استمرار الهدنة في السودان على الرغم من تقارير عن خروقات
الخرطوم - (بي بي سي)
يبدو أن وقف إطلاق النار في السودان مازال قائما، على الرغم من ورود تقارير عن إطلاق نار وقصف جديد.
وهذه هي رابع محاولة لوقف القتال، الذي اندلع في 15 أبريل الجاري، ولكن الطرفين لم يلتزما بالهدنات السابقة.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن هدنة الـ72 ساعة قد اتفق عليها بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بعد 48 ساعة من المفاوضات.
وتواصلت عمليات إجلاء الدبلوماسيين والرعايا الأجانب والمدنيين من السودان خلال فترة الهدنة المعلنة.
وهبطت في قبرص أول طائرة تحمل رعايا بريطانيين تم نقلهم من السودان في إطار عملية إجلاء متواصلة تقوم بها السلطات البريطانية.
ومن المتوقع وصول طائرتبن أخريين خلال الليل، كجزء من محاولات الجيش البريطاني لإجلاء المئات خلال هدنة الـ 72 ساعة في البلاد التي يمزقها الاقتتال بين الأطراف المتصارعة.
وعلمت بي بي سي أن 39 شخصا كانوا على متن أول رحلة، وأن العدد الكلي المتوقع نقله الليلة يصل إلى 260 شخصا.
ولقي ما لا يقل عن 459 شخصا مصرعهم في الصراع حتى الآن، على الرغم من أنه يُعتقد أن العدد الفعلي أعلى من ذلك بكثير.
وأكد الجانبان أنهما سيوقفان الأعمال العدائية.
لكن تغريد عابدين، التي تعيش على بعد 7 كيلومترات من وسط العاصمة الخرطوم، قالت إنها سمعت قصفا قريبا من منزلها صباح الثلاثاء رغم الاتفاق.
وقالت لبي بي سي: "حدث قصف وإطلاق نار، وهذا هو الوضع الآن".
وأضافت "من الواضح أن وقف إطلاق النار لم يلتزم به".
واتهمت قوات الدعم السريع الجيش بانتهاك الهدنة من خلال "الاستمرار في مهاجمة الخرطوم بالطائرات".
وقال متحدث باسم الجيش لشبكة سكاي نيوز عربية إن قوات الدعم السريع كانت مسؤولة عن "اقتحام السجون" بعد أنباء عن إطلاق نار في بورتسودان.
وفي تطورات أخرى، حذرت منظمة الصحة العالمية من "مخاطر بيولوجية كبيرة" بعد أن استولى المقاتلون على مختبر يعتقد أنه يحتوي على عينات من الأمراض، بما في ذلك شلل الأطفال والحصبة.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن المعارك في السودان قد تتسبب في "اندلاع عنف شديد" يمكن أن يجتاح المنطقة بأسرها وما وراءها.
وطلبت السلطات من سكان العاصمة الخرطوم التي تدمرت بنيتها التحتية، منذ بدء أعمال العنف، البقاء في داخل منازلهم، كما أن إمدادات الغذاء والماء آخذة في النفاد ما أجبر بعض الناس على الشرب من نهر النيل.
وقال الأمين العام لاتحاد أطباء السودان الدكتور عطية عبد الله عطية، إن الإمدادات الرئيسية في المستشفيات تنفد وتكافح المستشفيات من أجل التكيف مع الوضع.
وسارعت الدول إلى إجلاء الدبلوماسيين والمدنيين مع احتدام القتال في الأجزاء الوسطى المكتظة بالسكان في العاصمة.
وستكون هناك آمال في أن يسمح وقف إطلاق النار الأخير للمدنيين بمغادرة المدينة. وتأمل الحكومات الأجنبية أيضا في السماح باستمرار عمليات الإجلاء خارج البلاد.
وأجلى العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وكذلك الدول الأفريقية والآسيوية، المئات من مواطنيها، بينما أعلنت الحكومة البريطانية أنها ستبدأ في إجلاء حاملي جوازات السفر البريطانية وأفراد الأسرة المباشرين اعتبارا من يوم الثلاثاء.
وقال بلينكن الاثنين إن بعض القوافل التي تحاول إخراج الناس واجهت أعمال "سرقة ونهب". كما أكدت وزارة الخارجية المصرية مقتل ملحق أثناء توجهه إلى السفارة بالخرطوم.
وتستعد الأمم المتحدة لنحو 270 ألف شخص يتهيؤون للفرار من السودان إلى جنوب السودان وتشاد المجاورتين.
وعانى السودان من "انقطاع شبكة الإنترنت" الأحد وسط القتال، لكن الاتصالات استعيدت بعد ذلك جزئيا، وفقا لمجموعة المراقبة المعروفة باسم نيتبلوكس.
وتشير التقديرات إلى أن عشرات الآلاف من الأشخاص، من بينهم مواطنون سودانيون ومن دول مجاورة، فروا بسبب الاضطرابات.
وكان من هؤلاء الفارين حسن إبراهيم البالغ 91 عاما. ويعيش الطبيب المتقاعد بالقرب من المطار الرئيسي في الخرطوم، حيث دارت بعض أسوأ المعارك، لكنه خاض منذ ذلك الحين رحلة محفوفة بالمخاطر إلى مصر مع أسرته.
وقال لبي بي سي إنه هو أسرته نجوا من الوقوع في الاشتباكات بين مقاتلي الدعم السريع والجيش، لكن سيارة كانت تسير خلفهم أصيبت.
واستقلت الأسرة بعد ذلك حافلة متجهة إلى الحدود، واستغرقت رحلتهم 12 ساعة، ثم ووجهوا بمشاهد "مزدحمة وفوضوية" حينما كان الناس ينتظرون السماح لهم بالدخول.
وقال إبراهيم: "كان هناك الكثير من العائلات التي لديها أفراد مسنون وأطفال ورضع. السودانيون يفرون من البلاد - إنها حقيقة محزنة".
أما إيمان أب قرجة، طبيبة أمراض النساء البريطانية-السودانية التي تعمل في المملكة المتحدة، فكانت تزور الخرطوم مع أطفالها عندما بدأ القتال، وأجليت إلى جيبوتي على متن رحلة نظمتها فرنسا. ومغادرتها السريعة تعني أنها لم تكن قادرة على توديع والدها المريض ولا والدتها أو أختها.
وقالت إيمان لبي بي سي: "البلد متسخ، وهناك نفايات تنتشر في كل مكان. مياه الصرف الصحي تفيض برائحتها، وسينشر هذا المرض، ولن يكون هناك مستشفى للذهاب إليه".
وأضافت: "نحن لا نرى سوى الموت والدمار والعوز."
وكانت المعارك قد اندلعت بشكل أساسي في الخرطوم بين فصائل الجيش وقوات الدعم السريع من أجل السيطرة على ثالث أكبر دولة في أفريقيا.
وجاء ذلك بعد أيام من التوتر بعد إعادة انتشار عناصر من قوات الدعم السريع في جميع أنحاء البلاد في خطوة اعتبرها الجيش تهديدا.
ويدير السودان منذ انقلاب عام 2021 مجلس جنرالات بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، قائد القوات المسلحة ورئيس البلاد في الواقع، ونائبه هو زعيم قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي.
ونشب خلاف بينهما بشأن الاتجاه الذي تسير فيه البلاد، والتحرك المقترح نحو الحكم المدني.
وتتمثل النقاط الشائكة الرئيسية في خطط ضم قوات الدعم السريع، التي يبلغ قوامها 100 ألف فرد إلى الجيش، ومن سيقود القوة الجديدة بعد ذلك.
واتهم دقلو حكومة البرهان بأنها "إسلامية متطرفة"، ويقول إنه هو وقواته "يقاتلون من أجل شعب السودان لضمان التقدم الديمقراطي الذي طالما تاقوا إليه".
ويجد كثيرون صعوبة في تصديق هذه الكلام، نظرا للسجل الوحشي لقوات الدعم السريع.
وقال البرهان إنه يدعم فكرة العودة إلى الحكم المدني، لكنه لن يسلم السلطة إلا إلى حكومة منتخبة.
فيديو قد يعجبك: