعت جميع الأطراف إلى بذل " جهود حقيقية لاستعادة الهدوء والاستقرار"
انتخابات البرلمان الأوروبي 2024
وقالت رئيسة البرلمان الأوروبي إنها تتوقع حملة قوية لانتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في يونيو 2024، وتتوقع كذلك أن تحظى الهيئة التشريعية المقبلة بأغلبية بناءة وداعمة لأوروبا.
وأكدت ميتسولا أن الحرب ضد التطرف ستشكل تحديا واسعا في الحملة الانتخابية للانتخابات المقرر أن تجرى خلال الفترة من السادس وحتى التاسع من يونيو المقبل.
وتتوقع ميتسولا مزيدا من الانقسام بين المجموعات السياسية داخل البرلمان الأوروبي، مقارنة بالوضع الحالي، وأن هذه المجموعات ستكون بحاجة لمزيد من الوقت لتحديد أولوياتها. ويتعين عليها أن تحقق ذلك قبل أن يعقد البرلمان الجديد جسلته الافتتاحية يوم 17 يوليو 2024.
وقالت رئيسة البرلمان الأوروبي إن من الضروري مكافحة الخطاب الذي تتبناه الجماعات المتطرفة، لفهم لماذا يوجد مواطنون محبطون ومهمشون، لم يصوتوا للأحزاب الرئيسية على مدار سنوات.
وقالت ميتسولا: "ليست الإجابة في أن تنظر أحزاب المؤسسة الحاكمة إلى أصواتها الآمنة، ولكن أن تنظر، في الواقع، إلى الأصوات التي فقدتها، وأن تسأل نفسها، لماذا لم تتحدث بما يكفي مع هؤلاء المهمشين، الذين ليس لهم وظائف، والذين يعيشون في المناطق الريفية، والذين يشعرون بأنهم مهملون، أو الذين يعيشون في المناطق الحضرية، ويشعرون أنهم لا يجدون الحماية."
ولدى سؤالها عن نظام المرشحين الرئيسيين، والذي يتعين بمقتضاه على كل مجموعة سياسية تقديم مرشح واحد لرئاسة المفوضية الأوروبية- حيث يذهب المنصب بشكل تلقائي إلى الحزب صاحب أكبر عدد من الأصوات - أشارت ميتسولا إلى أن النظام أثبت نجاحا في انتخابات 2014.
وجرى آنذاك تعيين رئيس وزراء لوكسمبورج السابق جان كلود يونكر رئيسا للمفوضية الأوروبية، حيث كان مرشح حزب الشعب الأوروبي المحافظ. ولكن جرى إلغاء النظام في الانتخابات الأوروبية التالية، في 2019، عندما اختارت الدول الأعضاء وزيرة الدفاع الألمانية السابقة أورسولا فون دير لاين لرئاسة المفوضية، دون ترشحها.
وشددت ميتسولا على أنه يتعين على مجلس زعماء الاتحاد الأوروبي، الذي يقدم المرشح، والبرلمان الذي يصوت على الاختيار، الاتفاق على هذه المسألة قبل انتخابات 2024.
وأوضحت أنه إذا ما أرادت فون دير لاين الترشح لولاية جديدة في المنصب، فسوف يتعين عليها المشاركة في الحملة كرئيسة للمفوضية، وليس كنائبة أوروبية في دائرتها الانتخابية.
وترى ميتسولا أن فون دير لاين أبلت بلاء حسنا للغاية، رغم أن فترة ولايتها لم تكن سهلة، وقالت إنه يتعين على المرء أن يتقبل حقيقة أنها أول امرأة على رأس السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي.
فيديو قد يعجبك: