المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة.. قرار جوتيريش يغضب إسرائيل وردود فعل دولية
كتبت- سلمى سمير:
ينتظر مجلس الأمن الدولي، غدا الجمعة انعقاد جلسة له لمناقشة تصاعد التوترات داخل قطاع غزة، بعد طلب رسمي للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش من للمجلس ببحث مسألة قطاع غزة وسط انهيار الوضع الإنساني داخل القطاع المحاصر.
جاء قرار جوتيريش الذي أثار امتعاض إسرائيل منذ بداية الحرب على قطاع غزة في الـ7 من أكتوبر في خطوة نادرة قام بها للمرة الأولى منذ توليه منصب الأمين العام سنة 2017، وذلك عبر تغريدة على حسابه على منصة "إكس" (تويتر) سابقًا، والتي قال فيها إن قراره بتطبيق المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة لأول مرة خلال فترة ولايته جاء في ظل خطر شديد من انهيار النظام الإنساني في قطاع غزة.
لم يكتف جوتيرش خلال إعلانه بدعوة المجلس إلى الانعقاد بل دعاه أيضًا إلى وقف إطلاق النار الإنساني داخل قطاع غزة، مما جعل إسرائيل تستشيط غضبًا جرائه لتتوجه في تصريحاتها إلى الأمين العام للأمم المتحدة باعتبار ولايته تهديدًا للسلام العالمي- على حد زعمها.
ظهر ذلك من خلال تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، الذي سارع للتنديد مساء أمس الأربعاء فور معرفة قرار جوتيرش، متهمًا إياه بدعم حركة حماس من خلال طلبه بتفعيل المادة 99 ووقف إطلاق النار في غزة، مما سيساهم "في قتل المسنين واختطاف الأطفال واغتصاب النساء" وفق تعبيره.
وحدد كوهين في تصريحاته سبل دعم السلام العالمي من وجهة نظة التي تمثلت في "تحرير قطاع غزة من حركة حماس"، ويأتي حديث كوهين بعد فترة قصيرة من اتهامه للرئيس الكولومبي جوستافو بيترو بمعاداة السامية عقب وصفه للقصف الإسرائيلي على مدينة دير البلح وسط قطاع غزة بـ "الممارسات النازية".
ما هي المادة 99؟
جاء تفعيل المادة 99 من الميثاق بعد عقود لم تشهد فيها تصريحات الأمم المتحدة مثل هذا القرار، والتي بموجبها يمتلك الأمين العام للأمم المتحدة صلاحية دعوة مجلس الأمن الدولي لمناقشة أي مسألة من شأنها تهديد حفظ السلام والأمن الدوليين، وذلك حسب الموقع الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة.
أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك على امتلاك جوتيريش لصلاحيات تطبيق تلك المادة بحكم منصبه، وذلك خلال رده على أسئلة الصحفيين التي توالت مساء أمس منذ الإعلان عن القرار، والتي أوضح فيها أن المغزى من تفعيل المادة استخدام سلطته التي وصفها بـ "الدستورية الكبرى" كونها أقوى أداة يمتلكها الأمين العام في إطار ميثاق الأمم المتحدة.
واتضحت الأهمية الكبيرة لتطبيق المادة في الوقت الحالي، مع اقتراب كافة أنشطة الأمم المتحدة من نقطة الشلل التام داخل قطاع غزة مع فقدانها نحو 15 ألف شخص من العاملين فيها داخل القطاع المنكوب، وذلك حسب تصريحات دوجاريك، الذي قال إن الأمين العام العام لا يبالغ عندما استخدم كلمة "كارثة" لدى حديثه عن قطاع غزة، معربًا عن أمله في تلبية مجلس الأمن لدعوة جوتيريش بعقد الجلسة ووقف إطلاق النار.
للتفاصيل.. (لأول مرة منذ 41 عاماً.. ماذا يعني تفعيل المادة 99 بالأمم المتحدة في العدوان على غزة؟)
ردود فعل دولية
من جهتها رحبت فلسطين بتصريحات الأمين العام، وذلك خلال بيان لوزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم، طالبت فيه قادة العالم بدعم مبادرة جوتيريش لدفع مجلس الأمن لوفاء بالتزاماته واتخاذ قرار بوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
كما اتخذت الخارجية الفلسطينية جانب جوتيريش وذلك من خلال الدفاع عنه ضد ما وصفته هجوم وتحريض تمارسهم إسرائيل ومسؤولوها على الأمين العام للأمم المتحدة، واصفة التصريحات الإسرائيلية ضد الأمين العام بـ "الإرهاب السياسي"، من أجل ردعه عن مباشرة مهامه، وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان.
سار وفق خطى الخارجية الفلسطينية، إسبانيا، من خلال الإعلان عن دعم كامل لتصريحات جوتيريش بتفعيل المادة 99 ومطالبته بوقف إطلاق نار إنساني في قطاع غزة، وذلك من خلال تغريد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، عبر حسابه على منصة "إكس" قائلًا إن "الكارثة الإنسانية" في قطاع غزة لا يمكن تحملها مما يدفع إسبانيا لتقديم دعمها الكامل "للأمين العام للأمم المتّحدة، أنطونيو جوتيريش، في تفعيله المادة 99 من ميثاق الأمم المتّحدة".
وسبق أن استدعت إسرائيل السفير الإسباني لديها لتوبيخه احتجاجًا على تصريحات سابقة لبيدرو قال فيها إنه رغم امتلاك إسرائيل حق الدفاع عن نفسها إلا أن القتل العشوائي في غزة أمر غير مقبول، واصفًا الوضع داخل القطاع بالكارثة الإنسانية.
البرلمان العربي يشيد بمبادرة جوتيريش
كما أشاد رئيس البرلمان العربي عادل العسومي، بمبادرة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في تفعيل المادة (99) من ميثاق الأمم المتحدة.
واعتبر العسومي، في بيان اليوم الخميس، المبادرة "خطوة مهمة وضرورية"، تنسجم مع مطالبة البرلمان العربي، الجمعية العامة للأمم المتحدة لتفعيل "مبدأ الاتحاد من أجل السلم" لمواجهة اخفاق مجلس الأمن نتيجة استخدام حق الفيتو من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لصالح القوة القائمة بالاحتلال.
ونوه العسومي، إلى التحذيرات التي أطلقها مراراً وتكراراً، وكذلك التحذيرات الدولية واسعة النطاق من تداعيات الكارثة الإنسانية التي حلت بالمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، جراء حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال).
وأدان رئيس البرلمان العربي بشدة حملات التحريض الممنهجة التي تقوم بها قوة الاحتلال ومسؤوليها داخل أروقة الأمم المتحدة، على الأمين العام للأمم المتحدة، معتبرا أنها تمثل إرهاباً سياسياً، لثنيه عن أداء دوره، والقيام بمهامه، وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان.
ودعا المجتمع الدولي، وقادة العالم، بدعم مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة، والالتفاف حولها، ودفع مجلس الأمن إلى الوفاء بالتزاماته وتحمل مسؤولياته بعد هذا الفشل المتواصل والمتكرر منذ الحرب على غزة في السابع من أكتوبر، واتخاذ قرار بوقف فوري وعاجل لإطلاق النار ووقف حرب الإبادة ونزيف الدم المتواصل في قطاع غزة.
يعيد الأمل في تحرك المجتمع الدولي لوقف الحرب على غزة
ومن جانبه، أكد السفير الدكتور منير زهران، الرئيس الأسبق لوفد مصر الدائم في الأمم المتحدة بجنيف، أن تطرق الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش إلى المادة 99 من ميثاق المنظمة الأممية، يمثل بارقة أمل في تحرك المجتمع الدولي لوضع حد للمأساة التي يشهدها قطاع غزة جراء الحرب اللاإنسانية التي تشنها إسرائيل منذ نحو شهرين وتسببت في تدمير القطاع و قتل الآلاف من المدنيين الأبرياء، فضلًا عما تمثله من تهديد للسلم والأمن الدوليين.
وأضاف السفير منير زهران ، في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الخميس، أن اللجوء إلى المادة 99 لأول مرة منذ نحو 34 عامًا و استخدام الأمين العام لأقوى أداة يمتلكها في ميثاق المنظمة، يضع مجلس الأمن أمام مسئولياته لاستخدام نفوذه و اتخاذ قرار بوقف الحرب؛ لتجنب انهيار النظام الإنساني.
وأوضح أن المادة 99 من الميثاق تمنح السكرتير العام الحق في لفت نظر مجلس الأمن في حالة ما إرتأى أن الظروف التي تمر بها العلاقات بين الدول الأعضاء في إحدى مناطق العالم من شأنها تهديد السلم والأمن الدوليين ، قائلًا :"وهى الحالة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط حاليًا منذ عدوان إسرائيل على قطاع غزة عقب أحداث 7 أكتوبر 2023، بجانب استمرار الاعتداءات على المدن والتجمعات السكانية في الضفة الغربية لنهر الأردن ورفض حكومة الاحتلال الانسحاب منها ومن القدس الشرقية، تنفيذًا لقرار مجلس الأمن رقم 242 الصادر في نوفمبر 1967 ".
وتابع أن المادة 99 تنص على أنه للأمين العام أن ينبه مجلس الأمن بأي مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين، منوهًا إلى أن تلك الأوضاع تنطبق على ما يحدث الآن داخل قطاع غزة الذي يعاني من كارثة إنسانية قد يصعب السيطرة عليها إذا استمرت تلك الحرب الدموية.
ولفت السفير منير زهران إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة قد دق ناقوس الخطر برسالته الموجهة إلى مجلس الأمن الدولي، ليحذر من وضع يتدهور سريعًا نحو كارثة قد تكون لها تبعات لا رجعة فيها على الفلسطينيين وعلى السلام والأمن في المنطقة.
وذكر رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية السابق، بالآمال التي كانت تعقد على إنشاء الأمم المتحدة بهدف بناء عالم جديد عقب القتل و الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية وفشل عصبة الأمم آنذاك، داعيًا مجلس الأمن إلى الاضطلاع بدوره وإصدار قرار بوقف تلك الحرب الوحشية على قطاع غزة حتى لا تفقد شعوب العالم الثقة في النظام الدولي.
وأعربت الحكومة العراقية، عن دعمها لموقف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش، إزاء ما يحدث من انتهاكات صارخة في غزة وتفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة التي تمنح الأمين العام صلاحية لفت انتباه مجلس الأمن إلى أية مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين .
وأثنت الحكومة العراقية - وفقا لقناة "السومرية نيوز"- على ما أشار له أمين الأمم المتحدة في أن ما يحصل في غزة منذ عدة أسابيع يمثل تهديدا للأمن والسلم الدوليين.
وذكرت "أن العراق يؤكد أن الكوارث التي حدثت بسبب العدوان قد أدت إلى مأساة إنسانية تستدعي تدخلا دوليا عاجلا لوقفها"، لافتة إلى أنها نبهت منذ اليوم الأول للعدوان في غزة إلى ضرورة تكاتف جميع الجهود الدولية المسؤولة من أجل عدم انزلاق الأحداث إلى ما لا تحمد عقباه .
وأوضحت أن تبعات العدوان الذي تقوم به القوات الإسرائيلية قد تسببت بسقوط الآلاف من الضحايا، مشيرة إلى أنه ليس من الإنصاف مساواة الضحية بالقاتل، وأن ما يحدث منذ السابع من أكتوبر لا ينفصل عن تراكمات القهر واغتصاب الحقوق والانتهاكات المستمرة في الأراضي الفلسطينية.
فيديو قد يعجبك: