انشقاق قيادات وجثامين على الطرقات.. مجازر الجزيرة السودانية تتصاعد
كتبت- سلمى سمير:
منذ أواخر أكتوبر الجاري شهدت ولاية الجزيرة في السودان تصعيدًا عنيفًا جديدًا للأزمة المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مع شن الأخيرة مجازر عنيفة غير مسبوقة استشهد على إثرها المئات في الولاية الواقعة وسط السودان.
تصدرت عدة أوسمة على مواقع التواصل الاجتماعي مثل "أنقذوا ولاية الجزيرة" و"الجزيرة تباد"، وذلك بعد سلسلة من المواجهات والاعتداءات التي طالت قرى ومناطق أخرى بالولاية، التي افترشت بجثامين أشخاص يصعب التعرف على هوية كثيرين منهم إضافة إلى حالات اغتصاب باتت متكررة تدفع لتسليط الضوء على الأوضاع الإنسانية المتدهورة في ظل الحرب المتواصلة.
بداية المجازر
بدأت حدة التوتر 21 أكتوبر الجاري بقصف جوي طال مسجد "الشيخ الجيلي" في مدينة ود مدني في حي غربي بالمدينة، استشهد على إثره 31 شخصًا على الأقل بينهم أطفال ومسنون بينما كان المصلون يؤدون صلاة العشاء.
ووفقًا للجان مقاومة ود مدني، تم استهداف المسجد باستخدام قنابل، مما أسفر عن سقوط ضحايا لا زالت بعض جثثهم مجهولة الهوية بسبب شدة الانفجار، وعبرت اللجان عن سخطها واصفًة الحادث بأنه جريمة ضد الإنسانية وتجاوز صارخ للقوانين الدولية التي تفرض حماية المدنيين وأماكن العبادة في زمن الحرب.
لم تقتصر أعمال العنف على ود مدني، إذ شنت قوات الدعم السريع هجمات على قرى شرق الجزيرة في الأيام التالية، واستهدفت هذه الهجمات بلدات تمبول ورفاعة، حيث استشهد العشرات وأصيب آخرون بينهم حالات خطيرة.
انشقاق القيادات
جاء الهجمات المستعرة بعد انشقاق قيادات من قوات الدعم السريع وانضمامهم إلى الجيش السوداني، مما جعل قرى شرق الجزيرة هدفًا للانتقام من قبل القوات المنشقة، وأبرزهم أبو عقلة كاكل، الذي كان يتمتع بنفوذ كبير في شرق الجزيرة بسبب علاقاته الاجتماعية والسياسية.
وانضم كاكل إلى الجيش السوداني، ما أدى إلى تصعيد التوترات وتوجيه ضربات انتقامية ضد المناطق التي كانت تحت حماية قيادات الدعم السريع المنشقة، وتعد هذه الانشقاقات أحد الأسباب التي دفعت قوات الدعم السريع إلى شن عمليات انتقامية ضد قرى شرق الجزيرة، لا سيما أن كاكل انشق بعد محاولات عديدة لاستمالته بالوعود أو التهديد، وذلك بعدما أبدى امتعاضه من الأوامر التي أصدرها قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وتُعد انشقاقات القادة الميدانيين في قوات الدعم السريع، وعلى رأسهم القيادي البارز أبو عقلة كاكل، ضربة استراتيجية للميليشيا بقيادة دقلو، إذ يكشف هذا التمرد عن تصدعات داخلية بدأت تنعكس على أرض المعركة، خاصة بعد كاكل، الذي حظي بعلاقات قوية في شرق ولاية الجزيرة ويُنظر إليه على أنه شخصية محورية تجسد الانشقاق المتزايد عن هيمنة حميدتي، والذي يسعى للسيطرة على مناطق واسعة بالسودان، بما في ذلك المناطق الاقتصادية المهمة على الساحل السوداني.
الوضع الإنساني المتدهور
تصاعد العنف أدى إلى نزوح كبير للسكان، حيث بدأ المدنيون في النزوح من المناطق التي تشهد اشتباكات متكررة خشية أعمال عدائية تطالهم وذويهم، أو ظروف متدهورة يصعب العيش خلالها، مع إشارة منظمة حقوق الإنسان إلى انتهاكات طالت جميع جوانب الحياة اليومية، بما في ذلك تدمير البنية التحتية الحيوية والمستشفيات والمنازل في عدد من القرى مثل رفاعة.
كما أكدت لجان المقاومة توثيق حالات اعتقال وتعذيب لمدنيين من قبل الدعم السريع بعد اتهامهم بالولاء للقادة المنشقين.
على جانب آخر ورغم أن التقارير الأولية تشير إلى استشهاد نحو 300 شخص، إلى أن تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن أعداد الشهداء والنازحين أكبر بكثير مما هو معلن، خاصة في ظل محدودية الوصول إلى بعض المناطق المتضررة بسبب حواجز الدعم السريع التي تمنع دخول فرق الإغاثة.
فيديو قد يعجبك: