إعلان

4 حجج.. هل يحارب حميدتي لأجل الديمقراطية؟

04:59 م الأربعاء 19 أبريل 2023

محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي

تحليل يكتبه: أشرف جهاد

أمس الأول، خرج قائد ميليشيا الدعم السريع في السودان اللواء محمد حمدان دقلو "حميدتي"، ليناشد المجتمع الدولي "التدخل الآن" ضد قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان،، الذي وصفه بـ"الإسلامي الراديكالي".

وقال قائد الدعم السريع: "نحن نقاتل ضد الإسلاميين الراديكاليين الذين يأملون في بقاء السودان معزولا وفي الظلام، وبعيدا عن الديمقراطية.

واسترسل: "المعركة التي نخوضها الآن هي ثمن الديمقراطية، نحن لم نهاجم أي شخص، أعمالنا هي مجرد رد على الحصار والاعتداء على قواتنا، نحن نقاتل من أجل شعب السودان لضمان التقدم الديمقراطي الذي تطلع إليه طويلا".

فهل يقاتل حميدتي لأجل الديمقراطية ضد الإسلاميين الراديكاليين في معركة فرضت عليه كما يقول؟

هل فُرضت عليه المعركة؟

وفق التسلسل الزمني، بدأ التصعيد بزحف قوات الدعم السريع للخرطوم ومحاصرتها القواعد الجوية، ومنها قاعدة مروي. التحرك الذي رآه الجيش السوداني عملا عدائيا واستدعاء للسلاح في الخلاف السياسي.

تحرك قوات الدعم السريع ينفي فرض المعركة عليها، لذا لجأ حميدتي لتصدير اتهام من بدأ بإطلاق النار.

تضاربت روايات الفرقاء حول من بدأ إطلاق النار، اتهمت قوات الدعم السريع في بيان الجيش بشن هجوم "كاسح" عليها صباح السبت 15 أبريل. وقالت إنها تفاجأت بقوة كبيرة من القوات المسلحة تدخل إلى مقر تواجد القوات في أرض المعسكرات سوبا بالخرطوم. وأضافت: ضربت القوات السودانية حصارا على القوات المتواجدة هناك ثم انهالت عليها بهجوم كاسح بكافة أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة.

من جهته اتهم الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني الدعم السريع بـ"الغدر والخيانة". وقال: "في مواصلة لمسيرتها في الغدر والخيانة حاولت قوات الدعم السريع مهاجمة قواتنا في المدينة الرياضية ومواقع أخرى".

روايتان لا يمكن التحقق منهما، كلمة أمام كلمة، لا طرف ثالث. لكن تضمن الروايتان أماكن متفرقة لبدء الاشتباك، قد تعني أن الاشتباكات بدأت في أكثر من مكان في أوقات متقاربة. عندما تضع قوتين متصارعتين في نفس المكان، لا يمكنك أن تمنع اشتعال النيران. لذا فإن من بدأ إطلاق النار ليس مربط الفرس، لكن من وضع الثيران في الطرق المتقابلة.

لماذا حرك حميدتي قواته؟

الصراع العسكري جاء ترجمة لخلاف سياسي بين البرهان وحميدتي حول:

خطة ضمّ قوات الدعم السريع التي يبلغ عددها 100 ألف عنصر، إلى الجيش. ومن سيقود القوة الجديدة بعد ذلك، وسيتقلد منصب القائد العام للجيش خلال فترة الاندماج التي ستمتد عدة سنوات.

تقول قوات الدعم السريع إن القائد ينبغي أن يكون الرئيس المدني للدولة وهو ما يرفضه الجيش الذي يريد أن تكون قوة الدعم السريع تابعة له.

فهل أشعل حميدتي الصراع لخلاف على مدنية رأس المؤسسة العسكرية؟

السؤال بهذه الصيغة بحث نوايا، لا يمكن التحقق منه، لكن يمكن أن نعكس السؤال: ماذا يعني ألا يكون وزير الدفاع هو القائد العام للجيش؟

في الحالة السودانية الراهنة، هناك جيش نظامي، وميليشيا عسكرية شبه نظامية، وتزايد الضغوط لدمج الدعم السريع في الجيش، مثل تهديدا كبيرا لقوة حميدتي الشخصية. فبدلا من أن يكون رأسا برأس مع البرهان ولديه قوات يبلغ عددها نحو نصف قوات الجيش النظامي، ترتهن بأمره، ستكون القوات تابعة لوزير الدفاع حتى وإن ظل قائد الوافد الجديد في نفس مكانه، ما يهدد سلطته المباشرة العليا على قوات الدعم السريع. بعكس أن يكون هناك قائد عام مدني من خارج المؤسسة العسكرية، ففي الحالة الأخيرة سيظل للبرهان جناحه ولحميدتي جناحه، ويظل الصراع المكتوم.

هل كانت المعركة ثمنا للديمقراطية؟

على عكس الجيوش النظامية، قوات حميدتي لم تتوقف عن التصوير والتصريح على الهواء، سواء كان ذلك لأغراض الدعاية العسكرية أو لأغراض شخصية. هذه الفيديوهات إلى جانب التصريحات التلفزيونية كشفت تضاربا في الأهداف بين القيادة والقاعدة. وساقت قيادة الدعم السريع سببين للحرب، فيما ساقت قواتها هدفين آخرين مختلفين تماما.

1- الدفاع عن النفس

في بيان 15 أبريل، قالت قوات الدعم إن الجيش شن عليها هجوما كاسحا، و"اعتداء غاشما"، لذا لم يكن أمامها سوى الدفاع عن نفسها. الأمر نفسه ساقه حميدتي في مناشدته للمجتمع الدولي وقال: "نحن لم نهاجم أي شخص، أعمالنا هي مجرد رد على الحصار والاعتداء على قواتنا".

لكن التسلسل الزمني للأحداث يسقط هذا الدفع، فأول من تحرك على الأرض هي قوات الدعم السريع وذلك قبل أيام من الاشتباك، حتى أن الجيش السوداني أصدر تحذيرا من تداعيات هذه التحركات ومخاطرها، خصوصا في محيط قاعدة مروي.

ومع الاستسلام للتضارب في رواية الفرقاء حول من أول من أطلق النار وعدم القدرة على الجزم بصحة رواية من الاثنين، يبقى أن من بدأ الاشتباكات عبر الحصار واضح، وهو الطرف الذي تحرك وانتشر وارتكز أمام قواعد الجيش السوداني.

2- ورقة الاحتلال

مع بدء الاشتباكات واقتحام قوات حميدتي قاعدة مروي الجوية، بدأت مواقع خبرية في التسويق لفيديو يظهر جنودا مصريين في قاعدة مروي. وفي فيديو ساق أحد قادة الدعم السريع الميدانيين كذبة "الاحتلال المصري للقاعدة" وروجت صفحات الدعم واللجان الإلكترونية لهذه الكذبة محاولة اللعب على الشعبوية وإثارة الشعب السوداني.

إلا أن حميدتي نفسه خرج مساء اليوم نفسه ليكذب رجاله، وحاول إصلاح ما أفسده قادته الميدانيين وصفحاته الإليكترونية. وقال إن القوات المصرية بأمان وليست طرفا، ولا علاقة لها بالاشتباكات. وعادت حسابات الدعم السريع على مواقع التواصل لتكذب كذبتها.

3- المساواة والتنقل بين دارفور والخرطوم

في فيديو صور بقاعدة مروي، لإعلان الدعم السريع استمرار سيطرته عليها بعد ساعات من إعلان الجيش استعادتها. قال أحد عناصر الدعم السريع: "إحنا جينا الخرطوم لية يا أخوانا، جينا علشان الزول اللي من دارفور ييجي على الخرطوم ويتعامل عادي، واللي من الخرطوم يروح هناك عادي".

الفيديو القصير أضاف سببا أو هدفا جديدا للحرب، سبب يعني هذه المرة عناصر الدعم السريع أنفسهم، ويخاطب قبليتهم ومشاكلهم القديمة مع العاصمة.

4- المعركة ثمن الديمقراطية

رابع الأهداف والذي يسوق حاليا باعتباره الهدف الأول، هو أن التحرك العسكري من الدعم السريع جاء لإجبار البرهان على استكمال المسار الديمقراطي، الذي يتلكأ فيه. فهل هذا صحيح؟

حتى بداية الاشتباكات، لم يغلق باب المفاوضات في محاولة للتوافق لتحويل الاتفاق الإطاري لاتفاق سياسي نهائي، رغم الفشل في توقيعه في الموعد المحدد 6 إبريل.

كان هناك خلافات بين المكون المدني، حول التمثيل وضم قوى مدنية جديدة. وخلاف بين المكون العسكري بشأن ملف الإصلاح الأمني والعسكري، وخطة ضمّ قوات الدعم السريع إلى الجيش، ومن سيقود القوة الجديدة، وسيتقلد منصب القائد العام للجيش.

ظلت الخلافات كما هي دون حل، فتأجل التوقيع. قبل أن يتحول خلاف الجنرالين المتحالفين الذين كانا يثقان في بعضهما ثقة كبيرة، إلى عداء كبير ترجم بمعركة على الأرض. عداء ومعركة بين فريقي المكون العسكري، لا دخل للمكون المدني الديمقراطي بأي منها، حتى لو استدعى كل طرف مطالب المكون المدني وسط رصاص المعركة، فعندما يحضر السلاح في حرب أهلية لا تستفيد الديمقراطية بأي حال.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان